شجرة الحَور العتيقة الباكية دماً
ليس بكاؤها جديداً حدَثَ في هذا العام، ولم يَحدُث مرةً واحدة أو مرتين. بكاؤها في يوم خاص من كل سنة.. ومنذ عدّة قرون.
كل سنة، في اليوم المشهود.. تقطر غصون الشجرة الكبيرة ويقطر جذعها المعمّر دموعاً حمراء دامية.
اسم الشجرة ـ محلّياً: « چنار ».
موقعها: قرية « زَرآباد » من قرى مدينة قزوين في إيران.
أمّا زمان بكائها الوحيد طيلة أيام السنة فهو: يوم عاشوراء.
من هنا عُرفت الشجرة بين الناس وفي الأدبيات المتصلة بقزوين باسم « چنار خونبار ». وترجمتها العربية: « شجرة الحَور الماطرة دماً ».
وفي اليوم الموعود من كل عام يتوافد كثير من الناس إلى الشجرة في « زرآباد » ليشهدوا شجرة الحور العتيقة وهي تمطر دماً، وليعاينوا آيةً أخرى من الآيات الكثيرة الوفيرة التي كانت ـ وما تزال ـ تتجلّى من يوم الحسين سيد شباب أهل الجنة عليه السّلام. وقد حملت أسفار التاريخ وقائع جمّة من الآيات التي برزت بعد مقتل عزيز الله وحبيبه الإمام أبي عبدالله الحسين صلوات الله عليه.
وشاء الله أن تتجلّى آية من هذه الآيات في شجرة حور واقعة في قرية « زر آباد » الجبلية الخضراء، حيث تبدأ من هناك سلسلة جبال « زاگروس ».
شاء الله سبحانه أن لا تكون هذه الآية الحسينية الدامية في نبتة فصلية سرعان ما تذوي، أو شُجيرة قصيرة العمر، ولا حتّى شجرة تعمرّ خمسين سنة.. بل شاء لها أن تكون في شجرة طويلة العمر.. تخترق الأجيال والأحقاف وهي قائمة ثابتة راسخة، تحكي للخليقة قصة الشهادة العظيمة والاستشهاد، وقصة التوحيد المحمدي العَلَوي الحسيني وهو يواجه الوثنيات البغيضة اللابسة عباءة الإسلام، وتروي ملحمة البطولة والرجولة الحسينية البارعة التي لا مثيل لها في تاريخ الأرض.
في التاريخ المدوَّن:
منذ القديم ألِف أهالي « زر آباد » ظهور الدموع السنوية الحمراء في اليوم العاشر من شهر المحرّم في كل عام. ولابدّ أنّهم كانوا يحضرون عند شجرة الحور في عاشوراء، حتّى إذا بدأت دموع الشجرة بالظهور.. تعالى منهم البكاء على فاجعة سيد الشهداء عليه السّلام، وراحوا يقيمون مجالس العزاء وينشدون شعر المراثي والمناحات.
ثمّ أخذ يشيع أمر هذه الشجرة العجيبة الباكية دماً على مصاب أبي عبدالله الحسين الشهيد المظلوم. وفي أوائل القرن الثاني عشر الهجري وصل خبرها إلى الحاكم الصفوي الملك حسين، فبعث وفداً يضمّ عدداً من العلماء للاطلاع مباشرة على شأن هذه « المعجزة » الحسينية التي يتناقلها الناس. وكان من ضمن هذا الوفد الميرزا قوام الدين محمد بن مهدي الحسيني السَّيفي القزويني المتوفّى سنة 1150 هـ. وفي اليوم العاشر من المحرم.. شاهد هذا العالم ومعه سائر العلماء هذه المعجزة.. إذ بدأ الدم يسيل من أغصان شجرة الحور. وكتب مشاهداته ثم بعث بها إلى السلطان حسين الصفوي تحت عنوان ( چنار خونبار = شجرة الحور الماطرة دماً ).
ومن بعده توجّه إلى « زر آباد » عالم آخر هو العلاّمة محمد رضا بن أمير قاسم بن مير باقر بن مير جعفر كامل الحسيني القزويني المتوفّى سنة 1170 هـ، فشاهد هذه الظاهرة المعجزة، ودوّن مشاهداته في بحث حمل أيضاً عنوان ( چنار خونبار )، وأرّخه سنة 1113 هـ.
سبحان الله أين القوم الظالين عن هذه الشجرة اين المستهزئين الذين يقيمون الافراح بشهر محرم
لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم