الصالِحاتِ كَمَثـلِ الّذيـنَ خَسِـرُوا أنفـُسَهُم فتَناسَتهُمُ الأحـياءُ حِيـنَ المَـوْتِ
وَكانُوا لا يُؤمِنُون, لَـمْ يَكُ اللـَّهُ مُغيِّراً ما بأنفُسِِ قَومٍ حَتى يُغيِّرُوها طاهِرَةً
لِطاعَتِهِ مِـنْ حَيـثُ لا يَعجَـزُون, إنَما يُريـدُ اللـَّه لِيُـريهُمُ بأمْواتِهِـم مَعاجِـزاً
ويُمْهِلَهُم كَثِيراً في أهْوائِهِم لَعَلهُم يَهتَدُون, يا أيُها الناس تِلكَ عُقبى الـدارُ
أعَـدَها اللـَّهُ لِلذيـنَ عَمِلـُوا الصالِحاتِ أنَ لَهُـم عِنـدَ اللـَّهِ رِزقَهُم لِحُـسْنِ ما
عَمَلُوا بِما كانـُوا يَعبِدُونَ, وَعُقـبى الفاسِقِيـنَ سَيَعلَمُونَ خِزْيَهُـم في الحَياةِ
الدُنيا يَتناساهُم الناس حِيـنَ المَوْت لَبِئسَ ما عَمَلَت بِـهِ أنفـُسَهُم شَراً وَمـا
كانَ لَهُم مِنَ الخَير شَيْئاً يُذكَرُون, هَـلْ عَسَيتـُم عَما فـُرضَ عَليكُم الدِين أمْ
تَكُونُوا كالَّذينَ جاءَهُم المَوت فأسَرُّوا مَا فِي أَنفُسِهِم نَادِمِينَ, أهؤلاءُ أرادُوا
عَرَضَ الدُنيا على الآخِرَةِ فرَغَبُوا بأنفُسِهِم عَما يَلعَبُون فَكَـرِِهَ اللهُ طِباعَهُم
وأقعَدَهُم مَعَ القاعِدِين, إنَما العِبـرَةَ لِمَنْ يَخشى وَما يَخْشى اللـَّهَ إلا عِبـادَهُ
الذينَ تَراضُوا بَينَهُم بالمَعُروفِ فأيَدَهُم اللـَّهُ أنَهُم خَيـرُ أمَـةٍ يُسارعُونَ في
الخَيراتِ ويَنهَوْنَ الناس عَنْ المُنكَرِ فإنْ لَمْ يَنتَهُوا عَما يُظاهِرُونَ في الإثمِ
فإنَ اللهَ غَنيٌ عَنِ العالَمِين, فَلَّما نَسُـوا اللهَ أنزَلَ اللهُ عَليهُم كُـلَّ شَيءٍ حَتى
فَرِحُوا بِما أُوتـُوا مِنْ فَضلِهِ ولكِنَهُم لَـمْ يَذكُرُوا نِعمَةَ اللـَّهِ عَليهِم فضايَقَهُم
اللـَّهُ فـي أنفـُسِهِم يَـرَوْنَ يَومَهُـم كأنَهُـم يَـرَوْنَ يَـومَ يُحشَـرُون, فلَـوْ لا أنْ
تَدارَكتهُمُ نِعمَةَ اللهِ لأتبَعَـت أهْوائَهُم القَتـل والفَساد وَلكِـن دَفعَ اللـَّهُ الناسَ
بَعضَهُم عَنْ بَعضٍ أنْ لا تـُفسَدَ الأرضُ وَتـُتبِع أهْوائَهُم واللهُ ذو فَضْلٍ على
الناسِ ولكِنْ أكْثَرَهُم لا يَشكِرُون, أفلا يَنظرُونَ كَيفَ فَضلَ اللهُ بَعضَهُم على
بَعضٍ لِيُنصِرُونَ عِباد اللهِ بالعِلْمِ والذينَ أرادُوا زُخرَفَ الحَياةُ الدُنيا زادَهُم
اللـَّهُ بَسْـطَةً في المـالِ والمُـلْكِ فَنَسُـوا لِقـاءَ رَبِهِـم فَأنساهُـم اللـَّهُ أنفـُسَهُـم
وَصَــرَفَ قُلـُوبَهُـمْ بِأَنَّـهُم قَــومٌ لا يَفقَهُـونَ,, وَلَقـدْ اسْتَهـْزءُوا بالمُؤمِنيـنَ
وَجَادَلُوهُم بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِـم الْحَقَّ فَصَبَرُوا على ما كُذِبُوا واللهُ يُحِـبُ
الصابرين, وَقالَ المُؤمِنُونَ نَحنُ مَعكُم نُصَليَّ عَلى أمْواتِكُم في مَسْجِدِ اللـَّهِ
قالُوا غَداً عِندَ بزُوغِ الشَمْسِ في المَقابـِر نسْتَأجـرُ أحَـداً بأفضَلِ ما يُـصَليّ
