عام 1967
فى 23 مارس هزم رجال حرب العصابات الجيش البوليفى فى معركة لم تكن متوقعة . و فى 10 إبريل حققوا نصرهم الثانى . غادر "ريجيس ديبرارى" و الأرجنتينى "سيرو بوستوس" المعسكر ، و ألقى الجيش القبض عليهما فى إبريل . فى 14 إبريل استولت القوات البوليفية على معسكر الثوار بعد فترة قليلة من قيامهم بإخلائه . فى 8 أكتوبر بدأت معركة "كيبرارا دى يورو" و فى اليوم التالى أعلنت الحكومة البوليفية أنها قامت بإعدام تشى جيفارا ، و فى 15 أكتوبر تقبل فيدل كاسترو رسميا نبأ وفاة تشى إرنستو جيفارا
هذا النوع من المعلومات يمكن أن يتباين تباينا جذريا تبعا للمصدر الذى تستقى منه المعلومات
أحداث الحياة المبكرة لجيفارا يكاد يكون متفقا عليها بما يشبه الإجماع ، بينما تبدو بعض الأمور المتعلقة بحياته المتأخرة غير واضحة إلى حد بعيد
ولد "إرنستو جيفارا" لأسرة متوسطة فى "روزاريو" بالأرجنتين فى 14 مايو 1928 . كان دائما ما يسعى لممارسة الرياضة أثناء دراسته بالمدرسة ؛ لكن إصابته بالربو الحاد حدت كثيرا من هذا النشاط
بدأ بدراسة علم الآثار ، ثم التحق بدراسة الطب ، و أكملها فى الوقت الذى كان يقوم فيه برحلات استكشافية خلال أمريكا الجنوبية . كانت أبحاث الحساسية و الأمراض الجلدية من بين المجالات التى تخصص فيها فى دراسته الطبية
عوامل عدة أدت إلى اعتناق "جيفارا" للإشتراكية و جعلته يهب نفسه لها ، مثل
قراءته للعديد من الأدبيات الهامة ، فى الفترات التى أقعده فيها الربو عن ممارسة العمل
انهماكه فى عمل دليل فلسفى خاص به
سفرياته الكثيرة
الخبرات التى كونها نتيجة مغامراته فى دول أمريكا الجنوبية ، و أكثرها أهمية تلك الفترة التى قضاها فى "جواتيمالا" عندما قامت وكالة المخابرات الأمريكية بالمساعدة فى إسقاط حكومة أربينز
فى منفاه بمدينة المكسيك ( حيث كان مدرجا فى القائمة السوداء لتعاطفه مع شيوعيى جواتيمالا ) التقى جيفارا مع كل من فيدل و راءول كاسترو
ترك ذلك اللقاء أثرا لا يمحى فى حياة جيفارا
كان فيدل كاسترو قد هرب لتوه من كوبا بعد أن قضى فى السجن فترة بعد فشل الانقلاب الذى قامت به جماعته فى 26 يولية 1953 ، و إفراج الدكتاتور الكوبى عنه ضمن مجموعة من المساجين السياسيين بمناسبة عيد الأم
كان لكل منهما شخصية تناقض شخصية الآخر ، و مع ذلك فقد كانا متكاملان ، فيدل كاسترو من ذلك النوع الذى لا يقنع إلا بأن يكون مركز الاهتمام و محط الأنظار ، مع تمتعه بشخصية مندفعة ، بينما جيفارا من ذلك النوع الذى يفضل أن يبقى فى موقع المراقب للأحداث ، بينما يظل شاهرا سيفه ، على قدر كبير من العلم ، طلق اللسان إذا دعت الضرورة لأن يهاجم رأيا مخالفا و لا يدخر جهدا فى الدفاع عن قناعاته
أبحر جيفارا مع كل من فيدل و راءول كاسترو فى أحد اليخوت القديمة إلى كوبا ، حيث كانت توجد النواة التى أشعلت حروب العصابات فى المستقبل
بدأت الحرب الكوبية فى 2 ديسمبر 1956 عندما رست تلك السفينة بالقرب من جبال "سييرا ماييسترا" على الساحل الجنوبى الشرقى لكوبا
لم يمكث جيفارا طويلا مع كاسترو فى هافانا ، رغم دوره الهائل فى تحرير الجزيرة و إدارته لبنكها المركزى ، بقى هناك فقط فى الفترة التى تلت انتصار الثورة فى يناير 1959 حتى غادرها إلى الكونغو فى إبريل 1965 ، لكنها فترة اتسعت بالقدر الذى أتاح له أن يجعل الاقتصاد الاشتراكى الجديد يقف على قدميه ، و أن يقدم مثالا حيا "للرجل الجديد" للشعب الكوبى عن طريق معسكرت العمل التطوعية الشهيرة
مع الوقت عاود جيفارا الاشتياق للعودة إلى ميادين القتال و زرع بذور الاشتراكية فى أماكن أخرى
حقق جيفارا هدفه بإدخال الاشتراكية إلى كوبا ، و كان لديه الوقت الكافى لمراقبة التغيرات التى تحول الإنسان إلى دكتاتور
ترك جيفارا الرفاق فى كوبا ليحاول أن يشعل حركات مماثلة فى بلدان أخرى مقهورة ... بدأ فى وسط إفريقيا و انتهى به المقام مع الحركة البوليفية المشئومة
وضع جيفارا أسس حملته الإفريقية فى دار السلام / تنزانيا منتصف إبريل سنة 1965 بتكوين قافلة ، قامت فيما بعد بغزو الكونغو المجاورة
لكن الحملة باءت بالفشل ... لم يلق التمرد تأييدا من الشعب أو من العسكريين المحليين
غادر جيفارا إفريقيا حاملا معه الشعور بالمرارة ، و عاود السفر فى الوقت الذى حشد فيه وسائل استخباراته فى المواقع التى يظن أنها أكثر تأهلا للثورة
فى نوفمبر سنة 1966 غادر جيفارا بيته الأوربى ، متخفيا فى هيئة رجل أعمال ، و بدأ رحلته ضاربا فى آفاق بوليفيا
