دق قلب فارس بقوة حينما رأها واراد ان يمطرها بعشرات الاسئلة لولا انه ادرك ان اخاه الاصغر علاء قريب منه فتمالك اعصابه وحاول ان يخفي ارتباكه وقال : تفضلي
.. سارت المرأة المقنعة ياسمين الى داخل البيت وعلاء يراقب المنظر بفضول فهو لم يعتد على رؤية امرأة مقنعة بهذا الشكل ...جلست ياسمين على الكنبة وطلب فارس من علاء ان يذهب ويطلب من الوالدة تحضير القهوة وباشارة واضحة ان يتركهما لوحدهما...جلس فارس واخذ ينظر بتمعن الى ياسمين من راسها الى اخمص قدميها وقال بصوت هادىء ومرهق :كيف حالك يا ياسمين ؟
-فقالت :انا جيدة ، كيف حالك انت يا فارس ..؟ اين اختفيت منذ يومين ؟
-ابتسم فارس ورمق ياسمين بنظرة حادة وقال : كنت في رحلة الى جزر القمر ..!
-فقالت :وين هاي جزر القمر ؟
-فقال :في حجز شرطة طبريا يا ياسمين ...
-فقالت:وماذا كنت تفعل هناك ؟
-فقال:اسألي نفسك ماذا كنت افعل ؟
-قالت:وما دخلي انا.. وكيف بدي اعرف شو كنت تعمل؟
-فقال:مسكينة انت ما دخلك بشي ، لا بالقبور ولا بالجماجم وحتى الاشعار المنقوشة على القبور لا دخل لك بها ...!
-فقالت مستفزة :شو يا فارس ارجعنا نحكي على القبور والكلام الفاضي ؟
-فقال : بسببك كدت ان ادخل السجن لسنوات طويلة والله اعلم ماذا سيحدث معي .
-فقالت غاضبة :وما دخلي انا ، أهذا لاني تاخرت عليك ، لم يكن الامر بيدي والا لما تاخرت.
-فقال فارس :حسب الكلام المنقوش على القبر انا الذي تاخرت ولست انت ...
-فقالت: فارس لماذا تصر على ان تحدثني عن القبور ما دخلي انا بهذا ؟
-فقال :ما دخلك انت ؟ اليس هذا المكان الذي تسكنينه ؟ الم تذهبي الى هناك وتتركيني انتظرك ساعات حتى اضطررت ان اجن وادخل المقبرة ...ولحسن حظي اني وصلت متاخرا والا لفتحت القبر ، وقبض علي وسجنت لعدة سنوات.
-فقالت ياسمين :ماذا تقصد ، هل انت مجنون ، مادخلي انا بهذا الجنون الذي تتحدث عنه ...انا حينما تركتك ذهبت الى طبيب نساء وتأخرت عنك رغما عني ، وان واصلت حديثك بهذه الطريقة المجنونة فنصيحتي لك ان تذهب الى طبيب نفسي ليعالجك ، لانك تحلم اكثر من اللازم وترى اشياء لا وجود لها الا في خيالك ...أكل هذا لانني ارتدي الخمار ..؟ ساخلع الخمار يا فارس ...ساخلع الخمار ان كان هذا سيخرجك من جنونك ...
-فقال فارس :هيا افعلي هذا ..
-فقالت :أمصر ....
-فقال: ها انا انتظر...!
-فقالت :ولكن ان فعلت هذا فلن تراني الى الابد ..
-فقال :ان لا اراك خيرا من ان اراك وانا لا اراك .
-قاطعته قائلة :يا فارس انا جميلة لدرجة لا توصف وجمالي ليس من هذا الزمان ...وان رأيتني الآن ستندم طوال عمرك ...انصحك للمرة الاخيرة ان تصبر حتى يحين الوقت .
-فقال :لا يهمني هيا نفذي ما قلت يا ياسمين ..
-فقالت :اآه لو علمت عدد السنوات التي انتظرت قدومك بها لغيرت رأيك .
-فقال :لا اريد ان اعلم شيئا فقط اريد ان أراك وانهي هذه اللعبة .
-فقالت وبنبرة حزينة : آه يا مخلصي لو كنت تعلم ما تخفيه لك الايام لما عجلت بنهايتي ونهايتك .
-فقال فارس :اسمعي يا شاعرة القبور والجماجم لن تؤثري عليّ بكلامك ...الان اما ان تخلعي هذا الخمار واما ...
فقالت :واما ماذا ؟
فقال :سامزقه بيدي ,واخرجك منه بالقوة ...
