في مثل هذا الوقت من كل عام، كنا ننتظرها أن تهل علينا، كما يهل الشهر الكريم.. لم يكن يحلو رمضان الذي يطرق الأبواب الآن الا بها ومعها، كانت تلك الحورية الساحرة تخطف القلوب والأفئدة، عندما تأتينا مثل العروس التي انشق عنها البحر، فراحت تنفخ من روحها فنا واستعراضا، ملهما مبهرا.. لكنها علي مدي سبع سنوات عجاف مضت، غابت بفعل فاعل.. أخلفت موعدها مع محبيها، رغما عنها، هاجمها وحش المرض اللعين، فخاضت معركة كتبت عليها، ولم تخترها!
هذه المخلوقة العجيبة، التي تشبه ساحرات ألف ليلة وليلة، ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، وعاشت سلسلة من المآسي الشخصية، لم يكن أحد يصدق أن تعرف شيريهان طعم الألم الرهيب مبكرا جدا، ومن قبل أن يمسها المرض اللعين، فقدت الأب والأم وفقدت الأخ الحنون عمر خورشيد في سنوات تكوينها الأولي، كانت تحتاجهم جميعا، لكنهم راحوا وفي حوادث مؤلمة أيضا!
منذ سنوات لم تعد تلك الساحرة تأتينا من عالمها الخاص، كحورية من الجنة لتسعدنا، ولأنها من معدن نادر ثمين، كان الابتلاء النادر من نصيبها، لتتوقف عروس البحر عن الرقص والحركة، وضعها الوحش الكاسر أمام أصعب اختبار يواجهه انسان، لكنها انتصرت ولم تنكسر، قهرت عدوها المتربص بها تحت جلدها بعد أن هاجم أكثر من عضو في جسدها الذي لايزيد علي 55 كيلو جراما.
انتصرت.. ورفع الوحش راية الاستسلام.. وعادت النسمة الرقيقة إلي الحياة.. أليست عروس البحر ومن حقها أن تفرح وتمرح بحياتها وموهبتها الربانية.. وقد آن الاوان أن تكرمها الاسكندرية في مهرجانها السينمائي الحالي ليكون ذلك مفاجأة سارة بعد رحلة عذاب طويلة.
بدأت طريقها في الفن وهي لاتزال في التاسعة من عمرها، وخلال هذه الفترة تنبأ لها الفنان الراحل عبدالوارث عسر بمستقبل باهر ثم توالت الاشادات بها من كبار الفنانين والنقاد، وكانت بدايتها في التليفزيون وعمرها 9 سنوات من خلال مسلسل 'المعجزة' مع عمر الحريري.. واستطاعت بعد ذلك ان تحقق مكانة كبيرة في قلوب مشاهديها، لدرجة أنها أعادت الي الاذهان أمجاد الطفلة فيروز، ودفعت النقاد والجمهور الي المقارنة بين الطفلتين المعجزتين.
جاء نجاحها المدوي من خلال فوازير رمضان مع المخرج فهمي عبدالحميد وانطلقت لتقدم العديد من الاعمال الناجحة في التليفزيون والسينما ومنها 'العذراء والشعر الابيض' 'الطوق والاسطورة'، 'خلي بالك من عقلك' ، 'شارع السد'، 'قفص الحريم'، 'جبر الخواطر'، 'كريستال' وفي المسرح برعت في العديد من الاعمال منها 'شارع محمد علي'، 'علشان خاطر عيونك'، 'سك علي بناتك'
تقول شيريهان عن بدايتها:
الحمد لله كانت بداية موفقة والظروف ساعدتني حيث وفرت أمي يرحمها الله الكثير لي منذ اكتشفت موهبتي، فانشأت شركة انتاج خاصة لتقدمني وأنا طفلة، وفي عام 1972 قدمتني في مسلسل 'المعجزة' وحقق نجاحا كبيرا لفت أنظار الجميع وبعده قدمت فيلم 'الخبز المر'.
موعودة بالمأسي
منذ مولد الطفلة شيريهان foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? عبدالفتاح الشلقاني في 11 ديسمبر عام 1964 وحكاياتها لا تنتهي.. حكايات تختلط فيها الدموع بالضحكات.. شيريهان المجنونة بالفن ذهبت للأضواء بنفسها وعاشت مع الألم تحت الأضواء.
