شكرٌ قبل الرحيل


أشْكُركم الشّكرَ الجَزيلْ
فَاعذُرُونِي أيُّهَا الأحبَابُ
في الفرات الحبيب
إنْ كنْتُ على وَشْكِ الرَّحِيلْ
شِئتُ أنْ أبقَى وَلكِنِّي قتيلْ
إنَّ فِي أحرُفِكُمْ
للقلبِ أنهَارَ هَدِيلْ
أنا مُحتاجٌ إليكمْ
والنَّوى مِلحٌ
على دَمْعِي يَسِيلْ
قسَمًا بِالله يَا أحبَابَ قلبي
إنّنِي فِيكم يَتيمُ الشَّوْقِ
مَا عِنْدِي سِوَى أحرُفِكُمْ
شَيءٌ بَدِيلْ
فَاسْتدرْ بِالشَّمعِ يَا بَوحِي إلى الرِّيحِ
وشمّرعَن سَوَانيهِ سَنَاكْ
لهْفةُ المَوتِ هنَاكْ
لا تظنَّ الشِّعرَ مُحتاجًا إلى صَوتِكَ
مِن إرثِ الخَليلْ
كيْ تهَادِي نُثـَرَ النَّقدِ بَيَانـًا
وَترُشّ الكحلَ فِي عَينِ الصَّهيلْ
ارتحِلْ بِالصَّمْتِ فِي
نَعشِ مُنـَاكْ
أنتَ لا شيءَ فلا يُزهرُ
وِردَ الشّعرِ حَادِيكَ
ولا ألادباء ترجُوكَ
ولا عَاشتْ على غَيمَةِ مَاكْ
لستَ فيها فيّة الشّدوِ لتنمُو
بيَديْك الأحرُفُ
المنسَكبةْ
هِيَ مِنْ دونكَ تبقى وَاحَةً
فيهَا نفُوسٌ
بالشّدَا مُعشوشِبَةْ
غَادِرِ المَسْرَحَ فَوْرًا نَحو فخّ الموتِ
واتركْ هُدْبَ السلام وَرَاكْ
شَرِبَ السّاطورُ نَخبَ النّصرِ
مِنْ صّبِّ دِمَاكْ
آهِ يَا وَكزَ لمَاذا
الهَوَى خلفِي فكيفَ الحُبُّ أنسَاهُ
وَقد كانَ بكفيَّ تشَاذَى
كيفَ أسْلو الحَرفَ
أوْ أقوَى لِواذا
كيفَ أمتاحُ لنفسِي سُجُفَ
الهجْرَةِ في دُنيَا
سَرَابي للدُّروبِ المُجدِبَة
حَسَنـًا إني سَأمْضِي
فاعتبرني يَا لمَاذا منذُ طارتْ أحرُفِي
مِنْ بَيْنِ أغصَانِ حِمَاكْ
راكضًا كالمَوْجِ
لا مُنغلقَ النبضِ كسِيحًا
في زَوَايَا مُنحنَاكْ
أيُّها الوَاهِمُ لا تسْخر بِرُقيَا
صَافِنَاتِي الرَّائِعَاتِ الغِيدِ مِنِّي
هُنَّ مِنْ رَبّي
وَمِنْه دُرَرُ القولِ هِبَةْ
يَسْقطُ الشعرُ إذا كانَ سَيُنجِيهِ
مِنَ السُّخطِ رِضَاكْ
يَسْقُطُ الشّعرُ إذا كانَ يُغطّي
نقصَهُ حينَ يَرَاكْ
لستُ من طردكَ يا لامًا على مَاذا
طريدًا خَارجَ الجَنّةِ
أوْ هًجرُك نارٌ مُلهِبَة
سَوفَ أبقى نُصُبًا للشهْقةِ الحَرّى
عَذابًا في تبَاريحِكَ
ذكرى عَذْبةً عِندَ سِوَاكْ
ضوؤه فاق ضيَاكْ
وَشذاه لِذَوي الأنفسِ
أبهَى من شذاكْ
إنني صوتُ ربيعٍ
يَنهمى الدفءُ بهِ
منْ بعدِ أن يقبرَكَ الثلجُ
على صَوتِ شِتاكْ
ليستِ الألقابُ يَا هَذا
على حَسبِ هَوَاكْ
حين تهدي ورق الخس
وَمَرسُومًا على الترميز
حرفـًا مَا لهُ في ليلكِ الإبداعِ قِنديلٌ
وتقصِي أيَّ نصٍّ رائع ما أعذبَهْ
إنني من بعد مَوتي سَوفَ تغدُو
لحَوَاشيك قبورٌ
وَمَمَرُّ الريح يأتي لفَنَاكْ
سَوفَ تغدُو كلُّ أغصَانِكَ منَّا
عَاريَاتٍ
وَصَدَى صَوتِ خُوَاهَا سَوْفَ
يَحويهِ خُواكْ
هَاجرتْ عنكَ الطّيُورُ الخُضرُ
وَاندَاحَتْ عَليكَ الآهُ مِنْ كثرةِ
مَنْ هُمْ مِنْ دَعَاوَاك
عِدَاكْ
وإلى ذاكَ المُلتقى فرّغْ بحَرفِي
مُحتوَاكْ
قدْ هَجرنا آسِنًا ليسَ يَعِي مَا الشّعرُ
لا يعرف أن النقدَ لِلشِّعرِ شِبَاكْ
فنرَاه طربًا عِندَ العِرَاكْ
مَرّة في يُوزَرِ الشَّيخِ
لهُ وَعْظٌ ويومًا
قادمًا في صوتِ أنثى مُعجَبَةْ
ثم يَنهَدُّ عَلينا جَاثيًا
كالهَضَبَةْ
يُغلقُ الموضُوعَ أو يَرمِي بِهِ
منْ دُونِ أن يُبدِي
إلينا سبَبَهْ
بلِسَانِ الهَزْأةِ المُقتَضَبَة
يتبَادى مشرفـًا مُحدَودِبَ البُوزِ
وَعضوًا فيه لِين الخَشَبَةْ
فَاتلا مِنْ نظرِ الشّزْرِ علينـَا
شَنَبَهْ
ليْسَ مِنْ يُتمِكَ
يَا مَنْ صَنَعَ اليُتمَ
فكاكْ
ذاكَ مَا سوّتْ يداكْ
حَضّر التيجَان وَالألقابَ
فَوقَ اليُوزَرَاتِ
اللاءِ تـُخفِي دُونَمَا
شَخْصٍ يَرَاكْ
وَازْرَعِ الأسْمَاءَ فِي
قارُورَةِ الإشْرَافِ
ضَعْ في قعرِهَا جُرحَ مَسَاكْ
وَأضفْ فيهَا رَمَادَ البَحرِ
واعْجِنْهَا بشَيءٍ
مْنْ أسَاكْ
ثمَّ علبْهَا دَوَاءً شًَافيًا
وَاشْرَبْ إلى حَدِّ
الهَلاكْ
وَأرحْنَا مِنْ أذَاكْ

علي ابراهيم

موضوع: شكرٌ قبل الرحيل
منتديات الفرات الجمعة يناير 08, 2010 4:52 pm