السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدم الشهيد/ سيد قطب
من خواطره
الخاطرة السادسة
حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحأ، أو أطيب منهم قلبأ،
أو أرحب منهم نفسأ، أو أذكى منهم عقلأ، لا نكون قد صنعنا شيئآ كبيرأ.. لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة!.
إن العظمة الحقيقية: أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع ! ..
إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية،
أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثنى على رذائلهم، أو أن نشعرهم
أننا أعلى منهم أفقأ.. إن التوفيق بين هذه المتناضات
وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد: هو العظمة الحقيقية !..
الخاطرة السابعة
عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة نحس أنه لا يعيبنا
أن نطلب مساعدة الآخرين لنا، حتى أولئك الذين هم أقل منا مقدرة!
ولا يغض من قيمتنا أن تكون معونة الآخرين لنا قد ساعدتنا
على الوصول إلى ما نحن فيه. إننا نحاول أن نصنع كل شىء بأنفسنا، ونستنكف أن نطلب عون الآخرين لنا، أو أن نضم جهدهم إلى جهودنا.؟
نستشعر الغضاضة في أن يعرف الناس أنه كان لذلك العون
أثر في صعودنا إلى القمة. إننا نصنع هذا كله حين
لا تكون ثقتنا بأنفسنا كبيرة
أي عندما نكون بالفعل ضعفاء في ناحية من النواحى..
أما حين نكون أقوياء حقأ فلن نستشعر من هذا كله شيئأ..
إن الطفل هو الذي يحاول أن يبعد يدك التى تسنده وهو يتكفأ في المسير !.
عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة، سنستقبل
عون الآخرين لنا بروح الشكر والفرح.. الشكر لما يقدم لنا من عون..
والفرح بأن هناك من يؤمن بما نؤمن به نحن.. فيشاركنا الجهد والتبعة..
إن الفرح بالتجاوب الشعوري هو الفرح المقدس الطليق !.
الخاطرة الثامنة
إننا نحن إن " نحتكر " أفكارنا وعقائدنا، ونغضب حين ينتحلها الآخرون لأنفسهم،
ونجتهد في توكيد نسبتها إلينا، وعدوان الآخرين عليها!
إننا إنما نصنع ذلك كله، حين لا يكون إيماننا بهذه الأفكار والعقائد كبيرأ،
حين لا تكون منبثقة من أعماقنا كما لو كانت بغير إرادة منا حين لا تكون
هي ذاتها أحب إلينا من ذواتنا !.
إن الفرح الصافي هو الثمرة الطبيعية لأن نرى أفكارنا وعقائدنا
ملكا للاخرين، و نحن بعد أحيأء. إن مجرد تصورنا لها أنها ستصبح –
و لو بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض- زادا للاخرين وريا،
ليكفى لأن تفيض قلوبنا بالرضى والسعادة والاطمئنان!.
" التجار " وحدهم هم الذين يحرصون على " العلامات التجارية "
لبضائعهم كى لا يستغلها الآخرون ويسلبوهم حقهم من الربح،
أما المفكرون و أصحاب العقائد فكل سعادتهم في أن يتقاسم الناس أفكارهم
وعقائدهم ويؤمنوا بها إلى حد أن ينسبوها لأنفسهم لا إلى أصحابها الأولين !..
إنهم لا يعتقدون أنهم " أصحاب " هذه الأفكار والعقائد، وإنما هم مجرد " وسطاء "
في نقلها وترجمتها.. إنهم يحسون أن النبع الذي يستمدون منه ليس من خلقهم،
ولا من صنع أيديهم. وكل فرحهم المقدس!،
إنما هو ثمرة اطمئنانهم إلى أنهم على اتصال بهذا النبع الأصيل !..
مما تصفحت
مع التحيه والتقدير