-فضحكت ياسمين مستفزة فارس :ان كنت تستطيع فلم لم تفعل هذا بالسابق ...هيا افعل هذا الان ووفر الوقت علي وعلى نفسك ...هيا هل انت خائف ..تحرك يا فارس لا تخف ...نفذ كلامك ...
استفز فارس وغضب ووقف واقترب من ياسمين ومد يداه ليمزق الخمار....وصوت ضحكات ياسمين تستفزه اكثر واكثر وكأنها تدفعه ان يفعل ويمزق فارس الخمار بقوة ليرى ماذا يخفي هذا الخمار وما ان ينهي حتى يعود الى الوراء عدة خطوات وعيونه متسمرة باتجاه ياسمين التي ما زالت تضحك ويجلس مسترخيا على الكنبة شارد الذهن لا يقوى على الحراك وما زالت عيونه متسمرة باتجاه ياسمين ويصحو على صوت اخاه الاصغر" علاء" الذي يناديه يناديه:
فارس ..فارس..سلامة عقلك خذ واشرب القهوة ..بس وين صاحبتك "النينجا" راحت.؟
شقشق فارس عينيه وجال فيها انحاء الغرفة وفركها وسأل اخوه علاء عن ياسمين" وين راحت وين اختفت" .."كيف طلعت ومن وين طلعت..؟!"
فرد علاء كيف طلعت اكيد طلعت من الباب .....
نهض فارس مسرعا دون ان يأبه بعلاء الذي ما زال يحدثه واستقل السيارة وانطلق بها يشتم ويلعن ياسمين بكل الشتائم التي عرفها في حياته..دار بالشوارع حتى هدأ من غضبه واخذ يستعيد احداث الصالون من لحظة دخولها الى لحظة وقوفه وتمزيق الخمار ولكن لم يستطيع ان يتذكر ماذا رأى خلف الخمار واخذ يتمنى ان يرى ياسمين ولو للحظة واحدة فقط ليقول لها اذهبي الى جهنم واياك ان اراك او اسمع صوتك ..ولا اريد ان اعرفك ولا يهمني من انت ..فانت مجرد مريضة..مجنونة تعشق القبور والجماجم ..تختفي خلف قناع اسود لتخفي خلفه قباحة لا مثيل لها..او انت مصابة بمرض الجدري..مقرفة لدرجة تثير الاشمئزاز ..او انت ممسوخة على شكل خنزير بري.. واخذ فارس يتخيل فعلا لو انها على شكل خنزير واثار هذا المنظر الضحك في نفس فارس وهدأ من روعه واتجه الي الناصرة الى مكتبه ودخل واخبر السكرتيرة ان سأل عنه اي شخص فلتخبره انه لم يأت وان لا تحول له اية مكالمة مهما كانت مهمة..
وردت السكرتيرة بكلمات"حاضر يا استاذ فارس" ولكن هناك امرأة في الداخل تنتظرك منذ وقت
نظر اليها فارس وقال من هي ..؟
فابتسمت السكرتيرة واشارت بيديها بما معناه انها لا تعرف فشعر فارس من اسلوب السكرتيرة الساخر بانها تتحدث عن ياسمين"المقنعة" ودخل فارس بهدوء حتى لا يثير الارتياب ..وما ان دخل حتى رأي ياسمين تجلس على مكتبه وتقرأ اوراقه وكأنها صاحبة المكتب وكأنه هو الضيف بحيث لا تأبه بوجوده فجلس فارس على الكنبة واخذ ينظر الى ياسمين وتبسم ..فرفعت ياسمين رأسها
وقالت بهدوء :كيفك يا فارس..ليش متأخر لهلأ .
فقال لها فارس: والله يا ست ياسمين لو بعرف انو حضرتك موجودة ما كنت تأخرت.
فقالت: طيب مرة ثانية ما تتأخر.
-فابتسم فارس وعادت ياسمين تقرأ الاوراق ومن ثم قالت
:فارس قديش معك فلوس؟
-ضحك فارس وقال :ليش بتسألي ؟
-فقالت:جاوبني اول؟
-فقال فارس:الحمد لله من يوم ما شفتك وانا شايف الخير ..اساليني قديش انا مديون على شأن اقدر اجاوبك.
-فقالت: انا بعرف انك مديون بس قديش بتقدر تدبر فلوس.؟
-فقال:مليح اذا بقدر ادبر بنزين سيارة.
-فقالت:لا انت بتقدر تدبر "520 الف شيكل".