ما هي الثقوب السوداء؟
الثقب الأسود عبارة عن جسم كثيف كتلته ضخمة متجمعة في نقطة صغيرة وينتج هذا عند انتهاء عمر النجم وموته كما يتميز مركزه بقوة جذب هائلة بحيث لا يستطيع أي شيء بما في ذلك الضوء-بالرغم من سرعته الكبيرة- من التحرر من قوة الجذب هذه مما يؤدي إلى سقوطه داخل هذا الثقب
وامتصاصه ، ولا يمكن للضوء أن يصدر من الثقب أبدا لذلك فهو مظلم ولا يمكن رؤيته.
ولكي تستطيع الأجسام الانفلات والهروب من قوة جذب الثقب فيجب أن تمتلك سرعة كبيرة جدا تساعدها على التحرر والهروب منها.
ولدى البعض من الناس اعتقاد خاطيء عن الثقب الأسود، فيظن بعضهم أن الثقب الأسود عبارة عن فتحة تصريف كونيه كبيرة تمتص كل ما يحيط بها، و هذا ليس صحيح فقوة الجذب النابعة من مركز الثقب تعمل خلال مجال معين بحيث تؤثر فقط على الأجسام التي تعبر هذا المجال بينما النجوم والأجرام الأخرى البعيدة عنها بما فيه الكفاية فإنها لا تؤثر فيها أبدا و إلا لامتص الكون بأكمله داخل فتحة التصريف هذه.
ومما يجدر ذكره إن الزمن ينعدم تماما عند الثقب الأسود ، قد يكون من الصعب علينا أن نتخيل أن هناك نقطة في الفضاء لا يمر فيها الوقت ولكن هذا ما يحدث فعلا في مركز الثقوب السوداء.
كيف ينشأ الثقب الأسود؟
تكون الثقب الأسود عن موت وانتهاء عمر بعض النجوم الكبيرة الضخمة التي تصل كتلتها إلى 20 ضعف كتلة الشمس ، والتي تعرف بالنجوم
العملاقة (giant stars) ، وبهذه الطريقة تتكون أكثر الأنواع شيوعا من أنواع الثقوب السوداء.
ومن المعروف أنه خلال حياة النجم الاعتيادية هناك سلسلة من الصراع الشديد والمتوازن بين قوتين متضادتين قوة الجذب لداخل النجم وقوة الضغط المندفعة للخارج ،ونتيجة للتفاعلات النووية التي تحدث في قلب النجم والتي تعزز قوة الدفع للخارج مما يجعلها تتغلب على قوة الجذب إلى الداخل بحيث تتساوى القوتين في معظم النجوم ولهذا تبقى النجوم ثابتة ومستقرة لتساوى القوتين. ولكن عندما يطلق النجم ويفقد بعضا من طاقته النووية المساعدة على اتزان القوتين تصبح اليد العليا الآن لقوة الانجذاب للداخل التي تفوق القوة المضادة لها فإن هذا يؤدي إلى انجذاب مكونات النجم إلى مركزه وانهياره على بعضه البعض بحيث تتركز كتلته الهائلة في نقطة صغيرة جدا حجمها الفعلي يساوي الصفر ، وعند المعالجة الرياضية للكتلة الضخمة والحجم الصفري ، نجد أن الكثافة عند هذه النقطة التي تعرف بـ المتفردة ( singularity ) تصل إلى مالا نهاية .
وللتغلب على قوة الجذب وعدم السقوط داخل الثقب فإن الجسم يحتاج لسرعة هروب أو انفلات( escape velocity ) كبيرة جدا تفوق سرعة الضوء ، وليس هناك أي جسم يحمل هذه السرعة ؛ لذا فإن كل ما يقترب من الثقب بما في ذلك الضوء فإنه يتعرض لقوة جذب عظيمة تسقطه في داخله. وتعرف المنطقة المحيطة بالثقب والتي عندها سرعة الهروب تساوي سرعة الضوء -أي أن الضوء بإمكانه الهروب من الانجذاب-بـ أفق الحدث (event horizon) .
كيف يبدو الثقب الأسود وكيف يتم رصده؟
من الصعب جدا رؤية الثقب الأسود ، لأن الضوء لا يصدر منه أبدا بل ينجذب إليه ويسقط فيه نتيجة الجذب الهائل لذا فهو مظلم ولا يمكن رؤيته.
