الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, أما بعد :
روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( إذا كان أول ليلة من شهر رمضان,صُفدت الشياطين ومردة الجن, وغلقت أبواب النار, فلم يفتح منها باب, وفتحت أبواب الجنة, فلم يغلق منها باب, ويُنادي مناد: ياباغي الخير أقبل, ويابغي الشر أقصًر)).
هذا هو نداء رمضان:ياباغي الخير أقبل..تقدم..سارع إلى المغفرة والرحمة والعتق من النيران..جاهد نفسك للفوز برضى الرحمن..وياباغي الشر أقصر..تأخر..امتنع عن المعاصي..والمنكرات, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( رغَم أنف رجل دخل عليه رمضان, ثم انسلخ قبل أن يغفر له)).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل,فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).
وقال بعض السلف: أهون الصيام ترك الطعام والشراب, فهذا الصيام يستطيعه كل أحد.
أما صيام القلب عن إرادة غير الله, وصيام العين عن النظر إلى المحرما وصيام الأذن عن استماع المحرمات من الأغاني والغيبة والنميمة وسائر أنواع الباطل, وصيام اللسان عن التكلم بالفحش من القول والزور والكذب. وصيام اليدين عن البطش المحرم وإيذاء عباد الله. وصيام الرجلين عن السعي المحرم, فهذا هو الصيام المطلوب الذي يصل بصاحبه إلى درجة التقوى التي أشار إليها القرآن في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة:183)
فأين هذا الصيام الذي:
-يكف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.
-ويكف العين واللسان واليد والرجل والأذن وسائر الجوارح عن الآثام.
-ويكف القلب عن الهمم الدنيئة, والرغبا الضالة المبعدة عن الله تعالى.
واعلم- أخي الحبيب -أن المؤمن يجتمع له في رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام, وجهاد بالليل على القيام, فمن جمع بين هذين الجهادين, ووفى بحقوقهما, وصبر عليهما, وفي أجره بغير حساب.
قال صلى الله عليه وسلم:((كل عمل ابن آدم له-الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف-قال الله تعالى: إلا الصوم, فإنه لي, وأنا أجزي به)).
فمن رُحم في شهر رمضان فهو المرحوم, ومن حرُم خيره فهو المحروم, ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو ملوم.
قال صلى الله عليه وسلم : ((...ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة)).
فهلا كنت- أخي الحبيب وأختي الحبيبة - من هؤلاء.