يعتبر الحَوَل من أهم المشكلات الصحية السائدة بين مرضى العيون من الأطفال، وهو يؤدي الى حدوث نقص حاد في الوظائف الفسيولوجية الطبيعية، ويتمثل ذلك في انعدام الرؤية بشكل صحيح،
وحدوث خلل واضح في توازن حركة العينين حيث يستخدم الشخص المصاب العين السليمة في التركيز على الجسم المنظور بينما تنحرف العين المصابة بالحَول الى الداخل أو الخارج. إلى جانب كونه نقصاً تجميلياً، فإن الحَول يؤثر في مزاج الطفل ونفسيته وتركيزه وتحصيله العلمي، وربما يجعله مثار سخرية بين أقرانه في المدارس والحضانات، كما يؤثر في مزاج الطفل ونفسيته وتركيزه وتحصيله العلمي، وربما يجعله مثار سخرية بين أقرانه في المدارس والحضانات، كما يؤثر في مستقبله في اختيار الوظيفة المناسبة إذا لم يتم تدارك الأمر في المراحل الأولى للطفولة.
تشير التقارير الى أن ما يعادل 2.5 3.5% من مجموع أطفال العالم مصابون بالحول أي ما يعادل 100 مليون مريض على وجه التقريب.
تتحرك العين حول مركز دوران ثابت يقع على بعد 13سم من القرنية للداخل حيث تتشكل هناك حلقة ليفية تقع حول فتحة العصب البصري مباشرة (وهو مكان خروج العصب من حجر العين للدماغ) وتخرج من هذه الحلقة الليفية ست عضلات تمتد للأمام ترافقها بعض الأعصاب القادمة من الدماغ حيث تلتصق على صلبه العين على بعد 5-7 ملم من القرنية وتغطى هذه العضلات بوساطة الملتحمة وتقوم بتحريك العين في جميع الاتجاهات والمحاور بناء على الأوامر والتنبيهات التي تصل من الدماغ بوساطة الأعصاب.
ويقسم الحول الى قسمين رئيسيين:
* الحول الكاذب.
* الحول الحقيقي.
والحول الكاذب هو الحالة التي يبدو فيها الشخص مصاباً بالحول ظاهريا ولكن يكون اتجاه المحورين البصريين طبيعياً، مثال ذلك ما يسمى فوق المآق (والمآق هو ثنية جلدية تمر من الطرف الداخلي للجفن العلوي حتى جذر الأنف) حيث يبدو الجزء العلوي من الأنف عريضاً، ويعتبر هذا النوع من الحول ظاهرة شائعة عند المنغوليين والأعراق الآسيوية الأخرى، وتختفي هذه الحالة تماماً عندما يكبر الطفل.
وهناك مثال آخر: شذوذ المسافة بين حدقتي العينين عندما تكون المسافة بينهما كبيرة أو صغيرة مما يوحي بوجود حول كاذب متقارب إذا كانت المسافة قصيرة أو حول كاذب متباعد إذا كانت المسافة كبيرة.
ولا يوجد أي علاج لهذا النوع من الحول، لسبب واحد هو أنه لا يوجد هناك حول حقيقي.
كامن وظاهر:
أما الحول الحقيقي فيقسم الى: الحول الكامن، والحول الظاهر.
والحول الكامن سببه عدم توازن عضلات العين الخارجية، حيث تبدي العين ميلاً نحو الحول، ولكن هذا الميل يصبح في اللاشعور حفاظاً على الرؤية الثنائية (الرؤية بالعينين معاً)، وأسبابه كثيرة ومن أهمها وأكثرها شيوعاً سوء الانكسار حيث يؤدي قصر النظر الى حدوث حول نحو الداخل، بينما يؤدي طول النظر الى حول نحو الخارج.
ومن أسبابه أيضا ضعف عضلة القراءة والكتابة وأحياناً وجود رؤية مزدوجة عند الجهد البصري الطويل.
يشخص هذا النوع من الحول بوساطة ما يسمى اختبار التغطية، حيث يطلب من المريض تثبيت نظره بكلتا عينيه على بعد 5 سم من أصبع الفاحص، وتغطى إحدى العينين بوساطة ساترة أو ورق مقوى مع بقاء العين المغطاة مفتوحة تحت الساترة، وتراقب العين المغطاة: فإذا كان المريض مصاباً بالحول الكامن فإن العين المغطاة ستبدو منحرفة عند إزالة الغطاء عنها مباشرة ثم تصحح وضعها بعد زوال الغطاء وتعود الرؤية الثنائية، أما إذا لم يحدث أي انحراف في العين بعد إزالة الغطاء فإن المريض يملك عضلات متوازنة وغير مصابة بالحول.
ويكون العلاج بتصحيح سوء الانكسار بوساطة النظارات الطبية بعد إعطاء المريض قطرة سلفات الأتروبين لمدة ثلاثة أيام لتوسيع حدقة العين وتحديد درجة الانكسار، وأحياناً يلجأ للنظارات المنشورية، وإذا فشلت المعالجة يلجأ للعمل الجراحي في وقت لاحق.
والحول الظاهر يقسم الى: الحول الشللي، والحول المتوافق.
أما الحول الشللي، فيحدث نتيجة إصابة إحدى العضلات المحركة للعين بضعف أو شلل وذلك نتيجة إصابة العصب المحرك لها حيث تكون حركة العين محدودة أو معدومة في وجهة العضلة المشلولة، وإذا طلب من المريض أن يتابع حركة يد الفاحص يلاحظ قصورا في حركة العين الى جهة العضلة المصابة، من أهم أسباب هذا النوع من الحول إصابة نوى الأعصاب المحركة لعضلات العين بالفيروسيات ووجود أمراض معينة في الجهاز العصبي كالتهاب السحايا، والنزف وأورام الدماغ، أما لدى كبار السن فإن مرض البول السكري وارتفاع ضغط الدم يؤديان للحول الشللي أيضاً.