ففي عام 1978 توفي والدها وعمرها لا يتجاوز 14 عاما وفي عام 1981 رحل شقيقها عمر خورشيد الذي اكتشفها وقدم لها الحب والحنان في حادث سيارة غامض ومروع.
وفي عام 1986 وقبل أيام من رفع الستار عن العرض الأول لمسرحيتها 'علشان خاطر عيونك' أصيبت بمرض غريب وسافرت للخارج حيث اجريت جراحتان في غاية الخطورة.
وفي عام 1988 توفيت أمها بعد صراع مع مرض السرطان وأعقب ذلك قضية للتشكيك في نسبها لوالدها استمرت تلك القضية لعدة سنوات.
وفي عام 1989 نجت من الموت بأعجوبة بعد انقلاب سيارتها وهي في طريقها الي الاسكندرية.
حالتها الصحية الآن
البروفيسور جيوفاني طبيب شيريهان اكد انها شفيت تماما من المرض اللعين، وأنه يمكنها العودة الي العمل الفني بشرط ألا تعمل أكثر من ساعتين يوميا أمام الكاميرا حتي لا تصاب بالارهاق، ولم تعد تحتاج الي السفر لفرنسا للمتابعة، بل ستحتاج فقط الي كشف دوري روتيني كل 6 أشهر وسوف يجريه 'جيوفاني' عليها هنا في مصر وأكد الطبيب انها تستطيع العودة الي فنها بشكل طبيعي.
تقول شيريهان:
في رقبتي دين لكل الناس الذين لم يبخلوا علي بالدعاء يوميا، وأنا مشتاقة للعودة اليهم بفن راقي محترم.
أسعد لحظات حياتي أقضيها مع رسائل جمهوري من المعجبين والمعجبات حيث ارد بنفسي علي كل رسائلهم وتقول لجمهورها:
'نفسي ارجع علشان خاطركم ولانكم كمان وحشتوني كتير'.
كيف تقضي يومها؟
تقول شيريهان:
بأعمل كل حاجة في نفسي تقريبا، وطبعا النصيب الأكبر بيروح في الاهتمام بابنتي 'لولوا' وأمور أخري لا أريد الخوض فيها لانها تكون بين العبد وربه، لكنني مقتصدة الي حد ما في مشاهدة برامج التليفزيون بناء علي أوامر الاطباء لابعادي عن أي انفعالات من شأنها ارهاقي نفسيا لاسيما نشرات الأخبار ومذابح العراق وفلسطين.
إحدي القنوات الفضائية عرضت علي شيريهان مليون جنيه لتتحدث عن محنة مرضها لكنها رفضت هذا العرض.
وصية رابعة العدوية
تقول شيريهان:
منذ بدأت التمثيل وعشقت الفن وسط عائلة فنية فوالدي foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? خورشيد فنان الكاميرا ومدير التصوير وشقيقي عمر خورشيد عازف الأورج وأمي كانت تحب الفن بجنون.
منذ طفولتي وأنا احلم بتجسيد دور 'رابعة العدوية' فهي من الشخصيات المحببة جدا إلي قلبي وتمتلك كل حواسي وكان الشاعر الغنائي الراحل صاحب القصة عبد السلام أمين قد انتهي من كتابتها قبل رحيله عن الدنيا، وعرض علي الدور وأوصاني به قبل وفاته بيوم واحد، أي وهو علي فراش الموت، وبالفعل رحبت جدا بالمسلسل، لاسيما أن علاقة طيبة جدا كانت تربطني به رحمه الله، كما أن وصية المتوفي واجبه التنفيذ علي كل انسان قادر، وبالفعل بدأت التحضير قبل عدة سنوات لمسلسل 'عازفة الناي رابعة العدوية' لكن ظروف مرضي حالت دون ذلك، لكن بعد الشفاء لدي اصرار كبير وعزيمة علي اتمام هذا العمل طالما أمد الله في عمري وهو اختبار صعب جدا.. أشعر وكأنني سأقف أمام الكاميرا لأول مرة في حياتي، لكن ما يزيد في قوتي هو احساسي أن الجمهور ينتظرني علي الشاشة.
