بسم الله الرحمن الرحيم
منقول من كتاب ليالي بيشاور
الشيخ عبد السلام: لا يجوز هذه التعابير السيئة على معاوية ويزيد، ولا يجوز لعنهما فإنها من كبار خلفاء النبي (ص)، ولا سيما معاوية (رض) فانه خال المؤمنين وكاتب الوحي، ولم يقتل الحسن بن علي (رض)، بل قتلته زوجته جعدة بنت الأشعث.
قلت: من أين جاءه هذا اللقب؟ وكيف صار معاوية خال المؤمنين؟!
الشيخ عبدالسلام: لأن أم حبيبة ـ زوجة رسول الله (ص) ـ هي بنت أبي سفيان وأخت معاوية، تكون أم المؤمنين فيكون أخوها معاوية خال المؤمنين!
قلت: هل أم المؤمنين عائشة، عندكم مقامها أعلى أم أخت معاوية أم حبيبة؟
الشيخ عبدالسلام: زوجات رسول الله (ص) وإن كن كلهم أمهات المؤمنين كما هو تعبير القرآن الكريم، إلا أن عائشة تمتاز عن قريناتها وهي أفضلهن وأعلاهن مقاما(41).
لم لا يلقب محمد بن أبي بكر بخال المؤمنين؟
قلت: إذا كان معاوية خال المؤمنين لأنه أخ لإحدى زوجات النبي (ص) فجميع أخوات زوجات رسول الله (ص) خالات المؤمنين، وجميع إخوان زوجات النبي (ص) أخوال المؤمنين، فلماذا لقبتم معاوية وحده بخال المؤمنين ولم تلقبوا محمد بن أبي بكر وغيره بهذا اللقب؟!
ثم إذا كانت أخوة معاوية لزوجة النبي (ص) تعد فضيلة وشرفا فأبوة حيي بن أخطب اليهودي لصفية زوجة رسول الله (ص) يجب أن تعد له فضيلة وشرفا أيضا!!
وإنما انفرد معاوية بهذا اللقب، لأنه تزعم المنافقين والنواصب وقاد جيوش الضلال لحرب أمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين علي بن أبي طالب (ع)، وسن لعنه وسبه على منابر المسلمين!
وأما قتله للإمام الحسن سبط رسول الله (ص)، فهو وإن لم يكن فيه مباشرا، ولكنه كان هو السبب والمحرض في ذلك، فقد نقل أكثر المؤرخين والمحدثين منهم ابن عبد البر في الاستيعاب، والمسعودي في إثبات الوصية، وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين روى بسنده عن المغيرة قال: أرسل معاوية إلى ابنة الأشعث أني مزوجك بيزيد إبني، على أن تسمّي الحسن بن علي، وبعث إليها بمائة ألف درهم، فقبلت وسمت الحسن).
وذكر كثير من المؤرخين والمحدثين منهم ابن عبدالبر في الاستيعاب ، وابن جرير الطبري في تاريخه قالوا: لما جاء معاوية نبأ وفاة الحسن بن علي (ع) كبّر سرورا، وكبّر من حوله وأظهروا الفرح!
فيا شيخ عبد السلام! بميولكم وأهوائكم تجعلون هكذا مجرم خال المؤمنين! ولا تلقبون محمد بن أبي بكر بهذا اللقب، لأنه كان ربيب علي (ع) ومن حواريه وأصحابه الصامدين وشيعته المؤمنين، ولأنه قال في أهل البيت (ع):
يا بني الزهراء أنتم عدتي وبكم في الحشر ميزاني رجح
وإذا صح ولائي لكم لا ابالي أي كلب قد نبح
فهو قول ابن أبي بكر وأخو عائشة أم المؤمنين، ولا شك أن أبا بكر عندكم أفضل من أبي سفيان وعائشة أعلا مقاما وأجلى رتبة من أم حبيبة. ومع ذلك لا تطلقون على محمد لقب خال المؤمنين، بل بعض العامة يلعنونه ويتبرءون منه.
ولما دخل عمرو بن العاص ومعاوية بن خديج مصر فاتحين، حاصروا محمدا ومنعوا عنه الماء ولما استولوا عليه قتلوه عطشانا، ثم جعلوا جنازته في بطن حمار ميت وحرقوه، وأخبروا معاوية بذلك، فأظهر الفرح والسرور وأمر أصحابه أيضا بإظهار الفرح.
والعجب أنكم عندما تسمعون أو تقرؤون هذه الأخبار الفجيعة، لا تتألمون ولا تتأثرون لما فعل أولئك المجرمون الملعونون بمحمد بن أبي بكر، ولكن لا تطيقون أن تسمعوا لعن معاوية وحزبه الظالمين، فتدافعون عنه وتقولون لا يجوز لعنه، بل يجب احترامه لأنه خال المؤمنين!!
فلماذا هذا التناقض في الرأي والعقيدة؟!
أما يكشف هذا عن التعصب والعناد، وعن التطرف واللجاج!!