للحوار في لغتنا وتراثنا معان رفيعة القدر سامية الدرجة تكسوها مسحة راقية وتكسبها دلالة عميقة .
إذا رجعت إلى معنى الحوار وجدته : ( المراجعة في الكلام ) مما يوحي بما ينبغي من رحابة الصدر
وسماحة النفس ورجاحة العقل ،
وما يحتاج إليه من ثقة ويقين وثبات ، وما يلزم من القدرة على التكييف والتجاوب التفاعل والتعامل المحتضر الراقي
مع الأفكار والآراء جميعاً .
وارتباط الحوار بمعنى الرجوع عن الشيء وإلى الشيء
يثبت في الضمير الإنساني فضيلة الاعتراف بالخطأ ،
ويركز على قيمة عظمى من قيم الحياة الإنسانية وهي
القبول بمبدأ المراجعة بالمفهوم الحضاري الواسع
الذي تجاوز الرجوع عن الخطأ إلى مراجعة الموقف برمته إذا اقتضت لوازم الحقيقة وشروطها هذه المراجعة ،
واستدعى الأمر إعادة النظر في المسألة المطروحة للحوار على أي نحو من الأنحاء وصولاً إلى إجلاء الحق .
فالحوار قيمة من قيم الحضارة الإسلامية المستندة أساساً إلى مبادئ الدين الحنيف وتعاليمه السمحة ،
وهو موقف فكري ، وحالة وجدانية ، وهو تعبير عن أبرز سمات الشخصية الإسلامية السويّة وهي سمة التسامح ،
لا بمعنى التخاذل والضعف بوازع من الهزيمة النفسية ،
ولمن بمعنى الترفع عن الصغائر والتسامي عن الضغائن والتجافي عن الهوى والباطل .
وعلى الرغم من الطبيعة المتشعبة للحوار فإنه ليس دعوةً ولا مناظرةً ولا مجادلة
ولكنه صيغة جامعة وأسلوب من أساليب التقارب والتجاذب والتفاعل
شروط الحوار الجاد الهادف
أن يتصف بالحكمة ،
والحكمة في هذا الباب هي : جماع العلم والعقل أو المعرفة والأداة ،
ومن عناصرها : الفطنة ، وحسن الفهم ، وعمق الوعي ، وسعة الإدراك ، والرشد ، والتنبيه ، والقصد والاعتدال
( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً )
منقول