المالكي يعيد صناعة التوتر الطائفي في العراق
بغداد - العرب اونلاين- مأمون السامرائي:وجهت أوساط سياسية عراقية اتهامات صريحة لرئيس الوزراء نوري المالكي بإحياء الائتلاف الشيعي بصيغة جديدة، وحذرت من تداعيات هذه الخطوة التي قالت إنها قد تعيد البلاد إلى مرحلة الصراعات الطائفية، خصوصا بعد أن رحب بها مقتدى الصدر وأبدى حماسة لتفعيلها.
وأعلنت جبهة التوافق العراقية السنية على لسان الناطق باسمها سليم الجبوري أن دعوة الأحزاب الشيعية إلى تكوين ائتلاف كبير يصبح سندا لحكومة شيعية مقبلة، إشارة واضحة لنية المالكي حمل لواء الاستقطاب الطائفي من جديد، مثلما جرى بعدما جيء به إلى الحكومة أواسط 2006، حيث عاش العراق أشهرا عصيبة من نزيف الدم.
ونقل عن الجبوري النائب أيضا عن الحزب الإسلامي العراقي الذي يتزعمه طارق الهاشمي نائب "رئيس الجمهورية"، قوله: إن المالكي بذلك "يحمل لواء الاستقطاب الطائفي من خلال هذه الدعوة لغرض إجهاض ما تم التوصل إليه سابقا من عملية الميل نحو المشاريع والبرامج الوطنية".
وأضاف: "هذا الأمر قد يحفز الكتل الأخرى السنية أو تلك ذات البعد القومي في سبيل الميل نحو هذا الاستقطاب وبالتالي نعود إلى التحالفات الطائفية".
وفي تطور يبرر مخاوف الجبوري، وينظر إليه على أنه استجابة لدعوة المالكي، أعلن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في بيان صدر عنه مساء الجمعة الماضي عدم معارضته العودة للائتلاف الشيعي لكنه اشترط إبعاد القوى "الطائفية السابقة"، في إشارة إلى المجلس الإسلامي الأعلى الذي يقوده عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف الشيعي الذي تقهقر في انتخابات مجلس المحافظات.
وقال الصدر في بيانه إن القوى السياسية التي فازت بانتخابات الشهر الماضي "تريد تشكيل ائتلافات سياسية لأجل الاتفاق على المرحلة المقبلة والاتفاق على نقاط مصيرية".
وأضاف: "أنصحهم بذلك وبأسرع وقت ممكن... إلا أن هذه التحالفات تكون مشروطة بعدم التحالف مع القوى الطائفية السابقة التي ما أوصلتنا إلا إلى الحروب والجوع ونقص الأموال وغيرها من الأمور".
وخلال الانتخابات التي جرت في 31 من الشهر الماضي، منيت قائمة الحكيم بخسارة فادحة في محافظات الجنوب ذات الغالبية الشيعية، بعدما تلطخت سمعة المجلس الإسلامي الأعلى في هذه المناطق، وضلوع مسؤوليه وعناصر ميليشياته في قضايا فساد بينها اتهامات بالسَّرقة والاختلاس ونهب المال العام وتغليب المحسوبية والولاءات الحزبية والشخصية على الكفاءة والوطنية.
وانسحب التيار الصدري وحزب الفضيلة من الائتلاف الشيعي ولم يتبق في الائتلاف إلا حزب الدعوة الذي يقوده المالكي والمجلس الأعلى بزعامة الحكيم اللذان يعيشان الآن أسوأ مراحلهما في البقاء في تحالف واحد بسبب الاختلافات الكبيرة بينهما.
وفي صورة نجاح المالكي في تشكيل ائتلاف جديد سيمنحه ذلك فرصة للبقاء قويا على رأس الحكومة التي أصبحت موضع انتقادات شديدة من كتل سياسية كانت بالأمس القريب من طوابير الحلفاء من ذلك التحالف الكردستاني.
وعلل النائب سامي العسكري عضو البرلمان من الائتلاف والمقرب من رئيس الحكومة بالقول إن محاولات المالكي بلورة ائتلاف هي "عملية تفرضها ضرورات سياسية"، وقال "ليس سرا أن هناك تآمرا ومحاولات من بعض كتل البرلمان للإطاحة بحكومة المالكي ولهذا فإن المالكي بحاجة إلى تكتل يدعمه داخل مجلس النواب".
ويقول سياسيون في بغداد إن نوري المالكي قد يفهم بالخطأ تقدم قائمته "ائتلاف دولة القانون" في الانتخابات الأخيرة ليعيد صناعة التوتر في البلاد، بينما رأى البعض الآخر أن موجة التفجيرات الأخيرة التي استهدفت الشيعة في كربلاء، هي نذر تصفية حسابات بين الكتل الشيعية المتناحرة، لا هجمات لتنظيم القاعدة أو "الإرهابيين" كما تزعم الحكومة.