رؤية عراقية
أموال معطلة
قال علي الدباغ المتحدثپ باسم الحكومة العراقية في شهر اكتوبر الماضي ان العراق يحتاج الى نحو 100 مليارپ دولار خلال السنوات الاربع أو الخمس المقبلة لاعادة بناء البنية الاساسية.
لكن المشكلة في العراق لا تكمن في قلة المال، انما في انفاقه: المال موجود، لكن الانفاق مفقود!
فقد تبين ان الحكومة العراقية عجزت عن انفاق ما عندها من بلايين الدولارات من العائدات النفطية على مشاريع الاعمار مثل اعادة انشاء الطرق المدمرة وبناء المدارس ومحطات توليد الطاقة الكهربائية واصلاح مصافي النفط وتحسين الخدمات وغير ذلك.
وتشير الارقام والتقارير الى ان الوزارات العراقية انفقت %15 فقط من مخصصاتها لعام 2006 لمشاريع البناء والاعمار (تبلغ الميزانية العراقية لعام 2006 حوالي 32 بليون دولار). واغلب المال الذي انفق كان على شكل رواتب موظفين ومعاشات تقاعدية، ونفقات البطاقة التموينية وموارد صرف تشغيلية. اما الباقي فقد بقي على الورق او حيث يحفظ بانتظار من يصرفه على مشاريع تحسن نوعية الحياة في العراق، وتعطي الشعور للمواطن العراقي ان الامور تتغير وتتحسن.
ثمة اسباب كثيرة تمنع الوزارات من الانفاق. بعضها غريب وبعضها مفهوم، وربما كان اغلبها غير مبرر وغير مقبول.
من الاسباب التي يذكرها البعض، ان المسؤولين العراقيين يخافون من الانفاق، او توقيع العقود، خوفا من الاتهام بالفساد. وبعض هؤلاء يشيرون الى هيئة النزاهة بوصفها "البعبع" الذي يخيف المسؤولين العراقيين ويجعلهم يحجمون عن صرف اموالهم على ما فيه خير مواطنيهم.
البعض الاخر يلقي باللوم على النظام الاداري ـ المالي، البيروقراطيـالروتيني، في العراق، والذي يعرقل عملية الانفاق والصرف وتوقيع العقود وما شابه.
ثمة من يقول ان الاداريين العراقيين لم يفهموا بعد الاليات التي جاءت بها الادارة المدنية السابقة، برئاسة السفير بول بريمر، وبالتالي فان عدم المعرفة هذه تجعلهم بطيئين في تحريك عجلة الانفاق.
وهناك من يقول ان عدم الاستقرار السياسي والتأخر في تشكيل الحكومة العراقية ساهم ايضا في ابقاء الاموال مكدسة في صناديقها! ويلعب الوضع الامني دورا في ذلك...... وهلمجرا..
الدول المانحة لا تهمها الاسباب لكنها معنية بالنتائج وهذه النتائج لا تشجعها على تقديم المزيد من المال للعراق ما دامت حكومته لا تعرف كيف تنفق على مواطنيها.
المهم ان العراق، حسب التقارير الرسمية، لا يشكو الان من الفقر المالي، لكنه يشكو من الفقر الى وزراء ومدراء اكفاء يعرفون كيف ينفقون المال العام على تحسين اوضاع بلادهم ومواطنيهم!
وتلك مشكلة لا تعاني منها دول كثيرة!