عن زوجها وضرتها
ماذا تقول شيريهان؟
'ياريت كل الازواج يكونوا زي علاء الخواجة.. ده انسان ماحصلش وهدية ربنا لي.. وجدت فيه كل السند والأمان اللي تبحث عنه أي امرأة في الدنيا'.
تقول عن ضرتها اسعاد يونس:
'والله العظيم هي بالنسبة لي في مقام الاخت وأكثر ولا إنسي وقوفها بجانبي خلال محنة مرضي والعمليات التي اجريتها.
ولا انسي لها رعايتها لابنتي طوال أزمتي، وحتي قبل المرض كانت علاقتي بها يسودها الاحترام والمودة، وعلاوة علي ذلك ابنها عمر هو الأخ الوحيد لابنتي 'لولوا' أي أن كلا منهما سيظل السند للآخر في الدنيا.. والعقل يقول إن كلامنا سيمضي ويبقي أولادنا!'
'لولوا'
تقول شيريهان :
أخفي ابنتي لولوا عن الكاميرات لأنني بكل بساطة اريدها ان تكون نفسها ولا ارغب في أن اكون السبب وراء شهرة مبكرة لها قد تأتي بنتائج عكسية وتشتت تفكيرها وهي غير قادرة علي التمييز.
الاختيار
لولوا نسخة مصغرة من شيريهان في كل ملامحها وجمالها وصفاتها ويكفي ان 'لولوا استطاعت أن تنزع مني حبي اللانهائي للفن وتحولني من فراشة تهوي الشهرة والاضواء الي حضن دافيء ليس له مثيل وساعات أقول لنفسي:
انت عارفة يا شيري ربنا كتب لك عمر جديد ليه؟ أكيد علشان 'لولوا' لانها أكثر واحدة محتاجة لي وأكيد كمان علشان ربنا مش عايز يحرمني من الشعور الرائع اللي بحسه طول ما يشوف لولوا سعيدة بجانبي.
شيريهان وعمرو خالد
اللافت للانتباه العلاقة الطيبة التي باتت تجمع بين شيريهان والدعاة الجدد وخاصة عمرو خالد.
ففي شهر مارس من عام 2007 التقت مع الداعية عمرو خالد وتم اللقاء في قصرها بالمنصورية، ولطالما زارها عدد من الدعاة والمشايخ مثل الشيخ خالد الجندي وتم اللقاء مع عمرو خالد بناء علي دعوة شيريهان، فقد شعرت انها تحتاج الي من ينفض غبار الضيق من علي قلبها ويهون عليها ما تبقي من آلام.
استقبلته شيريهان بحفاوة بالغة ودعت الي تلك الجلسة أقاربها وأبناء شقيقاتها، لم تقابله بشعرها بل ارتدت طرحة فوق شعرها، وكأنها كانت تمهد لخطوة الحجاب.
وتطرق الحديث بينهما الي أمور الدين والدنيا وقال لها عمرو خالد:
ان المرض كفارة، وانها كمن يبدأ مرحلة جديدة من حياتها، وانها تستطيع ارتداء الحجاب وتواصل عملها في الفن لان الفن ليس حراما مادام لا يوجد به معصية لله.
وبالفعل ارتدت الحجاب وتفكر في العودة للفن.
الجوائز
تقول شيريهان:
أهم جائزة حصلت عليها وأنا طفلة هي شهادة الفنان الكبير عبدالوارث عسر، عندما أخذتني أمي له ليختبرني في التمثيل والالقاء، وتنبأ لي بمستقبل كبير في الفن فقد فرح جدا بموهبتي، وهنأ والدتي، وبعد ذلك حصلت علي شهادات مهمة اعتبرها نقطة تحول في حياتي وجاءت من الفنان الكبير رشدي أباظة وعبدالحليم حافظ وسيدة الشاشة فاتن حمامة، أما الجائزة الكبري فكانت شهادة أم كلثوم بموهبتي.. وكانوا جميعا قد رأوني أرقص في الحفلات العائلية علي موسيقي شقيقي عازف الاورج عمر خورشيد
منقول من مجلة اخبار النجوم
اخوك محيدر القريشي