+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: محاور البُعد الأخروي في فكر النورسي -1-

  1. #1
    فراتي فضي حقائق إيمانية is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    952

    افتراضي محاور البُعد الأخروي في فكر النورسي -1-

    محاور البُعد الأخروي في فكر النورسي

    أ.د. عبد المجيد النجار
    (1)
    منتديات الفرات


    لا يخفى أن الناس المخاطَبين يختلفون في استعداداتهم للقَبول، لاختلاف طبائعهم أو ثقافاتهم أو أزمانهم، فيكون لكلّ مدخل يدخل منه اليقين، وتلك هي الداعية التي دعت النورسي إلى التنويع في مسالك الاستدلال على عقيدة البعث، ومن أهم تلك المسالك نورد ما يلي:



    1- مسلك الأنفس

    استجابة للدعوة القرآنية التي توجه إلى أن تكون النفس الإنسانية منطلقا للاستدلال على حقائق العقيدة، فإن النورسي كان دائم الرجوع إلى هذه النفس للتأمل فيها، والتعمق في أغوارها، ليتخذ من مشاهدها مقدمات استدلالية على حقيقة البعث، مستضيئا في ذلك بالبيانات القرآنية في حقيقة النفس الإنسانية حينا، ومستعينا حينا آخر بالمكتشفات العلمية المسجلة في علم النفس، ومستكشفا حينا ثالثا أحوال النفس بتجربة استبطان ذاتي، وهو في كل ذلك يسلك مسلكا واحدا يبتغي فيه إثبات عقيدة البعث، وهو مسلك الأنفس كما جاء في التعبير القرآني. ومما بناه من الأدلة في سلوكه هذا المسلك ما يلي:

    أ-دليل الاستعدادات الإنسانية

    إن المتأمل في البنية النفسية للإنسان يجد أنه وإن كان هذا الكائن محدودا في طاقاته وقدراته الجسمية، إلا أنه في طاقاته واستعداداته النفسية غير محدود، فهو يحمل من الآمال والتصورات ومن الميول والرغبات ومن القدرات والاستعدادات أقدارا غير متناهية، وفي ذلك يقول النورسي: "يرى العلماء المحققون أن أفكار البشر وتصوراته الإنسانية التي لا تتناهى، المتولدة من آماله غير المتناهية، الحاصلة من ميوله التي لا تحد، الناشئة من قابلياته غير المحدودة، المدرجة في جوهر روحه كل منها تمد أصابعها فتشير وتحدق ببصرها فتتوجه إلى عالم السعادة الأبدية وراء عالم الشهادة هذا". وما ذلك إلا لأن هذه الحياة الدنيا القصيرة المدى غير كافية لأن تتحقق فيها تلك الميول والآمال والرغبات، وغير كافية لأن تمتد فيها تلك القدرات والاستعدادات لتنفيذ متطلباتها، إذ "جميع لذائذ الدنيا لا تشبع الخيال الذي هو أحد خدام الماهية الإنسانية". وإذ قد تبين بالدرس أن الكون كله خلق على غير إسراف، فما من موجود كوني إلا وقدرت طاقاته بما يستوفيها في حياته، وهذا القانون الكوني قانون "عدم الإسراف" الثابتَ -حسب علم وظائف الأعضاء- في الفطرة جميعِها ومنها الإنسان لَيبين لنا أنه لا يمكن أن تذهب هباء فيكونَ إسرافا جميعُ الاستعدادات المعنوية والاستعدادات غير النهائية والأفكار والميول؛ ولذلك فإن هذه الآمال والطاقات الإنسانية التي لا يمكن أن تتحقق في الحياة الدنيا لابد أنه قد هُيئ لها وجود آخر تستكمل فيه آمالَها واستعداداتها توافقا مع قانون عدم الإسراف، وتلك هي الدار الآخرة التي تتحقق فيها كل آمال الإنسان وقدراته واستعداداته ورغباته.




    بـ-دليل الشوق إلى الأبدية

    في فطرة الإنسان حب شديد للبقاء، وشوق جارف إلى السعادة الأبدية "حتى إنه يتوهم نوعا من البقاء في كل ما يحبه، بل لا يحب شيئا إلا بعد توهمه البقاء فيه، ولولا توهم البقاء لما أحب الإنسان شيئا". وكل فطرة إنسانية يقابلها واقع موجود؛ ففطرة الجوع والعطش يقابلها وجود الطعام والماء، وفطرة الخوف يقابلها وجود الأعداء، وفطرة المحبة يقابلها وجود من يُحب، ولو لم يكن الماء موجودا ما وجدت في الإنسان فطرة العطش، وكذلك الأمر في كل مكونات الفطرة الإنسانية. فهل يكون الأمر كذلك في كل مكونات هذه الفطرة، ويتخلف في فطرةِ حب البقاء وعشق الأبدية؟
    إن الاستنتاج العقلي يقضي بأن ذلك غير ممكن، وأنه إذا امتدت كل فطرة في الإنسان إلى ما يقابلها في الوجود، فإن فطرة حب البقاء يقابلها أيضا امتدادُ الإنسان في البقاء في حياةٍ أخرى بعد هذه الحياة، وأن في ذلك الامتداد تُشبع الأشواق إلى السعادة الأبدية، وهو ما عبر عنه النورسي في قوله: "الفطرة التي لا تَكذب أبدا والتي فيها ما فيها من ميل شديد قطعي لا يتزحزح إلى السعادة الأخروية الخالدة، تعطي للوجدان حدسا قطعيا على تحقق الحياة الأخرى، والسعادة الأبدية"، وهو ما عبر عنه أيضا في موضع آخر بقوله: "إن دار الدنيا القصيرة هذه لا تكفي -كما أنها ليست ظرفا- لإظهار ما لا يحد من الاستعدادات المندمجة في روح الإنسان وإثمارها، فلابد أن يرسَل هذا الإنسان إلى عالم آخر. نعم، إن جوهر الإنسان عظيم، لذا فهو رمز للأبدية ومرشح لها". لقد كانت الأنفُس مسلكا للاستدلال على حقائق العقيدة عند علماء العقيدة، وهو ما تضمنته مؤلفاتهم عبر العصور، استجابةً في ذلك للقرآن الكريم. ولكن الاستدلالات في هذا الخصوص كان معظمها يتعلق بالاستدلال على الألوهية، ولكن الاستدلال بالأنفس لإثبات المعاد لم يكن له رواج في التراث العقدي إلا أن تكون إشارات متناثرة واردة في سياقات مختلفة. أما النورسي فقد أورد الاستدلال بالأنفس على المعاد في مواضع عديدة من مؤلفاته، حتى غدا ذلك مسلكا أساسيا من مسالك استدلاله على عقيدة الآخرة.



    (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)




    رسالة الحشر
    بديع الزمان سعيد النورسي
    http://www.saidnur.com/foreign/arap/...elimat/k10.htm

  2. #2
    ابوليلى المهلهل الزير سالم is on a distinguished road الصورة الرمزية الزير سالم
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    أرض الله الواسعة
    المشاركات
    8,361

    افتراضي رد: محاور البُعد الأخروي في فكر النورسي -1-

    سلمت يداك اخي العزيز رسائل النور

    مبدع كما عهدناك اخي الغالي

    دمت بهذا التألق والابداع

    فان لمواضيعك فائده كبيره في منتدى الفرات

    دمت بهذا العطاء


    تقبل مروري

+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك