سجل المحاكم الشرعية حاشد بطرائف المنازعات الزوجية، ولا سيما ما تعلق منها بالطلاق والافتراق. المفروض في لفظة الطلاق ان يكون الزوج قد قالها بلهجة الجد وفي حالة الصحو والادراك وكامل قواه العقلية. فلا يصح مثلا طلاق المجنون. ولهذا تسعى المرأة الى تجنين زوجها بشتى الوسائل، فحالما تفقده عقله وتطيش بصوابه ويصبح مجنوناً لا يستطيع ان يطلقها. والمرأة تفضل دائماً ان تعيش مع رجل مجنون على العيش مع رجل يفكر. يشترط في الطلاق الجد ايضاً. كثيراً ما اعتاد البعض على القسم بالطلاق. يقول لك الرجل: «بالطلاق لازم تتعشى معي اليوم» أو بالطلاق لازم تقبل هذي الهدية مني، أو بالطلاق ما آخذ منك أي رشوة، وهكذا اسرف رجل في هذا النوع من القسم الشعبي حتى اخذت زوجته تشك في شرعية بقائها في عصمته فشكته للقاضي فراح الزوج يبكي ويتوسل بالقاضي ويؤكد له بأنه يحب زوجته ولم يقصد أي شيء بذلك القسم. فقال له القاضي «اسمع هنا! سأسمح لك بما جرى وما قلت على ان تعدني بألا تكرر هذا القسم بعد اليوم» فأجاب قائلاً: «لا والله يا حضرة القاضي. بالطلاق بعد ما اقوله!».
فضحك القاضي منه وقال، «اخرج يا لعين! قسمك هذا لا يعتد به. عد الى زوجتك واقسم بالطلاق بقدر ما يعجبك!».
كلام هذا الرجل كلام وهمي لا وزن له ولا قيمة، تماماً مثل كلام بعض الزعماء عن الوطنية والاسلام والشرف، اشياء لا يقصدونها ولا يجوز لنا ان نحاسبهم عليها.
بيد ان محكمة عرفية اسلامية في دلهي اخذت هذا الكلام مأخذ الجد. فالسيدة سمعت زوجها يردد في منامه «انت طالق! طالق! طالق» ثلاثاً. فانتفضت من الفراش وتسترت بعيداً عنه واخذته للقاضى عند الصباح على اعتبار انه قد طلقها. دافع عن نفسه قائلاً انه لم يقصد ذلك وما قاله كان في حلم اثناء نومه. ولكن القاضي رفض دفعه وحكم بتفريق الزوجين.
سيقول القارئ هذا تعسف من القاضي وهو قاض هندي لا يعرف الشرع. ومع ذلك فأنا اضم رأيي لرأي القاضي. ففي المنام يتحرر الانسان من قيوده ويعبر عن حقيقة مشاعره. هذا الرجل وهو نائم بجانب زوجته لم يكن يحلم بشيء أكثر من تخلصه منها ومن تمكنه بلفظ هذه الكلمات العزيزة اليه: طالق! طالق! طالق! هذا على الأقل ما يقوله عمنا فرويد وسبقه شكسبير في قوله بأن الانسان يقول للمخدة اعز اسراره.
ادرك القاضي الهندي هذه الحقيقة وحقق للزوج حلمه بتطليق زوجته بدليل ما قاله الرجل في منامه. وهو شيء سبقه إليه صدام حسين فهو ايضاً أصدر! امراً لمحكمة الثورة باصدار امر بسجن رجل لأنه حلم حلماً رأى فيه صدام حسين ميتاً. حكموه عشر سنوات لحلمه هذا الحلم وعشر سنوات لرواية حلمه لاصحابه في المقهى. لا أدري ما الذي يحلم به صدام حسين الآن، وما اذا كان رئيس المحكمة الحالية سيحاكمه عنه.