مئات القتلى والجرحى في اشتباكات البصرة وبغداد ومدن الجنوب والمرجعية الشيعية تعتبرها «كارثة» ... الصدر يتوعد المالكي بمحاكمة مثل صدّام ... وبوش يطالب العراق بتكاليف قوات الأمن
جدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي موقفه الرافض للتفاوض مع مسلحي «جيش المهدي» وقال إن لا «خيار أمامهم الا الاستسلام»، فيما استمرت الاشتباكات بين هؤلاء المسلحين والقوات الحكومية في البصرة ومدن أخرى في الجنوب لليوم الثالث على التوالي. وتظاهر الآلاف من مؤيدي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مطالبين المالكي بالاستقالة وتوعده مؤيدون للصدر بمحاكمته أسوة بالرئيس السابق صدام حسين.
وجدد المالكي، خلال استقباله زعماء عشائر قدموا الى البصرة لتأييده، «رفض اي تفاوض مع العصابات الاجرامية». ووجه اتهامات قوية وشديدة اللهجة لـ «جيش المهدي» من دون ان يذكره بالاسم على رغم الاعلان عن اتصالات لإجراء مفاوضات بين الحكومة والتيار الصدري.
وقال المالكي خلال استقباله وفداً عشائرياً في البصرة: «مع الأسف الشديد، فوجئنا بأن جهة سياسية استنفرت كل قواتها من اجل تعطيل عمل الدولة، وبادرت فوراً بضرب المنشآت ومراكز الشرطة ما اكد لنا تماما ان غالبية ما كان يجري من اعمال شريرة كانت تقوم بها هذه المجموعة»، في اشارة الى «جيش المهدي».
واضاف «لم نأت للتصدي لجهة سياسية انما هناك عصابات اجرامية تسلب وتهرب وتقتل (...) بصراحة لا يهمنا ان تكون العصابات منتمية الى هذا الحزب او هذا التيار او الطائفة، المهم انها عصابات تجاوزت الحدود واعتدت على الدولة وسفكت الدماء». لقد عقدنا العزم ودخلنا هذه المعركة وسنستمر فيها الى النهاية. لا تراجع ولا تنازل ولا مذكرات تفاهم مع المسلحين».
وكان وفد من «مجلس اسناد القانون» يمثل الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الفضيلة والحزب الشيوعي وحركة الاشتراكية العربية والحزب الإسلامي العراقي، وحزب ثأر الله، وحركة الدعوة تنظيم العراق، وشخصيات سياسية، التقى مساء الاربعاء المالكي في البصرة، قبل يوم من انتهاء المهلة التي حددها للمسلحين وتنتهي اليوم.
وروى أحد أعضاء الوفد صعوبة وصول الوفد الى مقر إقامة المالكي فقال: «رفعت راية بيضاء في مقدم السيارة التي كنت استقلها كي أتجنب رصاص الجانبين حيث يقتسم المسلحون مع الجيش شوارع وتقاطعات المدينة».
وجدد «الائتلاف العراقي الموحد» دعمه الكامل للحكومة العراقية في العمليات العسكرية في البصرة للقضاء على «الخارجين عن القانون»، نافيا في الوقت ذاته ان تكون العمليات تهدف الى القضاء على «اي تيار سياسي».
في المقابل شن تيار الصدر هجوما شديدا على رئيس الوزراء والاحزاب التي ساندت العمليات ضد «جيش المهدي». وقال القيادي في كتلة الصدر البرلمانية فلاح حسن شنيشل في مؤتمر صحافي امس ان «المالكي واعضاء قائمة الائتلاف العراقي الموحد سيحاكمون كما حوكم صدام واعوانه لارتكابهم الاعمال الاجرامية ضد المدنيين في بغداد وبابل والبصرة».
واعتبر القيادي في «جيش المهدي» الشيخ صادق العبادي ان «ما يقوم به المالكي في البصرة هو الانتحار بعينه» واتهمه وقوى سياسية اخرى تسانده بـ «التآمر مع دول لتصفية التيار الصدري بدأت بخطة فرض القانون في بغداد العام الماضي حيث استهدفت جيش المهدي وتركت قوى الارهاب تصول وتجول بمسميات أخرى». ودعا المالكي الى «التحلي بروح الحكمة والركون الى منطق العقل بالانسحاب من البصرة وترك حل مشاكلها بالطرق القانونية والدستورية». ولفت العبادي الى ان «البصرة بقيت لخمس سنوات عصية على القوات البريطانية التي تفوق اسلحتها وعدّتها وامكاناتها كل الجيش العراقي لا الفرقة التي احضرها (المالكي) او فوج التدخل السريع من كربلاء».
وتظاهر عشرات الآلاف من انصار الصدر امس، ورفع بعضهم توابيت الصقت عليها صور المالكي ووصفته بالدكتاتور مطالبة بإقالته.
وتواصلت المواجهات الدامية لليوم الثالث بين عناصر «جيش المهدي» وقوات الأمن العراقية، خصوصاً في البصرة والكوت وبابل بغداد، حيث بلغ عدد القتلى أمس اكثر من 100، بينهم 40 في الكوت في اشتباكات و60 في الحلة بغارة جوية أميركية، ومئات الجرحى، بينهم نساء واطفال. ونجا قائد الشرطة في البصرة اللواء الركن عبدالجليل خلف من محاولة اغتيال بتفجير عبوة ناسفة أمس قتل فيها اثنان من أفراد حمايته وجرح ثلاثة، فيما تعرضت محلات تجارية ومؤسسات رسمية إلى السلب والنهب من جانب عصابات عادة ما تستغل مثل الظروف هذه.
وفي بغداد أعلنت ناطقة باسم السفارة الأميركية مقتل موظف في السفارة، لم تحدد جنسيته، جراء قصف تعرضت له المنطقة الخضراء أمس.
في النجف اكد الشيخ علي النجفي نجل المرجع الاعلى الشيخ بشير النجفي (أحد المراجع الشيعة الاربعة الكبار) في اتصال هاتفي مع «الحياة» ان المرجع اصدر بيانا امس اعرب فيه عن أسفه لما يجري من هدر للدماء والطاقات والاموال» واعتبر «القتال بين ابناء الدين الواحد والوطن الواحد كارثة لا مثيل لها». وشدد على وجوب «حفظ الدماء المحرمة وحصر السلاح بيد الدولة»، ولفت النجفي الى ان البيان «حض ابناء الشعب على التعاون مع الحكومة لحفظ الدماء وإقرار الأمن».
من جهة أخرى اكد بوش أمس ان عملية الجيش العراقي ضد المسلحين الشيعة قد تستغرق بعض الوقت، الا ان الجيش سينتصر في النهاية، مشيرا الى ان الحياة تعود «الى طبيعتها» في العراق. وطالب ايران وسورية بالتوقف عن دعم الارهاب والعنف في العراق، كما طالب الدول الاخرى المجاورة القيام بالمزيد لعودة الوضع في هذا البلد الى طبيعته.
وقال في خطاب القاه في دايتون (اوهايو، شمال) ان «الموازنة العراقية الآن تغطي ثلاثة ارباع تكاليف القوى الامنية العراقية التي تبلغ اكثر من تسعة مليارات دولار في 2008، وننتظر من العراق ان يتحمل قريبا التكلفة الكاملة لقواه الامنية».