لاشك أنّ التصدي للمرجعية بشقيها الديني والزمني، يتطلب علماً غزيراً باُمور الدين والشريعة من جهة، وباُمور السياسة والقيادة من جهة اُخرى. وقد أثبتت الشواهد أن عليّاً(عليه السلام)كان أعلم وأحكم وأقضى الاُمة بعد النبي(صلى الله عليه وآله)، شهد له بذلك النبيّ(صلى الله عليه وآله) أوّلاً،
وشهد له الصحابة ثانياً، واثبتته الوقائع ثالثاً، فقد أخرج المحدّثون عن ابن عباس وغيره، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله)، قال: "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب"(1).
وقال أيضاً: "أنا دار الحكمة وعليّ بابها"(2).
وهذه بعض الأحاديث التي كان النبيّ(صلى الله عليه وآله) يلفت بها نظر اُمته الى امتياز علي(عليه السلام) بالعلم الذي يؤهلّه للمرجعية الإسلامية العامة من بعده. وقد ربط النبيّ(صلى الله عليه وآله)بين الأمرين بشكل واضح في حديث سلمان، إذ قال: قلت: إنّ لكلّ نبيّ وصيّاً، فمن وصيّك؟ فسكت عنّي، فلما كان بعد رآني فقال: "يا سلمان"، فأسرعت إليه وقلت: لبيك، قال: "تعلم من وصىّ موسى"؟ [قلت]: نعم، يوشع بن نون. قال: "لم"؟ قلت: لأنه كان أعلمهم يومئذ، قال: "فإن وصيّي وموضع سري وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب"(3).
ـــــــــــ
المصادر
ـــ
1- المستدرك على الصحيحين: 3/126 وقال: هذا حديث صحيح الاسناد، تاريخ بغداد: 4/348، 7/127، 11/48، 49 وقال الخطيب: قال القاسم: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث فقال هو صحيح، اسد الغابة: 4/22، تهذيب التهذيب: 6/320، 7/427، كنز العمال: 6/152، فيض القدير: 3/46، مجمع الزوائد: 9/114، الرياض النضره: 2/193، كنوز الحقائق للمناوي:43، الصواعق المحرقة:73.
2- جامع الترمذي: 2/299، حلية الاولياء: 1/64، كنز العمال: 6/401.
3- مجمع الزوائد: 9/113 وقال: رواه الطبراني، ولا يخفى أن سؤال النبي لسلمان عن سرّ وصاية يوشع لموسى كان بهدف إظهار أعلمية علي (عليه السلام)، والسيرة النبوية لابن اسحاق: 825، باختلاف يسير في اللفظ، تحقيق الدكتور سهيل زكار.
تحياتي