قصصٌ,,,,, قصيرة
سرّ أنين لحن الربابة
سأل الشابُ الراعي :
لماذا يكون صوت الربابة حزينا ؟
أجابه الراعي :
لأنه يُريد تذكيرنا بأنين الشاة التي سلخوها ليصنعوا من أحشائها أوتارا .
***
سوءُ... الظن
قال لصاحبه : أنظر ... أرى رجلا ً يحفر إلى جانب الطريق ... سأرجمه حجرا قاتلا ..
إجابه صاحبه :تريّث ْ .. فربما يحفر بئرا ً كي ينهل منه العطاشى الذين يغذون السير نحو المدينة الفاضلة .
***
جشعٌ ... وقناعة
صديقان من مدينة واحدة .. يسكنان زقاقا ً واحدا ً.. صنعا في طفولتهما دمىً من طين بستان واحد .. وأكلا خبزا من ذات طحين الحصة التموينية المغشوش بنشارة الخشب ـ لولا أن ظروفا غير طبيعية جعلت الأول عضوا في برلمان القرية ، بينما الثاني بقي حمّالا ً في السوق ..
الحمّال الجشع لا تكفيه ورقة كاملة لتعداد أمانيه .. منها مثلا ً أن يملك بيتا ً طينيا ً ، وسريراً يسع اثنين ، وحمارا ً للعربة التي قوّستْ ظهره ، وأمنيات كثيرة أخرى كأنْ تكون له إجازة سنوية يتمتع فيها لبضعة أيام بالنوم دون كوابيس الفاقة ..
أما الآخر فقد كان قنوعا ً جدا لدرجة أنّ نصف سطر ٍ يكفي لكتابة جميع أمانيه : أن يمتلك القرية فقط .
****
حين سخرَ الحديدُ من الطين
ذات يوم ، هزأ " حديدُ الحقد " من " طين المحبة " ..
فجأة ، هطلت أمطارٌ من اللهب مصحوبة بالجمر ...
حين كفّ اللهب عن الهطول ، لم يجدِ الناسُ " الحديد " .. فقد تلاشى منصهرا ً بين شقوق الأرض ... أما الطين فقد صار فخّارا منتصبا ً فوق الأرض كالسارية !
***
درسٌ... مجانيّ
إبنُ جاري ، الطفلُ ذو الثلاثة أعوام قدّم لي درساً مجانياً :
في غرفتي المضاءة بالقلق ، كان على المنضدة رغيف خبز .. وتحت المنضدة علبة ٌ مليئة بالمصوغات والحليّ الذهبية ..
وكما يُحدّق قط ٌّ بحوض ٍ زجاجيّ ٍ مليء بأسماك الزينة : كان الطفل يحدق برغيف الخبز ..
لا سلالمَ للمنضدة .. بيديه الطريتين : سحب الطفل علبة الحليّ الذهبية ، فاعتلاها بحذائه الرثّ ، ثم تناول الرغيف .
***
* يُقال ـ والعهدة على الرواة ـ إن الخليفة أبا جعفر المنصور " أو أحد أبنائه " خرج في حرب واصطحب معه الشاعر " أبا دلامة " .. برز من جيش الخصم فارس شديدُ البأس أطاح بخيرة فرسان أبي جعفر .. فالتفت الخليفة إلى أبي دلامة وطلب منه مقاتلة ذلك الفارس ...فقال له أبو دلامة : سيدي الخليفة ألا تعرف أنني صاحب عِـيالٍ وأن ضربة سيفي لا تقتل جروا صغيرا ، فاخترْ لمنازلته غيري ولك الأجر والثواب ؟ فقال له الخليفة : والله إنني لقاتلك الان إن لم تخرج لمنازلته ...
توجه أبو دلامة نحو الفارس وهو يرتجف ... وحين وصل قرب الفارس قال له : أيها البطل الشجاع هل بيني وبينك عداوة سابقة ؟ أجابه الفارس : لا ... فسأله أبو دلامة : وهل لأبيك دَيْنٌ مستحقٌّ على أبي ؟ أجابه الفارس : لا وربي .. فقال له أبو دلامة : وهل يُشرّفك أن تقتل جبانا ً مثلي ؟ فأجابه الفارس : أنا لا أبارز إلآ الشجعان .. فقال له أبو دلامة : إذن عُدْ أنت إلى صحبك وأنا أعود إلى صحبي وكفى الله فارسا شجاعا مثلك عارَ قتل ِ جبانٍ مثلي ..
حين رجع أبو دلامة سأله أبو جعفر متعجبا : كيف أرغمت هذا الفارس على الانسحاب؟ أجابه أبو دلامة : لقد استجديتُ رضاه !
كتابتي لهذه القصص القصيرة جدا تشبه إلى حدّ ٍ ما حكاية أبي دلامة ... فأنا والله لست مؤهلا ً لكتابة هذا النوع من الجنس الأدبي لولا احبتي
تحيااتي
علي ابراهيم