زيكو العراقي ... واسود البرازيل!! نحن بحاجة الى فلسفة رياضيه شامله, فلسفة عراقية بحته, صادقه وخالصة, امينة وقادرة على التخلص من تبعات وارث الماضي الذي ساد في اروقة وملاعب الكرة العراقية لسنوات وعقود طويلة والتي اثبتت فشلها وعدم جدواها بعد ان تطورت ثيمات الكرة العالمية منذ عقد السبعينيات مع طموحات المنتخب الهولندي في طرحه وتقديمه للكره الشامله التي قادت هولندا الى المستويات العالمية الرائدة والتي تبعتها بعد ذلك العديد من الدول في استنساخ هذه التجربه او اختراع ما يناسبها من نظريات وتطبيقات نجحت اغلبها وفشلت بعضها لسبب او لاخر.
لا تزال الكرة العراقية رغم كل الانقلابات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في العراق تراوح في مكانها, ورغم الزلزال الذي ضرب العراق بعد 2003 لم يبادر احد الى الحديث عن مبادرة جديده تنقذ الكره من ارثها العتيق البالي بل لم يجروء احد على ان يضع لبنة اولى في صرح التغيير الذي كان مطلوبا بقوة بعد الاخفاقات العديده التي مني بها المنتخب العراقي والفشل الذريع الذي واجهته جميع الخطط الانية التي تم وضعها باستعجال وبتهور حيث لم يكن ايا من قيادي الكرة في العراق قادرا او مستعدا للعمل وفق منظور مستقبلي يستشرف الافاق الجديدة لكرة القدم في العراق, لم تكن هناك نظرية ولا الية ثابته ولا فلسفة يتم اختبارها وتجربتها لغرض التاكد من جدواها وفعاليتها, كان الارتجال هو السائد, والعواطف هي المحرك, ولم يكن الدافع للحصول على النتيجة المطلوبة في كل اختبار غير الاوامر المشدده التي تعني في النهاية المزيد من العقوبات والاهانات عند كل خسارة او هزيمة.
كنا ولا نزال نعمل وفق مبدأ الارض والجمهور, الذي عملت به الفرق سابقا, واثبت جدواه بعض الشيء, ولكن الواقع كان يشير الى ان اي فريق يعمل وفق الية منظمة وثابتة لا يمكن ان يعمد الى التعكز على مثل هذا المبدأ, لقد بدا العالم يتغير, سياسيا واقتصاديا واجتماعيا, كل شيء يتغير, ولا بد ان يشمل التغيير اليات الكرة العراقية, لقد قلت في مقالات ولقاءات سابقة وتحدثت كثيرا حول ضرورة النظر الى المستقبل والاستفادة من تجارب الماضي والعمل في الحاضر على انه هو المستقبل.
لقد دعوت وبالحاج الى ضرورة وضع فلسفة شاملة وواضحة لكرة القدم العراقية وليس بالضرورة ان تكون مثل هذه الفلسفة عراقية بحتة كما ذكرت في البداية بل يجب تطعيمها في مراحلها الابتدائية بشيء من التجارب والخبرات العالمية الاصيلة ودعوت الى الاستفادة من المدربين العالميين بعد ان ثبت فشل الاعتماد على المدرب المحلي الذي ارهقته الاوامر واتعبته التدخلات التي باتت سمة من سمات الكرة العراقية, ورغم ان الكثير من العراقيين كانوا حريصين فعلا على تطوير كرة القدم في العراق ورغم ان السياسة لعبت دورا بشعا ولئيما في تخلف الكرة ورغم انها ساهمت في خلق عدد لا يحصى من الجهلة والمستفيدين والمتملقين الا ان الواقع يشير الى اللاعب العراقي والمشجع العراقي بقيا نظيفين وصادقين وحريصين على ادامة ومتابعة كرة القدم ولكن ذلك لا يكفي ولا يمكن للتشجيع الذي يبديه الجمهور ولا صدق واخلاص اللاعب ان يكونا كفيلين بتطور اللعبة.
نحن بحاجة الى سياسة واضحة للبدء والمباشرة باجراء التطوير والوصول باللعبة الى مستوياتها العالمية, لقد بدانا بالخطوة الاولى وهي, كما دعونا دائما, اختيار المدرب الكفء, مدرب معروف عالميا, ولديه تجارب وانجازات كثيرة, وهي خطوة اولى على الطريق الصحيح, رغم اننا لا نزال ندعو الى ان تكون الخطوات التي طالما طالبنا بتحقيقها هي الهدف الثاني وهي وضع السياسة والفلسفه الضرورية لتطوير كرة القدم في العراق.
لقد حقق زيكو, اللاعب والمدرب البرازيلي المعروف بداية طيبة اذا لم تكن ممتازة فعلا, وراينا تغييرا في لعب العراقيين, فكانما زيكو يتنفس الهواء العراقي ويتحدث اللهجة العراقية وكانما العراقيين اسود الرافدين لايقلون ابداعا وفنا من اسلوب البرازيل, وكأن هذا التبادل في الادوار هو الذي خلق التناغم بين زيكو والمنتخب العراقي, ولم لا, ليلعب العراقيون بالطريقة البرازيلية, وليتحدث زيكو بالعراقية, فالفن ليس حكرا على احد, ما دام المنتخب العراقي قادرا اليوم على تقديم ابداعاته على طبق برازيلي وبنكهة عراقية بحته, لانهم في النهاية سيبقون عراقيين يلعبون السامبا البرازيلية وكانهم يرقصون الجوبي العراقي.
وسيبقى المنتخب العراقي فريدا في كل شيء حتى في اخفاقاته وخساراته ولكنه في النهاية سيبقى منتخبا عراقيا يحبه العراقيون ويحترمه العرب ويهابه الاسيويون وتتطلع اليه ربما في وقت لاحق اوروبا كلها.