السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم :
سيرة وضاءة ... وتأريخ مشرف
بقلم : عبد الكريم الصراف
كُتب الكثير الكثير عن مؤسس الجمهوريه العراقيه الزعيم الوطني الخالد عبد الكريم قاسم لكن اغلب ما كتب عنه كان في عقود التزييف حيث سخر الطغاة تاريخ العراق طبقاً لاهوائهم فحاولوا عن عمد تشويه صورته وتهميش دوره الوطني الوضاء واجد انه قد بات لزاما على المثقفين الوطنيين تقديمه لاجيالنا الباحثه عن الحق والحقيقه ولمناسبة الذكرى 45 لمؤمراة شباط السوداء1963والتي استشهد من جرائها هو ونخبة وطنية من خيرة رجال العراق نحاول ان نقدم لمحات لسيرة هذا القائد النبيل الذي عاش بأباء ومات بكبرياء وخرج من الدنيا وليس له منها سوى قميصه الملطخ بدم الشهاده .
ولد الزعيم عبد الكريم قاسم في 21 تشرين الثاني عام 1914 في محلة المهديه ببغداد من ابوين عربيين فوالده هو قاسم محمد البكر الزبيدي ووالدته كيفيه حسن اليعقوب التميمي .
نشأ عبد الكريم في بيئه فقيره فقد كان والده عاملا في محل للنجاره وعندما ساءت احواله المعاشيه اضطر للانتقال الى الصويره للعمل في مزرعة شقيقه علي محمد البكر الضابط في الجيش العثماني والذي استشهد دفاعا عن بغدادضد الاحتلال البريطاني عام 1917 ولم يخلف سوى بنت واحده تزوجها المرحوم حامد قاسم .
دخل عبد الكريم المدرسه الابتدائيه في الصويره واكمل فيها الصف الرابع عندما عادت عائلته لتسكن ذات محلتها الشعبيه الفقيره ولطالما اكد الزعيم انتمائه للفقراء حيث قال ( اني ابن الفقراء ، شخص فقير عشت في حي الفقراء وقاسيت زمنا طويلا مرارة العيش ولكننا نملك الغنى غنى النفس وكنا نملك الغنى غنى الاباء ).
اكمل عبد الكريم دراسته الابتدائية في مدرسه الرصافه عام 1926 وانهى دراسته الاعدادية / الفرع الادبي في الثانوية المركزية ببغداد عام 1931 .
تحت وطأة الظروف المادية الصعبة سعى للتعيين بوظيفة معلم بوزارة المعارف وعين معلماً فى مدرسة الشامية بتاريخ 22/10/1931 وقد ذكر الزعيم ممارسته في خدمة التعليم في الخطاب الذي القاه في المؤتمر الاول للتربيه والتعليم في 15 ايلول 1960 حيث قال (( مازلت ذلك الفرد البسيط من زمرتكم زمرة التعليم فقد سبق وان اشتغلت بمهنة التعليم مده من الزمن وخبرتُ بنفسي الصعوبات التي يعانيها اخواني واخواتي المعلمون والمعلمات )) .
التحق بالكليه العسكرية في 15\9\1932 بعد تركه مهنه التعليم وتخرج برتبة ملازم في . نيسان1934تدرج بالرتب العسكرية وعمل بكفاءة ونزاهه في مختلف الوحدات العسكريه ودخل كلية الاركان في24\1\1940وتخرج في 11\12\1941 ونال الدرجة أ وقدماً لمدة سنتين وحصل على جائزة المتفوقين في امتحان اللغة الانكليزيه .
ساهم في حرب فلسطين بين عامي 1948 ـــ 1949 وكان برتبة مقدم ركن امرا للفوج الثاني ثم الفوج الاول في اللواء الاول في منطقة كفر قاسم وابلى في فلسطين بلاءً حسناً وابدى شجاعة نادرة واسطورية كانت مثار اعجاب الجيوش العربية بحيث اضطرت القياده العسكرية الاسرائيليه الى طبع منشورات وتوزيعها على جنوده تحثهم فيها على التمرد وعدم الامتثال لأوامر قائدهم لانه حسب زعمهم سيودي بهم الهلاك من خلال عملياته الاقتحامية الشجاعه وكان عبد الكريم قاسم الضابط الوحيد الذي اضطرت القياده الاسرائيليه لطبع منشورات ضده.
شارك في عام 1950 في دورة الضباط الاقدمين في انكلترا وحصل على تقدير ممتاز وعن دراسته هذه يذكر احد الكتاب قائلا : &nb sp;
كان الحصول على الشهاده في كليه الحرب البريطانيه املاً وامتيازاً لما لها من سمعه عسكريه ودراسه طوبغرافيه الميدان في القتال وكان في هذه الكليه تقليد بأن يكون الاختبار عمليا وكان اختبار( الدوره المئه والثلاثين ) يتمثل في سؤال واحد هو ( اكتب خطة لاحتلال عاصمة بلادك) ! وحين وزعت ورقة الاسئله استجاب شباب الكليه من مختلف اصقاع العالم الا ضابطاً واحداً امسك بورقه الاسئله لكنه وضع خطه لاحتلال عاصمة انكلترا وقام صارخاً لا لاحتلال بغداد وكان هذا الضابط هو( عبد الكريم قاسم ) .
