بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطاهرين
أعزائي في منتديات الفرات
اليوم نتحدث عن إسلوب بلاغي
تضمنته اللغة العربية ألا وهو
الإقتباس
1 ـ قال القاضي الفاضل في الحمام الزاجل : وقد كادت أن تكون من الملائكة ، فإذا نِيطت بها الرِّقَاعُ صارت " أولي أجنحة مَثْنَى و ثُلاثَ و رُباع َ "
2 ـ وقال آخر يصف بخيلا :
ـ رُبَّ بَخيلٍ لو رأى سائلاً لَظَنَّهُ رُعْباً رَسُولَ المَنُون
ـ لا تَطْمَعُوا في النَّذْرِ مِنْ نَيْلِه " هَيْهَاتَ هيهاتَ لِمَا تُوْعَدُون "
3 ـ على الظالم أن يبتعد عن آثامه ؛ وأن يسلك سبيل التوبة والندامة فإن " الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يوم القيامة "
4 ـ وقال ابن سناء المُلْك :
ـ رَحَلوا فَلَسْتُ مُسَائِلاً عن دَرِهِم أنا " بَاخِعٌ نَفْسِي على آثَارهِم "
[[ الإيضاح ]]
ـ من المعروف أن علم البديع يبحث في جمال العبارة ، وحلاوة الصيغة ، وله فروع كثيرة ، وهنا سنعرض لفرع من فروعه ألا وهو ( الاقتباس )
ـ تأمل الأسلوب الأول ـ قول القاضي الفاضل ـ فالعبارة التي بين قوسين مقتبسة أي مأخوذة من القرآن الكريم من سورة فاطر ، الآية (1) إذ يقول الله تعالى (الحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ و الأرضِ جَاعِلِ الملائِكَةِ رُسُلاً أُوْلِِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى و ثُلاثَ و رُبَاعَ يَزِيدُ في الْخَلْقِ ما يَشَاءُ إنَّ اللهَ على كلِّ شيْءٍ قَدِيرٌ )
وقد ضمن الكاتب كلامه هذا الأثر الشريف من غير أن يصرح بأنه من القرآن الكريم .فما هو غرض الكاتب من ذلك ؟ إن غرض الكاتب من تضمين كلامه هذا الأثر من القرآن الكريم تقوية كلامه حيث يستعير من قوة أسلوب القرآن قوة ، بالإضافة إلى أن الكاتب يكشف عن مهارته في الربط بين كلامه والكلام الذي أخذه .
ـ أتعرف ماذا يسمى عمل الكاتب هذا ؟ إنه يسمى ( الاقتباس )
ـ انتقل إلى قول الشاعر في الأسلوب الثاني ، فالعبارة التي بين قوسين مأخوذة من القرآن الكريم من سورة المؤمنون، الآية رقم (36)،يقول الله تعالى حكاية عن الكفار الذين لا يؤمنون بالبعث من القبور ( أَيَعِدُكُمُ أَنَّكُمُ إذا مِتُّمْ و كُنْتُمْ تُرَاباً وَ عِظَاماً أَنَّكُمْ تُخْرَجُونَ [35] هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوْعَدُونَ [36] إنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَموتُ وَ نَحْيَا ومَا نَحْنُ بِمَبْعُوثين) وقد ضمن الشاعر كلامه هذا الأثر الشريف من غير أن يصرّح أنه من القرآن الكريم .
ـ انتقل الآن إلى الأسلوب الثالث وتأمَّل قول القائل، فالعبارة التي بين قوسين ( فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) مقتبسة من الحديث النبوي الشريف .
وقد ضمَّن القائل كلامه هذا الحديث الشريف دون أن يصرّح بأنه من الحديث الشريف ، وسبب هذا الاقتباس أن المقتبس رغب في الارتقاء بأسلوبه عن طريق تحليته بكلام رسول اله صلى الله عليه وسلم ، ليزداد حلاوة و طلاوة .
ـ فإذا انتقلت إلى الأسلوب الرابع ستجد إن الشاعر ابن سناء الملك قد اقتبس العبارة التي بين قوسين من القرآن الكريم ، ولكنه قد غير قليلا فيها وهذا جائز ،فقوله : " أنا باخع نفسي على آثارهم " مقتبس من الآية الكريمة السادسة من سورة الكهف، إذ الآية ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم )
والآن ماذا نستنتج من كل ما سبق ؟
الاستنتاج :
1 ـ الاقتباس :من المحسنات البديعية اللفظية ـ أي التي تحسن اللفظ ـ وهو تضمين النثر أو الشعر شيئا من القرآن الكريم ، أو الحديث النبوي الشريف من غير الإشارة على إنه منهما .
2ـ يجوز أن يُغَيَّرَ في الأثر المقتبس