من أواخر عام 1966 و حتى أكتوبر 1967دخلت الحملات التى يوجهها جيفارا ضد الجيش البوليفى غمار كفاح طويل مع إحرازها للقليل من النجاح
مرة أخرى أدى امتناع الفلاحين عن تأييد الحملات بالإضافة إلى رد الفعل الفاتر من جانب العسكريين تجاه جهود جيفارا لتجنيدهم ، أديا فى النهاية إلى الإخفاق
فى كل من الكونغو و بوليفيا لاقى جيفارا استقبالا فاترا من أهل البلدين انتهى به إلى الفشل
" بالنسبة للأهالى فى كلتى البلدتين كانت حملات جيفارا تمثل غزوا أجنبيا آخر "
جون لى أندرسون
فكل من الجيشين فى هذين البلدين كانا - على الأقل - ينتميان إلى نفس الخلفية العرقية و القومية
بعد مرور ما يزيد على 35 سنة على ما بدى أنه تفاصيل لحادث وفاته ، لا زال الأمر يبدو غامضا و التفسير هزيلا
فى عام 1997 تم العثور على بقايا فى بوليفيا نسبت إليه ( هيكله العظمى بدون اليدين ) مقيدة إلى من يعتقد أنهم رجال عصابات فى إحدى المقابر الجماعية
الشىء الوحيد المحقق فى قصة وفاته تلك هى أنه قتل بواسطة عملاء للجيش البوليفى ، حيث لا زال الدور الكامل الذى لعبته الولايات المتحدة فى الدعم السرى لهم غير واضح بدرجة كافية
كن دائما قادرا على أن تستشعر أى ظلم يقع على أى شخص فى أى مكان فى العالم
تشى جيفارا
رغم أن الشيوعية قد فقدت كل بريقها ، يبقى تشى جيفارا رمزا مفعما بالحيوية للتمرد ، و الحماس الدافع للثورة
فى الوقت الذى اغتيل فيه إرنستو جيفارا المعروف ب تشى ، فى غابات بوليفيا فى أكتوبر سنة 1967 ، كان قد أصبح بالفعل أسطورة لجيلنا ، ليس فقط فى أمريكا الجنوبية ، بل فى مختلف الأنحاء
أرييل دورفمان / مجلة تايم المريكية
مثل كل الملاحم الأسطورية ، بدأت قصة الطبيب الأرجنتينى المغمور الذى ترك مهنته و موطنه الأصلى للكفاح من أجل تحرير فقراء الأرض ، برحلة بحرية
فى سنة 1956 ، و بصحبة فيدل كاسترو و حفنة آخرين عبر البحر الكاريبى على ظهر اليخت المترنح "جرانما" فى مهمة مجنونة هى : غزو كوبا و الإطاحة بالدكتاتور فلوتشيو باتيستا
رسى اليخت فى مستنقع معاد لهم ، فقدوا فيه معظم رفقاء الطريق ، و استطاع الناجون أن يشقوا طريقهم إلى جبال سييرا ماييسترا
بعد مرور ما يزيد قليلا على السنتين ، و بعد حملات شنها رجال العصابت أظهر فيها جيفارا شجاعة فائقة و مهارة جعلتهم يطلقون عليه لقب القائد الرفيق ، دخل المتمردون العاصمة هافانا ، و استطاعوا أن يطرحوا ما أصبح يعرف فيما بعد بالثورة الاشتراكية المنتصرة الأولى و الوحيدة فى الأمريكتين
تضخمت الصورة فيما بعد على نحو مضطرد متخذة شكلا أسطوريا أخذ يتنامى مع الزمن
" جيفارا العملاق يتصدى لليانكيز (أمريكيو الولايات المتحدة) القوة المسيطرة على العالم "
جيفارا المعلم الروحى يعلن أن إنسانا جديدا ، غير أنانى ، شديد الحب للآخرين ، يجب أن يخلق - قصرا - على أنقاض الإنسان القديم
جيفارا الرومانسى يدع الثورة تستمر بشكل سرى - رغم مرضه بالربو - للنضال ضد الظلم و الطغيان
إعدامه فى "فاليجراند" و هو لا زال فى التاسعة و الثلاثين من عمره يعزز مكانته الأسطورية
هيئته التى تماثل شكل المسيح (فى زعمهم) و هو مسجى على فراش الموت و عيناه الخارقتان للعادة تكادان أن تفتحا
كلماته الأخيرة التى لا تخشى شيئا
"اقتل أيها الجبان ، فإنك سوف تقتل رجلا فحسب"
قام أحدهم بإرسال تقرير - لعله اخترعه - قال فيه
دفنه سرا ، و قيام قاتليه بتقطيع يديه إربا ، كل ذلك يوحى بأن قاتليه قد خافوه بعد موته بأكثر مما كانوا يخافونه و هو حى
كل هذا قد جرى صهره و سبكه فى عقل و ذاكرة تلك الأيام المفعمة بالتحدى
" سوف يبعث حيا من جديد "
هكذا كان الشباب يتصايح فى أواخر الستينات ، و لا زالت الصيحات المتقدة بالحماس فى شوارع سنتياجو / شيلى ، حية فى الذاكرة
تصريحات أخرى اشتعلت فى كل أنحاء أمريكا الجنوبية
" لن ندعه أبدا يذهب إلى دائرة النسيان "
خطاب الوداع الذى أرسله جيفارا إلى كاسترو
Havana, April 1, 1965
Fidel
At this moment I remember many things-when I met you in Maria Antonia's house, when you proposed I come along, all the tensions involved in the preparations." One day they came by and asked who should be notified in case of death, and the real possibility of it struck us all. Later we knew it was true, that in a revolution one wins or dies (if it is a real one). Many comrades fell along the way to victory