عَلى جَنازَتِنا ونَحنُ لَهُ ناظِرُون, يا أيُها المُصلِحُونَ كَيفَ تُفكِرُونَ بأمْواتٍ
وهُمْ لايُصَلُونَ على أمْواتٍ لِهُم لِيُصَدِقُونَكُم بشَيءٍ كَفى بِهِم إثماً لا يَعقِلُونَ
شَيْئاً وَلا هُم يَهتَدُون, أوَلَيسَ مِـنْ هـذا الحَدِيث تَقشَعِرُ مِنهُ الجِلُود أمْ هُـوَ
كَلَهْوِّ الحَديثِ بِما عِندَهُم جاءَ مَلَـقاً فلْيَأتـُوا بِمِثلِـهِ إنْ كانـُوا صادِقِين, وإنْ
كانـُوا في رَيْبٍ مِما كَتبْناهُ فليَعرِضُوهُ على الأشْهادِ وَسَـوفَ يَعلَمُون, وَلَـوْ
أنَهُـم عَرَفـُوا قـَدر الصَلاة عَنـدَ اللـَّهِ ما يُـريـدُ مِنهُـم بِثوابِـها فـي أمواتِهِـم
لِيُدخِلَنَهُم في رَحمَتِهِ لَفاضَتْ أعينَهُم مِنَ الدَمْعِ مَخافَةَ رَبِهِم لَكَتَبَها اللهُ لَهُم
وَلأمْواتِهِم مَعَ الشاهِدِين, تِلْكَ أمانِيُّهُمْ بِما تأمِرَهُم الأنفـُُس وَتَحمِـلُ أثقالَها
بِسُـوءٍ إلا وإنْ هُـم يَظُنـُون بأحسَنِ الذي كانُوا يَعمَلُون, فَباءُوا بِجَهْلٍ على
جَهْلٍ سِنِينَ لا يَسْمَعُونَ السَمْعَ وَما كانـُوا لِوَعـظِ واعِـظٍ يَتَعِظُون, فَمَا بـالِ
هـؤلاءِ لا يَتَحلَّـوْنَ بقـَولِ الحَـقِ ويَنعَقـُونَ مَعَ الـذي جَهَـلَ الحَـق بِسَفاهَـةٍ
يَبْتَغونَهُ بالعِزَةِ كَعِزَتِهِم وَالذينَ غَشاهُمُ اللهُ نُوراً ألبَسُوهُمُ الحَقَ باطِلاً وَما
عَليهِم إلا يَـومَ يُسألُونَ ويَقولـُونَ يا وَيلَـنا قـدْ كُـنا في غَفلِـةٍ عَنكُم بَـلْ كُـنا
ظالِمِينَ, وَما كانَ اللهُ مُعَذبَ قومٍ في جَهالَتِهِم حَتى جَعَلَ فِي أُمِّها مَنْ يَتلُوا
عَليهُمُ الكِتاب ويُعَلِمُهُم وإلا فَيَهْلِكُ اللهُ أهلُها الفاسِقون, فإنْ لَـمْ يَسْتِجِيبُـوا
لِقـولِ الحَـق يَومَئِـذٍ يُنادي المُـنادي فَيَقـُول ماذا أجبْتـُم عِبـادي الناصِحِيـنَ
فَضاعَت عَليهُـم الأقـوالُ بَعـدَما عَلِمُـوا أنَــهُ الحَـق فَهُـم لا يَتَكَلَمُـون, أفـلا
يَتَبَصَرُونََ مَا الحَقِ مِنْ بَعـدِما جاءَتهُمُ الأنباءُ كامِلَة أمْ جاءَهُم عُمِياً ما لَـمْ
يُؤتِ بِعُمْيِّ الكافِرين, وَما يُضِلُوا إلا أنفُسَهُم بِما أصَرُوا على ما فَعَلُوا مِـنْ
سَفَهٍ كَذلِكَ يَسْلُكُهُ اللهُ في نِفُوسِ المُنافِقِين, وَلـوْ رَحَمَهُم اللهُ وَكَشَـفَ عََـنْ
عُمْيِهِم كَالذينَ قالـُوا آمَـنا لَعَمَـدُوا إلى عِنادِهِم يَعمَهُـون, فـَذرَهُمُ اللـَّهُ فـي
أنفُسِهِم كَثيـراً ففَعَلـُوا كَما هُـم يُؤفَكُون, عَـسى اللـَّهُ أنْ يُهْدِيَهُـمُ ويَرجُـونَ
عَفوَهُ عَما يُوزَعُون) (صَدقَ اللهُ تَعالى عَمّا قال) (لِيَمِيـزَ اللـَّهُ الْخَبِيثَ مِـنَ
الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْـضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّـمَ
أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(الأنفال37)
حَمِـل وَاخزن المَلـف عِندَكَ وَاطَلِع على
أحكامُ وشرائِطُ الصَـلاة علـى الجَـنازة
مركز فيافي للتحميل