مسؤولون عراقيون: الائتلاف الرباعي الجديد يسعى لتحجيم الصدر والمتشددين السنة
مصدر مقرب من المالكي: رئيس الوزراء رفض الانضمام إلى المبادرة خوفا من تنحيته
<TABLE style="FLOAT: left" cellPadding=10 border=0><TBODY><TR><TD> </TD></TR></TBODY></TABLE>
بغداد: ادوارد وونغ*
بعد مناقشات مع إدارة الرئيس جورج بوش، بدأت عدة أحزاب سياسية عراقية كبيرة في إجراء محادثات فيما بينها لتشكيل ائتلاف يهدف إلى تحجيم النفوذ التي يمثله تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر داخل الحكومة، حسبما قال مسؤولون عراقيون كبار.
وتجري المحادثات حاليا بين الحزبين الكرديين الرئيسيين والحزب الإسلامي العراقي الذي يعد الأكثر نفوذا بين العرب السنة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، اكبر التنظيمات الشيعية والمقرب من ايران. ودعا قادة هذه التنظيمات رئيس الوزراء نوري المالكي للانضمام اليهم. لكن المالكي الذي تجمعه أواصر قوية بالصدر، رفض ذلك خوفا من أن تكون هذه الأحزاب عازمة على إخراجه من منصبه، حسبما قال نائب شيعي قريب من المالكي.
وقال المسؤولون المشاركون في هذه المحادثات إن هدفهم ليس تقويض المالكي، بل عزل الصدر، إضافة إلى عزل السياسيين السنّة المتشددين داخل الحكومة. ويبدو أن الأميركيين الذين يشعرون بالضيق من اعتماد المالكي سياسيا على الصدر، يعملون بدأب الآن لبناء ائتلاف جديد. والتقى الرئيس الاميركي جورج بوش الأسبوع الماضي في البيت الأبيض عبد العزيز الحكيم زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والذي يتمتع بدعم إيران.
ولزيارة الحكيم وكذلك لقاء بوش مع طارق الهاشمي النائب السني لرئيس الجمهورية علاقة مباشرة بمسعاهما لتشكيل ائتلاف جديد، حسبما قال مسؤول عراقي رفيع. وكان ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي قد كتب في الشهر الماضي مذكرة سرية تدعو المسؤولين الأميركيين كي يضغطوا على القادة العرب السنة وعلى القادة العراقيين الشيعة، خصوصا الحكيم، لدعم المالكي إن هو أراد بناء «قاعدة سياسية بديلة». وأشارت المذكرة إلى أن الأميركيين قادرون على توفير «الدعم المالي لهذه المنظمات المعتدلة». وقال المسؤولون العراقيون المشاركون في المحادثات إنهم وراء فكرة تشكيل الائتلاف بعد تنامي مشاعر الضيق من السياسيين ذوي الاتجاهات المتطرفة.
وقال برهم صالح، نائب رئيس الوزراء وأحد كبار قياديي الاتحاد الوطني الكردستاني، إن هناك «عددا من الأحزاب السياسية الأساسية عبر الانقسام الطائفي القائم تعترف بخطورة الوضع وأصبحت أكثر فأكثر مدركة أن مصيرها ومصير البلد لا يمكن أن يكون رهينة بيد نزوات الجماعات المتطرفة داخل أوساطهم».
وأظهرت علاقة الصدر بالمالكي قدرا من علائم التوتر؛ ففي يوم 30 نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، سحب الصدر نوابه الثلاثين من البرلمان مع وزرائه الستة من الحكومة. ودعاهم المالكي كي يعودوا، لكنهم قالوا إنهم لن يقوموا بذلك إلا إذا وضع المالكي والأميركيون جدولا زمنيا لسحب القوات الأميركية، وردد الصدر هذا الطلب عبر رسالة نارية أطلقها يوم الأحد الماضي.
ويقول بعض القادة العسكريين الكبار إن الجهود الهادفة لتحقيق السلام مع الصدر عبر السياسة، فشلت على الأكثر وقد يكون أمرا لا مناص منه القيام بهجوم عسكري جديد على معاقله.
