الجمعة الرابعة عشر من جمعات الإصلاح الإلهي (6-7)
بسم الله الذي يُجدد الثورة ويُنعم على عباده بالتغيير
اللهم لك الحمد ولك المجد ولك العظمة ، تباركت وتعاليت من ربٍ رحيم تؤتي عطاءك لعبادك في كل حين ، ولا تبخل عليهم وأنت الكريم ، فلا مدبر للأمر غيرك ، ولا محيي للأرض سوى خيرك ، أنت المبتدئ بالخلق ، وأنت الذي تنزل الغيث من بعدما قنطوا ، والناس إليك محتاجون وعنك غافلون ، والمؤمنون يشهدون أن أمرك هو الغالب ، ووعدك هو الصادق ، وقولك هو الحق ، وكلامك هو الهدى ، ووحيك هو النور ، فأنت موضع آمال المفتقرين ، وأنت سامع نجوى المحبين ، وأنت مجيب الثائرين ، وأنت معين الصالحين ، وأنت مؤيد المصلحين ، بيدك الخير وأنت صاحب المدد والتمكين ، فلا راحة للنفوس إلا بك ، ولا صلاح للأمور إلا بك ، ولا إصلاح للقلوب إلا بك ، ولا نور للحياة إلا بك ، ولا رشد للعقول إلا بك ، ولا ثورة في الفكر إلا بك ، ولا خلاص من الزيف إلا بك ، ولا سقوط للباطل إلا بك ، ولا قيام للعدل إلا بك ، فأنت صاحب الإصلاح والهداية ، ومنك يأتي الفرج للمكروبين ، ومنك تأتي القوة للمتوكلين ، ومنك تأتي الشجاعة للميقنين ، ومنك تأتي الهمة للثائرين ، فصلي على سيد الثائرين محمد الرسول الأمين وعلى ثوار الأرض والسماء أهل بيت توحيدك وعلى كل الأنبياء والأولياء ووارثهم بالحق أمير الثائرين مهديك الموعود للعالمين ..
من الواجب على جميع أهل الإيمان والبصيرة أن يُعلنوا وبكل وضوح ضرورة الإصلاح الكبير لمجتمعاتهم وضرورة التغيير الكبير لإنقاذ العالم من الغفلة عن الله وما تسببه من بلاءات ، ومن الدنيوية وما تجلبه من مصائب، ومن الإستغناء عن العطاء الإلهي وما يؤدي إليه من كوارث في حياة الناس ومن حرمان كبير لهم..
ومن الواجب أن يكون واضحاً لدى الجميع أن التغيير المطلوب هو ليس تغييراً سياسياً أو إقتصادياً أو قانونياً كما تعرضه جميع الحركات والأحزاب في العالم وكما يعرضه الغرب أو تعرضه الحركات الدينية ، وإنما المطلوب تغيير معنوي كبير في قلوب الناس وضمائرها وإرادتها وأخلاقها وأهدافها ومفاهيمها وعواطفها ومبادئها كي يكون التغيير منقذاً حقيقياً للناس من كل المظالم والمآثم التي تضرهم في حياتهم وتـُدمر مستقبلهم الأخروي ..
ومن الواجب أن نعلم جميعاً أن التغيير لا يكون تغييراً حقيقياً إلا إذا كان على أساس ثورة كبرى بإتجاه الله سبحانه ، ثورة على النفس الأمارة ، وثورة على المطامع ، وثورة على التكبر ، وثورة على الغرور ، وثورة على الدنيوية ، وثورة على عقيدة الإستغناء عن الله ، وثورة على سوء الظن بالله ، وثورة على عدم التصديق بقدرة الله ، وثورة على التعظيم للأسباب المادية ، فالتغيير الذي نحتاجه جميعاً هو تغيير في العلاقة مع الله سبحانه ، ولا يمكن لأي تغيير أن يكون تغييراً حقيقياً إلا بحدوث ثورة كبيرة في العلاقة مع الله خالقنا ..
ومن الواجب أن نعلم جميعاً أن في الثورة المعنوية التي نسعى إليها ونقف على أبوابها يكون الخير الحقيقي لكل إنسان ، لأن هذه الثورة المعنوية التي تملأ الواقع بالإيمان وبالحب لله وبالتوكل على الله وبالأدب في ساحة الله وبالتواضع لأولياء الله سوف تستنزل البركات الإلهية والرحمة الإلهية والتوفيق الإلهي ، وهذا هو ما نحتاجه من أجل أن يتغير واقعنا في الحياة ، ومن أجل أن نضمن عودة التكامل الى الأرض ، ونضمن الحصول على المصالح الأخروية الحقيقية التي نطمح لها جميعاً ، ونضمن إصلاح الدين في كل مكان وتخليصه من كل أشكال العنف الأعمى والتعصب والتشدد والتحزب والعنصرية والتوظيف للدنيا ..
ومن الواجب على الجميع أن يعلموا أن هذه الثورة ليست مستحيلة كما يتصور البعض أو كما يقول أولئك اليائسون من رحمة الله واليائسون من مدد الله ، فهي ضرورة كما وصفنا وكل ضرورة ممكنة ، لأن الله سبحانه لا يحرم الناس من أي ضرورة لآخرتهم ومن أي ضرورة في تقربهم إليه سبحانه ، وبالنتيجة نعلم أننا نقف على أعتاب التغيير الكبير والثورة الإلهية لأننا بعد أن علمنا أن هذا التغيير وهذه الثورة ضرورة وعلمنا أن الله لا يحرم الناس من ضرورة معه نعلم أننا نقف على أعتاب هذه الثورة ..
ومن الواجب على كل من يريد أن يكون في طليعة الثورة الإلهية والتغيير المعنوي الكبير أن يبدأ من الآن بإصلاح علاقته مع الله وبتخليه عن الذنوب المادية العملية التي يعرفها وبتخليه عن الذنوب المعنوية الوجدانية ، ويبدأ الطيبون في كل مكان بإصلاح علاقتهم بالله سبحانه ، ويبدأوا بمسيرة الحب لله ، ويبدأوا بكثرة ذكر الله ، ويبدأوا بالتوكل على الله ، ويبدأوا باليقين بقدرة الله ، ويبدأوا بالتصديق بأن الله مع الثورة المصلحة ومع التغيير الكبير ، ويبدأوا بالمعرفة لكرم الله ، ويبدأوا بإنجاز خطوات حقيقية بإتجاه الله سبحانه فينكروا ذاتهم ويتنازلوا عن كثير من الطموحات المادية التي تـُبعدهم عن الله، ويتخلوا عن دنيويتهم ويدافعوا عن مصالحهم الأخروية قبل أن يدافعوا عن أي مصلحة دنيوية، ويتركوا تحزباتهم وطائفياتهم ويدخلوا جميعاً في مسيرة الثورة الإلهية..
ومن الواجب على الجميع أن يعلموا أن الله قد ذخر مهديّه وأولياء آخرين لثورته المباركة ، والله صادق بوعده ، والله منجز لوعده ، ونحن نعيش في بدايات هذه الثورة التي ستكبر يوماً بعد يوم لتملأ العالم قسطاً وعدلاً وحباً وتعظيماً لله بعدما ملئ العالم ظلماً وجوراً وغفلة ودنيوية ، فليدخل الطيبون في التغيير الكبير والثورة الإلهية.
والحمد لله الذي أمهل وما أهمل وهو العزيز الحكيم