مَـــن لـــي بــــــبغـــداد؟
دَمعٌ لـِبـَغـــداد.. دَمعٌ بالـمَـلايـيــن ِ
مَن لي بـِبـَغــداد أبـكـيـها وتـَبـكيـني؟
مَن لي ببغداد؟..روحي بَعدَها يَبـِسَـتْ
وَصَوَّحـَتْ بَعـدَها أبـْهـي سـَـناديـني
عـُدْ بي إلـَيهـا.. فـَقـيرٌ بَعـدَها وَجـَعي
فـَقـيـرَة ٌأحـرُفي.. خـُرْسٌ دَواويـني
قد عَرَّشَ الصَّمتُ في بابي وَنافِـذ َتي
وَعـَشـَّشَ الحُزنُ حتي في رَوازيـني
والشـِّعرُ بغـداد ، والأوجاعُ أجمَعـُها
فانظـُرْ بأيِّ سـِهـام ِالمَوتِ تـَرميني؟!
عـُدْ بي لـِبغــداد أبكـيهـا وتـَبكـيـني
دَمعٌ لـِبـَغـــداد.. دَمعٌ بالـمَلايـيـن ِ
عُدْ بي إلي الكـَرخ..أهلي كلـُّهُم ذ ُبحُوا
فـيها..سـَأزحَفُ مَقطوع َالـشـَّرايين ِ
حتي أمُرَّ علي الجسرَين..أركضُ في
صَوبِ الرَّصافـَةِ ما بـَينَ الـدَّرابـيـن ِ
أصيحُ : أهـلـي...وأهلي كلـُّهُم جُثـَثٌ
مُـبـَعـثـَرٌ لَـَحـمُهـا بـيـنَ السَّـكاكـيـن
خـُذني إليهـِم.. إلي أدمي مَقـابرِهـِم
لـِلأعـظـَمـيـَّةِ.. يا مَوتَ الـرَّياحـيـن ِ
وَقِفْ علي سورِها،واصرَخْ بألفِ فـَم ٍ
يـا رَبـَّة َالسـُّور.. يا أ ُمَّ المَسـاجـيـن
كـَم فـيـكِ مِن قـَمَـرٍ غـالـُوا أهـِلــَّتـَهُ؟
كـَم نـَجمَةٍ فيكِ تـَبكي الآنَ في الطـِّين ِ؟
وَجُزْ إلي الـفـَضل ِ..لِلصَّدريَّةِ النـُّحِرَتْ
لـِحارَةِ الـعـَدل ِ..يـا بـُؤسَ الـمَيـاديــن ِ
كـَم مَسـجـِدٍ فـيـكِ.. كـَم دارٍ مُهـَدَّمَةٍ
وَكـَم ذ َبـيح ٍ علـَيهـا غـَيـرِ مَدفـُون؟
تـَناهَشـَتْ لحمَهُ الغـربانُ ، واحتـَرَبَتْ
غـَرثي الـكِلابِ عـلـيـهِ والـجـَراذيـن
ِ
يا أ ُمَّ هـارون ما مَرَّتْ مصيـبـَتـُنـا
بـِأ ُمـَّةٍ قـَبـلـَنـا يـا أ ُمَّ هـــــــــارون!
أجري دموعا ًوَكـِبـْري لا يُجاريني
كيفَ الـبـُكا يا أخـا سـَبْـع ٍوَسـَبعـيـن ِ؟!
وأنـتَ تـَعـرفُ أنَّ الـدَّمعَ تـَذرفــُـهُ
دَمعُ الـمُروءَةِ لا دَمعَ الـمَسـاكـيـن!
دَمعٌ لـِفـَلـُّوجـَةِ الأبطال..ما حَمَلـَتْ
مَديـنـَة ٌمِن صِفـاتٍ ، أو عـَنـاويـن ِ
لـِلـكِبريـاءِ..لأفعـال ِالـرِّجـال ِبـِهـا
إلا الـرَّمادي.. هـَنـيـئـا ًلـِلـمَيامين!
وَمـَرحـَبـا ًبـِجـِبـاه ٍ لا تـُفـارِقـُهــا
مـَطـالـِعُ الـشـَّمس ِفي أيِّ الأحـايين ِ
لم تـَألُ تـَجـأرُ دَبـَّابـاتـُهـُم هـَلـَعـا ً
في أرضِها وهيَ وَطـْفاءُ الـدَّواوين ِ
ما حَرَّكوا شَعرَة ًمِن شـَيبِ نـَخوَتِها
إلا وَدارَتْ عـَلـَيهـِم كـالـطـَّواحـيـن!
يا دَمعُ واهمـِلْ بـِسـامَرَّاء نـَسـألـُها
عن أهـل ِأطـوار..عن شـُمِّ العَرانين ِ
لأربـَع ٍ أتـخـَمُوا الغـازينَ مِن دَمِهـِم
يا مَن رأي طاعـِنا ًيُسقي بـِمَطعون!