من جانبه، استنكر فلاح شنشل النائب في البرلمان العراقي والمصطف مع الصدر، فكرة تشكيل ائتلاف جديد. وقال: «نحن ضد أي نوع من أنواع الكتل أو الائتلافات الجديدة. علينا أن نقوم بوحدة فيما بيننا، وأن نكون في الجبهة الأمامية ضد الإرهاب وتحرير البلد من الاحتلال». ويقول المسؤولون العراقيون إن الخطورة الأخرى هي احتمال ردود الفعل الحادة ضد الأحزاب المشاركة في المحادثات من قادة آخرين ضمن كياناتهم الطائفية أو الاثنية.
فبالنسبة للحكيم والمالكي سيثير أي تحالف يشكلانه مع العرب السنّة ضد الصدر، غضب المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني. فمنذ إسقاط صدام حسين ظل آية الله السيستاني يعمل من أجل جلب كل التشكيلات السياسية الشيعية المتناحرة في ائتلاف شيعي لحكم العراق. وذلك الائتلاف الذي يضم حلفاء الصدر يشغل حاليا 275 مقعدا في البرلمان العراقي.
كذلك هو الحال مع الهاشمي، الزعيم العربي السني، فهو الآخر يخاطر بنأي النواب المنتمين إلى كتلة سنية في البرلمان عنه. أما المسلحون الذين أغلبهم من العرب السنة فإنهم قادرون على رفع درجة العنف ضد الهاشمي وتنظيمه، الحزب الإسلامي العراقي. وسبق أن قُتل اثنان من اخوة الهاشمي. وقال السياسيون العرب السنّة غير المشاركين في المباحثات إنهم غاضبون جدا من فكرة الائتلاف.
وبسبب كل هذه المخاطر ما زال المسؤولون العراقيون يناقشون ما إذا كان عليهم أن يحاولوا تشكيل هذا الائتلاف داخل البرلمان أو خارجه، بحيث تبقى الائتلافات الحالية على حالها اسميا. وقد يتمكن ائتلاف يتم تشكيله خارج البرلمان من العمل مع حكومة المالكي لصياغة السياسات وتجاوز المجلس التشريعي بما يخص أي قرارات مهمة. وقال جلال الدين الصغير «لن تكون هناك تغييرات في التشكيلات الائتلافية القائمة حاليا. نحن نتكلم عن قوى سياسية تتجمع في الشارع لدعم العملية السياسية».
لكن الأحزاب المشاركة في المحادثات غير قادرة على كسب ثلثي الأصوات البرلمانية لإقصاء المالكي من منصبه وتشكيل حكومة جديدة مثلما يقتضيه الدستور. وإذا تمكنت هذه الأحزاب من جلب أطراف أخرى مثل التنظيم العلماني الوسط الذي يرأسه اياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق، فإنها قد تتمكن من تحقيق الأكثرية المطلوبة، وهذه إمكانية، طالما أن هذه الأطراف توصف بالمعتدلة.
وإذا تحركت الأحزاب لتبديل المالكي كرئيس للوزراء، فإن أحد المرشحين الأقوياء هو عادل عبد المهدي نائب الحكيم، كان هو المفضل لدى البيت الأبيض في الربيع الماضي كي يشغل المنصب. لكنه خسر المنافسة حينما دعم الصدر، الذي تجمع عائلته بعائلة الحكيم عداوة تاريخية، مجموعة المالكي المتمثلة بحزب الدعوة الإسلامية، عند إجراء التصويت داخل الائتلاف الشيعي.
وقالت الاحزاب التي تحاول تشكيل هذا الائتلاف، إنها اتصلت بالمالكي قبل عدة أيام كي يشارك معها. لكن نائبا قريبا لرئيس الوزراء العراقي قال إن مسؤولين كبارا في حزبه عارضوا الفكرة، وقالوا إنها أغضبت آية الله السيستاني. ومن المحتمل أن يساعد ائتلاف من هذا النوع على فتح الطريق أمام الحكيم كي يقصي المالكي من منصبه لصالح عبد المهدي. وقال ذلك المشرع الذي تكلم، شرط عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مرخص بالتكلم عن مشاورات المالكي: «الكل يعرف أن الحكيم يريد عادل عبد المهدي أن يكون رئيس الوزراء؛ إنه ليس سرا. انه أمر جميل أن تقول إنك تريد سحب المالكي بعيدا عن المتطرفين، لكنه قد يكون غطاء للهدف الحقيقي المتمثل بإسقاطه».