ترأس عبد الكريم اللجنه العليا للضباط الاحرار التي خططت ونفذت ثورة 14تموز المجيده وقضت على النظام الملكي وحررت العراق من ربقة الاستعمار واعلنت قيام الجمهوريه العراقيه الخالده وبعد قيام الجمهوريه , انتهج الزعيم سياسه استمد مقوماتها من فكرتين اساسيتين هما الهويه الوطنيه العراقيه التي تسمو فوق الطائفيه والعنصريه والتعصب من خلال تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي وتحرير الثروات الطبيعيه من هيمنة المراكز الرأسماليه العالميه وانتهاج سياسه الحياد الايجابي والعلاقات المتكافئه ولطالما اكد الزعيم على استقلالية القرار العراقي حيث قال
((ان هذا البلد سيكون صديقا لكل شعوب العالم ولكننا لن نتعامل مع احد بما يضر مصالحنا الوطنية )) .كما اكد على وجوب ترسيخ التضامن العربي ودعم حركات التحرر العادله .
اما الفكره الرئيسيه الثانيه فكانت فكره المساواة وارساء دعائم العداله الاجتماعيه والتي ترجمتها حكومتهُ على الواقع من خلال محاربه الفقر والجهل والمرض والاهتمام بالطبقات الكادحه وتقليص الفجوه بين الاغنباء والفقراء وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتوفير الخدمات الاساسيه وحل مشكله السكن من خلال توزيع الاف المساكن على ذوي الدخل المحدود وبناء مدن سكنيه متكامله فضلا عن توزيع الاراضي على المواطنين بأسعار رمزيه في الوقت الذي كان فيه الزعيم شــخصيا يسكن داراً صغيره مستأجره .
عُُرف الزعيم عبد الكريم قاسم قبل الثوره وبعدها بالعفه والنزاهه المطلقه ونظافه اليد واللسان وحبه للفقراء والمحرومين ووقوفه الحازم بجانب الحق مثلما عرف بوطنيتهِ الصادقه واخلاصه للعراق والامه.
لم تكن له هموم شخصيه بل كانت همومه هي تثبيت استقلال العراق ورفع شأنه بين الامم وكانت همومه هي حاجات الفقراء والمظلومين .... دموع الايتام والارامل ومشاكل العمل والفلاحين والكسبه .
لقد انشأت حكومه 14 تموز العديد من المشاريع والانجازات العملاقه في اربع سنوات ونصف لم تنجز بعضاً منها كل الحكومات التي تعاقبت بعدها في اربعة عقود .
لقد بنى الزعيم الشهيد عراقا مستقلاً مزدهراً سما فوق الطائفية والعنصريه والتعصب ولازال الكثير من العراقيين الذين عايشوا عهده الزاهر يجهلون اسم عشيرته ِويختلفون في طائفته وكل الذين يتفقون عليه انه كان قائدا عراقيا شريفا احب شعبه واخلص لوطنه .اشتهر عبد الكريم قاسم بالعفو عند المقدره حتى شاعت في عهده الزاهر عبارة ( عفا اللهً عما سلف ) و ( الرحمه فوق العدل ) فأحتوى شعبهُ بالحب والموده والشفقه فـأحبهُ الناس وهام به الفقراءحتى تخيلوا طلعته البهيه محفورة على وجه القمر . ولم يشذ عن ذلك سوى حفنة من المأجورين الذين ركبتهم مصالحهم الانانيه وهم الذين قادوا مؤامرة 8 شباط 1963 والذين اعدموه صائما وهو يهتف بحياة الشعب العراقي بعد ان رفض ان تعصب عينيه كما جرت العاده عند تنفيذ احكام الاعدام وايغالا في الخسه القوا جثته الطاهره في النهر متوهمين خاسئين انهم بهذا العمل المشين سيتمكنون من محو ذكراه ولكن التاريخ لاينسى الشرفاء فأن استكثروا فيه قبرا يكتنف جسده الطاهر فقد وجد مكانه في قلوب العراقيين وضمائرهم وكأني بالزعيم الشهيد يخاطب قتلته ساعة اعدامه وهو الذي طالما عفا عنهم متمثلا قول الشاعر :
ملكنا فكان العفو منا ســــجية ولما ملكتم ســـال بالدمع ابطحُ
وحللتم قتل الاسارى وطالما كنا عن الاسرى نعف ونصفحُ
فحســـــبكم هذا التفاوت بيننا فكــل اناء بالذي فيه ينـــــضحُ
تحية اكبار واجلال لمؤسس الجمهوريه العراقيه الخالده الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم وصحبه الشهداء الابرارفي ذكرى استشهادهم ولنستلهم من سيرة الزعيم العطره الدروس والعبر لبناء عراقنا الحبيب ولندفن الاحقاد والضغائن ولننبذ التعصب والكراهيه ولنتكاتف متحابين متآخين من اجل العراق الاعز الاسمى .
*رئيس تحرير صحيفة 14 تموز