الجمال ...
سمة واضحة في الصنعة الإلهية
فحيثما إتجهت ببصرك فثمة هناك ما يجذبك فينعشك أو ينبهك فيدهشك
فالجمال موجود ولكن ألفة الناس لهذا الجمال جعلها عادية
وأن الجمال أصل في الكون ويسير معنا في التيار فهو غير مرئي إلا لمن ينتبه له
فالجمال فينا ومن حولنا يظهر ذلك باستيقاظ النفوس لترى هذاالجمال
والقرآن يدعونا لذلك بإشاراته الإبداعية في آياته القرآنية , وصوره الجمالية في سوره القرآنية .
تأمل الليل الهادي وصفاءالسماء وتلألؤ النجوم
تأمل القمر وضياءه الفضي ينساب في كل الجنبات
تأمل الشمس وإشراقاتها وهي تلامس خيوطها الذهبية تلك اللآلئ البراقة من الندى
تأمل الورود وهي تتفتح عن ألوانها وأريجها , وعن تلك الفراشات السابحة ,
وعن خرير المياه المتدفق الرقراق وانسياب الأنهار .كيف تتهادى وسط النجوم ؟
تأمل خيوط الحرير , وصلابةالصخور والإنسان المتأمل ....
تأمل كل هذاترى الإعجاز في الكامن والكائن , والقرآن الكريم يسجل هذه اللحظات الجمالية لبديعصنع الخالق في قوله تعالى :
(الذي أحسن كل شئ خلقه) (السجدة7).
والإحسان بلوغ الغاية في أداء المهمة التي أعد لها لهذا الشئ وهو في الوقت نفسه تأكيد للجانب التحسيني والجمالي
ما يؤكد أن الجمال مقصود في ( أحسن كل شئ )
ولو لم يكن الأمر كذلك لكان في قوله :
(صنع الله الذي أتقن كل شئ) (النمل 88)
إن عنصر الجمال لمقصود قصدا في هذا الوجود
فإتقان الصنعة يجعل كمال الوظيفة في كل شئ , يصل إلى حد الجمال
فالكون يدور على ساعة منضبطة على أجزاء من الثانية فكل الكائنات من الذرة إلى المجرة لها دوراتها وحركاتها المحسوبة ,
وكل الأنفس لها أنفاسها المعدودة لأماكن محدودة
فالكون كله منضبط على نبضات محسوبة ومعدودة
داخل الدائرة الكربونية على مسافات الومضات الكونية من خلال سرعاتها الضوئية ,
وهي في تسبيحها تسبح وتسبح لمبدعها وخالقها من خلال إيقاعاتها الخاصة
مستمدة أنشودتها من الأنشودة الكونية الخالدة ومن خلال الإيقاعات الجمالية الصادرة منها
أنظر إلى ذرة من الثلج تحت لمجهر ....
تر بناءا هندسيا هو الجمال بعينه , وأشياء مجهرية أخرى
ترى جمالا هندسيا ولوحات تجريدية متناسقة ,
وقد كانت العين عاجزة عن الكشف عنها إلا بالمجاهر الألكترونية
وهذا الجمال كان موجودا وهو أصل في بناء الخلق
ولهذاأقسم رب العزة بما نبصره وما لا نبصر في قوله تعالى :
(فلا أقسم بما تبصرون , وما لا تبصرون) (الحاقة 38-39)
فما نبصر وما لا نبصر من خلق الله
ومن الخطأ أن نعتقد أن للجمال مقاييسه الحسية وحدها،
تلك التي تقع عليها العين، أو تسمعها الأذن، أو يشمها الأنف، أو يتذوقها اللسان، أو تتحركلها لمسات الأطراف العصبية
فالجمال مادة وروح ، واحساس وشعور، وعقل ووجدان
والإسلام سما بالقيم الجمالية، ورفع من شأنها، وأحاطها بسياج منالعفة والنقاء والطهر
وفتح الباب واسعاً أمام الإبداعات الفنية والأدبيةالخلاقة
فالحسن والجمال مقصود في الكون والإنسان والأشياء
والجمال مقصود في أصل البناء الكوني ينحو نحو الكمال والتعبير عن الكمال يكون عن طريقالجمال فلا صدفة في هذا الوجود ...
فكل شئ خلق بقدر...
اعجبني ...