متنبي الشعر الشعبي
عبد الحسين الحلفي, وجه بصري طيب رغم ما يحمله من الم, نحيف كأي نخلة,لا يكف فمه عن اخراج الدخان بسبب سجائره المتتالية يرفض في البدء مخاطبته بكلمة استاذ, فعلى الرغم من ثقته بنفسه - والتي يرفض ان يسميها نرجسية التي دعته ان يعتلي المنصة في احدى المهرجانات ويقول"انا شاعر الدنيا والاخرة" انه الشاعر الوحيد الذي سيقرأ شعراً شعبيا في يوم القيامة عبد الحسين الحلفي بديباجة ملمعة بالالم وسهولة كلمات وافكار جديدة لم يطرحها الشعراء من قبله, قال يوما جملة وقفوا عندها:
- ماكو شاعر شعبي بصري ما طلع من جوة ردان عبد الحسين!!
قلت له وفلان؟ قال ايضا خرج من تحت "رداني" وفلان وفلان وفلان.
انه حفظه وكتابته للشعر العمودي القريض,والنثر والتلحين, اضافة الى اجادته التامة للعروض الشعري والنحو, وقرائته للروايات العالمية- للاسف هناك نظرة من الجمهور هو ان الشاعر الشعبي غير مثقف - لكن اجلس قرب عبد الحسين نصف ساعة وستتفاجأ بهذا"الطركاعة "حسب تعبير الجيزاني
عبد الحسين الحلفي ابكى واضحك في آن واحد
ومما ابكى فيه
ايام غربة قهــــر نــــيران ويشلـوطن
ودكات كلبي عرك احــــاه علن ها وطن
شيطان وسوس الي وبراسي دندن وطن
خلاني عفت الاهل بيت وتركته وارض
كتلة دريض ولك بس ما تـــــهدة ورض
بالغربة حطوا الي بكل كتر كسر ورض
ومن كطعوني وصل كل وصلة صاحت وطن
واثار اعجابنا في ابوذيات لم تطرق مسامعنا بمواضيعها المبتكرة ,تضاد ومفارقة عجيبتين:
ها تــــــعبني حبك ها اذاني
دخت ها يا صلاتي ها يذاني
اكول التوبة ما احب هاي اذاني
اهد ذاني ويرد حبك علية
وغيرها الكثير الكثير,حتى انه ادخل ثقافته الفلسفية في الابوذية:
بنا قصورة بس لاتظن بنا دام
جرحنا لجن ما بين بنا دام
ابن حوا مو شرط يطلع بن ادم
لان حوا اطلعت موش ادمية
ثم يشرح ما يجري في العراق ,بقصيدة قصيرة:
بعهد صدام جام البيت مكســور
ومن البرد ليلـــــــــــك ما تنامه
هسه البيت زين وصار بيه جام
بس كلب العراقي انكــسر جامه
الكراسي كاعده فوك الـــكراسي
لان ماكو زعيم ولا زعامــــــــه
ذله بذلة نكضي الليل ما ننــــــام
والبصبح بالمدرسه ندرس كرامه
ووالدنه الوطن بابا نــــــــــسميه
شو بابا عدل وحنة يـــــــــــتامه
عجيب شكد ايمة يا وطن بيــــك
ووجهك للرحم ما بيه علامـــــه
عجيب وبيك ابو فاضل العباس
عند جف ولا عندك شهامــــــه
ممنوع التجول يا وطن بيـــــك
لان حتى الدرب ساحب اقسامه
وشمل منع التجول حتى العظام
والدم ماكدر يمشي بعظامــــــه
حمام الناس ونته يا وطن حوم
منك ما اظن تسلم حمامــــــــة
انت بروفيسور بقبض الارواح
وعزرائيل الك دنك الهامـــــــه
يوميه قيامه يا وطن بيـــــــــك
اذن كلش سهل يوم القيامـــــه
اثار اعجابنا هذا الحلفي بصراحة وادهشنا في نفس الوقت,وعرفنا وقتها لسلطان الشعر,ستة اصابع نحيلة واقصد بالسادس هو السيجارة,كان ودوداً, رغم ما يحمله وجهه من صرامة,مع قصره النسبي تشعر بأن لا توجد هناك قامة شعرية توازيه,سأل هل انت مغرور؟ رد:
-نعم انا مغرور كالمتنبي.
الاّ ان الذي اثار استغرابنا هو ان شاعراً بقيمته لم يمتطي وسائل الاعلام,
كما فعل غيره,هناك الكثير ممن يعرفون الحلفي لكن ليس بمستواه الشعري,فأي شخص لو كان في مكانه لقلب الدنيا رأساً على عقب,يكفي الحلفي فخراً انه لم يمتدح صدام, ولم يكتب قصائداً هابطة ويكفيه فخراً انه الان في زمن الرشاشات والاسلحة المختلفة وسيارات الاغتيالات,استمر بتعرية بعض المحسوبين على العراق بقصائد مختلفة- وقال لدي هذه القصائد لكنني لم انشرها خشية على ذلك العراق الصغير-,هناك شعراء يقلدون الحلفي ويسرقون منه,ومنهم من يتجولون معه لكي يصحح قصائدهم ويرتبها, لذلك تجد في كل شاعر بصري جزء من عبد الحسين الحلفي,عبد الحسين الحلفي بعد ان كبرت قريحته الشعرية واتسعت بشكل لا يصدق ,ضاق المريء فلا يتناول الا السوائل والسجائر طبعاُ,جعلته نحيلاً جداً,كناي نحيف,لست هنا بمحضر اعلان عن عبد الحسين الحلفي,او ربما يظن البعض تزلفاً له او ما شابه فأن عبد الحسين الحلفي مع ثقته العالية بنفسه تحس به اقرب انسان اليك,لكن انا هنا لاشير الى منجم قوافي لا ينضب,والى عراقي قبل ان يكون اي شيء اخر,لئلا تضيع موهبته كألاف الشعراء العراقيين لانهم العراقيين بينما نهز رؤوسنا طرباً لعبد الرحمن بن مساعد او الابنودي.
الحلفي لم يتزلف الى ناقد,او محرر صفحة شعبية او اتحاد الشعراء البعثيين بنسخه الالف,فهو ما ان يكتب القصيدة حتى تنتشر انتشار النار في الهشيم,
ونراه هنا يخاطب حبيبته بصيغة المذكر
صراير عشك روحي وكصرتلك
ونفس وكت المنازع وك صرت لك
طويل واعلى منك واكصرتلك
حتى تلوح من تبوس ادية
فهذا هو العاشق الجبار,
اما العاشق الذليل ولا ذلة في الحب
عدل صوبك جدامي جر عدل لك
وادليك بحجي المر جرعدلك
اثكل كافي بسك جر عدل لك
زعلت؟لاتجر عدل حقك علية
هذا هو الحلفي!!!!
ارجوا ان تكونوا قد تعرفتم على نبذة مختصرة عن حياة هذا الشاعر الرائع
وعن بعض اعماله
مع تحياتي للجميع