ويشكو المريض من تحديد حركة العين في اتجاه العضلة المصابة مع وجود رؤية مزدوجة تختفي عند تغطية إحدى العينين، كذلك يلاحظ ميل رأس المريض في الاتجاه المعاكس للعين المصابة ليرى الأشياء بصورة متطابقة، وتسمى هذه الحالة بوضعية الرأس التعويضية.
وعلى المدى الطويل يشعر المريض بتقلصات وآلام في عضلات الرقبة.
يكون العلاج عسيراً في مثل هذه الحالة إذا تم إهمالها ونبدأ بمعالجة مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم حيث يؤدي ذلك في حالات كثيرة للشفاء التام، كذلك تغطى إحدى العينين أثناء العلاج لإزالة الرؤية المزدوجة ويكون التداخل الجراحي بعد ستة أشهر من متابعة العلاج من دون فائدة.
والحول المتوافق هو انحراف في المحور البصري لإحدى العينين ويكون إما للداخل أو الخارج أو لأعلى أو لأسفل، ويكون ثابتاً أو متقطعاً، ومنه ما يظهر بعد الولادة مباشرة أو خلال الأشهر الستة الأولى من العمر ويشمل أكثر من 50% من جميع حالات الحول ويسمى الحول الخلقي حيث يكون للعامل الوراثي دور كبير فيه، وغالباً ما تنقل الحالة هذه بصورة قاصرة بالوراثة. أما الأطفال الأكبر سناً خصوصاً ما بين السنة والنصف والرابعة فيكون الحول إما متناوباً أو أحادي الجانب، ومن المهم هنا أن نوضح أن عدم وضوح الرؤية في إحدى العينين خصوصاً في حول وحيد الجانب والذي يسبب رفض المخ للصورة المرسلة من العين المصابة بالحول لعدم وضوحها فيتم تجاهلها وسرعان ما يتوقف الطفل عن استخدام تلك العين بطريقة لا شعورية حيث يصاب نتيجة لذلك بما يسمى “كسل العين” الذي يتطور بدوره شيئاً فشيئاً تاركاً الطفل ضعيف البصر بهذه العين مدى الحياة، إذا لم يتم علاج هذه الحالة في مرحلة الطفولة المبكرة.
ويكون العلاج بالنسبة للأطفال دون الثالثة من العمر والذين لا يستطيعون ارتداء النظارات الطبية بإعطائهم مرهم سلفات الأتروبين 1% مرة واحدة يومياً، حيث يؤثر في عضلات العين ويصلح لديهم الحول، وعندما يكبر الطفل يعطى النظارات المناسبة. أما الأطفال الأكبر سناً فيعطون النظارات الطبية رأساً بصورة دائمة وإذا لم تتحسن الرؤية لديهم في عين واحدة يعني ذلك أن العين مصابة بالكسل الوظيفي ويصبح إغلاق العين السليمة ضرورياً لتقوية العضلة الكسلى حيث إن إغلاق العين ذو فائدة كبرى قبل سن 6 سنوات من العمر، أما إذا كانت درجة الرؤية متساوية في العينين فتعطى النظارات لمدة شهرين وتراقب زاوية الحول أثناءها وفي الحالات المبكرة وغير المترافقة بكسل العين يؤدي استعمال النظارات الى تصحيح الحول، وأثناء ذلك يتم العلاج المقوم للبصر ويقصد به تدريب العين على الرؤية الثنائية شرط أن تكون الرؤية متساوية في العينين وليس هناك كسل وظيفي في إحداهما.
ويلجأ للعمل الجراحي في الحالات التالية:
الحالات المهملة فوق سن العاشرة من العمر، والعمل هنا جراحي تجميلي فقط.
الحالات التي لا يوجد فيها سوء انكسار، ولا أثر للعلاج بوساطة النظارات.
حالات الحول المتباعد مع وجود قصر النظر وتجريب النظارات فيها من دون فائدة.
وتجرى العمليات الجراحية تحت التخدير الكامل وذلك برفع الطبقة الرقيقة البيضاء (الملتحمة) التي تغطي العين للوصول الى عضلات العين، ويكون العمل الجراحي بتقوية عضلة العين الضعيفة ويتم ذلك بتقصيرها resetion من 3-10 ملم حسب درجة زاوية الحول وتقريب نقطة ارتكازها وإضعاف العضلة القوية وذلك بإرجاع نقطة ارتكازها من مكانها recession أما عند الشلل الكامل للعضلة، فيلجأ لتثبيت ارتكاز جديد من عضلة فعالة مجاورة.
وفي الختام يجب أن نؤكد أن على الوالدين الاهتمام بعرض الطفل على طبيب العيون منذ الصغر حتى لو لم يشك من أعراض مرضية للتأكد من سلامة عينيه، فكلما كان العلاج مبكراً كانت النتائج أفضل والتغلب على المشكلة أسهل وذلك في عمر ما بين 3-4 سنوات، وقبل دخول المدرسة.
أما في حالة ظهور أعراض الحول على الطفل فيجب عرضه على الطبيب فوراً حتى لو كان دون السنة الأولى من العمر، ويجب عدم الانصات الى الخطأ الشائع القائل إن ظهور الحول في العام الأول من عمر الطفل ظاهرة طبيعية وإنه سيزول تلقائياً بعد فترة قصيرة.