Today everything has a less dramatic tone, because we are more mature, but the event repeats itself. I feel that I have fulfilled the part of my duty that tied me to the Cuban revolution in its territory, and I say farewell to you, to the comrades, to your people, who now are mine
I formally resign my positions in the leadership of the party, my post as minister, my rank of commander, and my Cuban citizenship. Nothing legal binds me to Cuba. The only ties are of another nature-those that cannot be broken as can appointments to posts
Reviewing my past life, I believe I have worked with sufficient integrity and dedication to consolidate the revolutionary triumph. My only serious failing was not having had more confidence in you from the first moments in the Sierra Maestra, and not having understood quickly enough your qualities as a leader and a revolutionary
I have lived magnificent days, and at your side I felt the pride of belonging to our people in the brilliant yet sad days of the Caribbean crisis." Seldom has a statesman been more brilliant as you were in those days. I am also proud of having followed you without hesitation, of having identified with your way of thinking and of seeing and appraising dangers and principles
Other nations of the world summon my modest efforts of assistance. I can do that which is denied you due to your responsibility at head of Cuba, and the time has come for us to part
You should know that I do so with a mixture of joy and sorrow. I leave here the purest of my hopes as a builder and the dearest of those I hold dear. And I leave a people who received me as a son. That wounds a part of my spirit. I carry to new battlefronts the faith that you taught me, the revolutionary spirit of my people, the feeling of fulfilling the most sacred of duties: to fight against imperialism wherever one may be. This is a source of strength, and more than heals the deepest of wounds
I state once more that I free Cuba from all responsibility, except that which stems from its example. If my final hour finds me under other skies, my last thought will be of this people and especially of you. I am grateful for your teaching and your example, to which I shall try to be faithful up to the final consequences of my acts
I have always been identified with the foreign policy of our revolution, and I continue to be. Wherever I am, I will feel the responsibility of being a Cuban revolutionary, and I shall behave as such. I am not sorry that I leave nothing material to my wife and children; I am happy it is that way. I ask nothing for them, as the state will provide them with enough to live on and receive an education
I would have many things to say to you and to our people, but I feel they are unnecessary. Words cannot express what I would like them to, and there is no point in scribbling pages
Ever onward to victory
Homeland or Death
I embrace you with all my revolutionary fervour
Che
بعـض مقولات تشي جيفارا
* لقد تعلمنا الماركسية في الممارسة العملية, في الجبال
* تمسكي بخيط العنكبوت ولا تستسلمي عزيزتي (من رسالة الى زوجته إلييدا)1
* أنني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا
* أينما وجد الظلم فذاك هو وطني
* إن من يعتقد أن نجم الثورة قد أفل فإما أن يكون خائنا أو متساقطا أو جبانا, فالثورة قوية كالفولذ, حمراء كالجمر, باقية كالسنديان عميقة كحبنا الوحشي للوطن
* لا يستطيع المرء أن يكون متأكدا من أنه هنالك شيء يعيش من أجله, إلا اذا كان مستعدا للموت في سبيله
* كل قطرة دم تسكب في أي بلد غير بلد المرء سوف تراكم خبرة لأولءك الذين نجوا, ليضاف فيما بعد الى نضاله في بلده هو نفسه, وكل شعب يتحرر هو مرحلة جديدة في عمليه واحده هي عملية اسقاط الامبريالية.
* أنا لست محررا, المحررين لا وجود لهم, فالشعوب وحدها هي من يحرر نفسها