إذاً إذا كنا لا نستطيع رؤيته ، فكيف عرفنا بوجوده وكيف يتم رصده في الفضاء؟
يعمد الفلكيون عند رصد الثقوب السوداء والتعرف إليها إلى طرق غير مباشرة وذلك بملاحظة ومراقبة تأثيرها على النجوم والغازات المحيطة بها. وإذا افترضنا أن هناك نظام مكون من نجمين قريبين من بعضهما البعض بحيث ينهار أحد هما وينتهي عمره متحولا إلى ثقبا أسودا ، فإن الآخر ينجذب إليه فتتكون مجموعة من الغازات والأتربة التي تحيط بمنطقة الثقب الأسود وتتحول الطاقة الحركية لهذه الغازات والأتربة إلى حرارة كما تنطلق أشعة اكس أيضا. وبهذا يستطيع العلماء قياس كلا من درجة الحرارة المنبعثة وسرعة الأجسام المتحركة حول الثقب وبالتالي يمكن رصده ومعرفة مكانه.
ويعرف الجزء المتوقد والساخن المحيط بـ أفق الحدث(event horizon) بالقرص المتنامي(accretion disk) .
\
أنواع الثقوب السوداء
تصنف الثقوب السوداء تبعا لحجمها إلى ثلاث أنواع:
- النجمية (stellar).
- الضخمة الثقيلة(super-massive)
- الصغيرة(miniature)
وهذه الأنواع تختلف أيضا في طرق نشأتها وتكونها.
وتتواجد الثقوب السوداء الضخمة (supermassive) في مراكز معظم المجرات بما فيها مجرتنا مجرة درب التبانة(Milky Way) وكتلتها تكافئ أضعاف كتلة الشمس ببلايين المرات.
وفي الجزء الخارجي من المجرة- حيث وجود النظام الشمسي - هناك مسافات واسعة جدا بين النجوم والكواكب ، بينما في مركز المجرة تتراص النجوم وتتلاصق فيما بينها مكونة كتلة ضخمة لديها قوة جذب هائلة مثلها مثل أي ثقب أسود. وتزداد الكتلة بزيادة عدد النجوم التي تدور في منطقة أفق الحدث (event horizon) وهذا يؤدي إلى انجذابها وسقوطها في مركز الثقب.
كما تظهر مجموعتين من الغازات المتعامدة على القرص المتنامي من الثقب الأسود والتي يصل طولها إلى الملايين من السنوات الضوئية والناتجة عن تفاعل جزيئات الغازات مع المجال المغناطيسي المحيط بالثقب الأسود.
هل جميع النجوم يمكنها التحول إلى ثقوب سوداء؟
النجوم التي تتميز بكبر كتلتها والتي تساوي على الأقل 20 ضعف كتلة الشمس هي فقط التي يمكنها التحول إلى ثقباً أسوداً عند موتها.
فالشمس مثلا لا يمكنها التحول إلى ثقبا أسودا نظرا لصغر كتلتها ، ولكنها عندما تتعرض للفقد في طاقتها النووية والناتجة عن سلسلة التفاعلات التي تحدث في باطنها ،فإنها ستتحول إلى قزم أبيض ( white dwarf) مثلها مثل النجوم ذات الكتل الصغيرة وذلك لوجود قوة تنافر بين الإلكترونات داخل القزم المتكون حديثا وهذه القوة كافية لتعاكس وتقاوم قوة الجذب فلا يتم انهياره كليا كما يحدث في الثقب الأسود.
متى تم اكتشاف الثقوب السوداء ومتى وصفت نظريا؟
في عام 1790 استطاع كلا من الإنجليزي (John Michell) والفرنسي (Pierre Laplace) وباستخدام قوانين نيوتن من اكتشاف والتنويه عن وجود ما يعرف بالنجوم غير المرئية ، كما استطاع كل منهما وبشكل مستقل عن الآخر من قياس حجم وكتلة المنطقة المحيطة بالثقب(event horizon) والتي عندها سرعة الانفلات تساوي سرعة الضوء.
وفي العام 1967 وضع الأمريكي (John Wheeler) مصطلح الثقب الأسود للنجم المنهار على بعضه والمتجمع في نقطة صغيرة.
منقول للفائدة<!-- / message --><!-- sig -->