يا أ ُخـتَ تـَلـَّعـفـَرَ القـامَتْ قـيامَتـُها
وأ ُوقـِدَتْ حـَولـَهـا كلُّ الـكـَوانـيـن ِ
تـَقـولُ بـَرلـيـن في أيـَّام ِسـَطوَتِهـا
دارُوا عَلـَيهـا كـَما دارُوا بـِبـَرلـيـن ِ
تـَنـاهـَبُوها وكانـَتْ قـَريـَة ًفـَغـَدَتْ
غـُولا ًيـُقـاتـِلُ في أنـيـابِ تـِنـِّيـن!
وَقِفْ علي نـَينـَوي..أ ُسطورَة ٌبـِفـَمي
تـَبقي حُـروفـُكِ يا أ ٌمَّ الـبـَراكـيـن ِ
يا أ ُخـتَ آشـور..تـَبقي مِن مَجَرَّتـِهِ
مَهـابَة ٌمنـكِ حـتي الـيـَوم تـَسـبـيـني
تـَبـقي بـَوارِقــُه ُ، تـَبـقي فـَيـالـِـقــُه ُ
تـَبـقي بـَيـارِقــُهُ زُهـْرَ الـتـَّلاويـن
خـَفـَّاقـَة ًفي حـَنـايـا وارِثي دَمـِه ِ
يـُحـَلـِّقـُونَ بـِهـا مثـلَ الـشـَّواهـيـن
بـِها ، وَكِبـْرُ العراقيـِّين في دَمِهـِم
تـَداوَلـُوا أربـَعـا ًجَيشَ الشـَّياطـين ِ
فـَرَكـَّعُـوه ُعلي أعـتـابِ بَلـدَتـِهـِم
وَرَكـَّعُـوا مَعـَهُ كلَّ الـصَّهـايـيـن!
يا باسـِقـاتِ ديـالي..أيُّ مَجـزَرَة ٍ
جَذ َّتْ عروقـَكِ يا زُهـْرَ البَساتين ِ؟
في كلِّ يَوم ٍ لـَهُم في أرضِكِ الطـُّعِنـَتْ
بالـغـَدرِ خِطـَّة ُ أمْن ٍ غـَيـرِ مأمون ِ
تـَجيشُ أرتالـُهُم فوقَ الدّروع ِبـِهـا
فـَتـَتـرُكُ الـسـُّـوحَ مَلأي بالـقـَرابين
ِ
وأنتِ صامِدَة ٌتـَسـتـَصرِخـينَ لـَهُم
مَوجَ الـدِّمـاءِ علي مَوج ِالثــَّعـابين ِ
وكـلـَّمـا غـَرِقـوا قـامَتْ قـيامَتـُهـُم
فـَأعلـَنـُوا خطـَّة ً أ ُخري بـِقـانون!
يا أطهـَرَالأرض..يا قدِّيسـَة َالطـِّين ِ
يا كـَربـَلا..يا رياضَ الحُورِ والعِين ِ
يا مَرقـَدَ الـسـَّيـِّدِ المَعصوم..يا ألـَقا ً
مِن الـشـَّهادَةِ يَحـمي كلَّ مِسـكـيـن ِ
مُدِّي ظِلالـَكِ لـِلإنسـان ِفي وَطـَني
وَحَيثـُما ارتـَعـَشـَتْ أقـدامُهُ كـُوني
كـُوني ثـَباتـَا ً لهُ في لـَيـل ِمِحـنـَتـِهِ
حتي يوَحـِّدَ بيـنَ الـعـَقـل ِوالـدِّيـن ِ
حتي يَكونَ ضَميرا ًناصِعا ً ، وَيَدا ً
تـَمـتـَدُّ لـِلخـَيـرِ لا تـَمـتـَدُّ لـِلـدُّون ِ
مَحروسـَة ٌبالحُسَين ِالأرضُ في وَطني
وأهـلـُهـا في مَلاذٍ مـنـهُ مـَيـمون ِ
ما دامَ في كـَربَلا صَوتٌ يَصيحُ بـِها
إنَّ الـحُـســَيـنَ وَلـِيٌّ لـِلـمَسـاكـيـن
يا جـُرحَ بَغـداد.. تـَدري أنـَّني تـَعِبٌ
وأ نتَ نـَصلٌ بـِقـلـبي جـِدُّ مَســنـُون ِ
عـُدْ بي إليها ، وَحَدِّثْ عن مروءَتـِها
ولا تـُحـاولْ علي الأوجاع ِتـَطميـني
خـُذ ْني إلي كلِّ دارٍ هـُدِّمَتْ ، وَدَم ٍ
فيهـا جـَري ، وَفـَم ٍحـُرٍّ يـُنـاديـني
يَصيحُ بي أيـُّهـا الـبـاكي علي دَمِنا
أوصِلْ صَداكَ إلي هـذي الـمَلايين ِ
وقـُلْ لـَهـا لـَمْلـِمي قـَتلاكِ واتـَّحِدي
علي دِماكِ اتـِّحـادَ السـِّين ِوالشـِّين ِ
مِن يـَوم ِكانَ العـِراقُ الحُرُّ يَغمُرُهُم
حـُبـَّا ً إلي أن أتي مَوجُ الشـَّعـانين!
دَمعٌ لـِبـَغــداد.. دَمعٌ بالـمَلايـيـن ِ
دَمعٌ علي البُعـدِ يَشجيها وَيَشجيني..
للشاعر الكبير
عبد الرزاق عبد الواحد