الحسين وهج أضاء الحق بالدمالحسين ريحانة من جنات الخلود، تزف أريجها عرساً أبديّاً على البشرية موشى بالعطر والورود.
الحسين شمعة نورانية سماوية، توهجت لتضيء ظلمات النفس البشرية، وتهديها السبل لمقاومة الظلم، معلنة بشائرها أنشودة أزلية للعدالة والحق والخير.
الحسين اسم تدفق بلسماً من ضمير خاتم الأنبياء، ملتحماً بنطفة خير الأوصياء، منذلقاً من نبع بنت بيت النبوة، وصفوة الرسالة.
الحسين عنوان ورمز لرسالتنا، وسراج وهاج ينير غربتنا، ورمز عظيم يعيد لحمتنا.
وهو إشعاع من نور إلهي وصفحة من خطاب نبوي، وجملة مبتداها فرح وسعادة وحبور لمن نصر الله. ومنتهاها لعنة أبدية لمن ناصر الشيطان. هو نشوة الطفولة البريئة، وعنوان الرجولة والبطولة الصادقة. وهو معدن لا يعادل معدنه كل الرجال، ولا يواكبه أحد في الخصال، ولا ينازعه في التضحية والفداء كائن من كان، هو المعروف والمعرف بسيد الشهداء، وسليل خاتم الأنبياء، لأنه طلع ببهاء طلعته من دوحة نبوية طاهرة، ونهض بشموخ عزة نفسه ليظلل بتضحياته منهج العطاء بالنفس والأهل والمال.
الحسين صارية ارتفعت عليها رايات صوت الحق والحقيقة، وانتشرت بزهو مقامها أعلام الدفاع عن العدالة، وارتقت رسالة شهادته المغموسة بدمه الطهور، ودماء أهله وصحبه على أرض كربلاء، والتي أسمع أنين ترابها، ونحيب نخيلها، وحسرة أهلها على المغدور بأرضها والتي بخلت عليه بقطرة من مائها.
هكذا نعرفك يا سيدي أبا عبدالله الحسين، وهكذا عرفتك البشرية المعذبة، وهكذا عرفتك الإنسانية التي نكبت بويلات القهر والعبودية والظلامات. فكان حقّاً ولزاماً أن يترجل فارس من فرسان بيت النبوة ليكمل رسالة جده وأبيه واصحابهم وصحبهم الغر المنتجبين.
عرفناك بنخوة العروبة، وصولة الإسلام، وانتفاضة الإنسانية التي امتدت بتضحياتك العظام للمهاتما غاندي رمز استقلال الهند وشعبها الذي رفض العسف والجور.
عرفناك ونحن نخطو بتواضع المتواضعين نحو تحقيق الإنصاف والعدالة، واحترام آدمية الإنسان وكرامته، وحقه في حياة كريمة، عرفناك طوداً شامخاً، ومهنداً بارقاً، وسهماً لامعاً، وصوتاً مدويّاً يتردد صداه في أعماق ضميرنا، ليكون لنا عوناً من أجل الاصطفاف مع الحق وأهله، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. لا فرق بين دين وآخر، ولا للون أو عرق أو أصل.
نستمد إلهامنا ونضالنا بترابط القول الفصل الذي حذر الطغاة بالكف عن طغيانهم، والظالمين عن ظلمهم، بأن قال «إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك»، إمام المتقين قالها ودعوة المحب رددها وصوت الحق حسينٌ على واقع نفسه وأهله وماله بكل طيب خاطر ونفس زكية ترجمها. نحاول كناشطين في مجال حقوق الإنسان وصيانة كرامته التي أكرمه الله بها أن نكون جنوداً أشداء ضد ظلم بني البشر لبعضهم، وتطوير آليات ما اختاروه من خير لبعضهم.
اللهم اجعل هذا القربان من أجل الحق مقبولاً، ويارسول البشرية وخاتم أنبيائها تقبل عزاءنا في نفسك، ويا من قضى بضربة المحراب شهيداً وهو عن الحق مسئول، اقبلوا منا من مات شهيداً من أجل وطن أو حق أو غدر، قبولكم صولة الحق في ركابها، ودعوة المظلوم ونفسه إلى بارئها.
سلام عليك أيها المغدور بأرض الطفوف، سلام على من تقطعت أجسادهم بالسيوف.
سلام على طف في أرض الله الشاسعة. وسلام على أرواح، على كفٍّ رفعتها ملائكة الرحمن لرحمته الواسعة.
سلام عليك يوم ولدت، ويوم تموت، ويوم تبعث حيّاً ورحمة من الله علينا وسوار غفران لنا، ومعين حق لرسالتنا وسلام على من حافظ على جوهر رسالة الحسين التي عماد ما قاله أبوه علي ابن أبي طالب وما ناضل من أجله جده رسول البرية في سعيه لوحدة عمادها التقوى والحق والمساواة والعدل، والإنصاف في كل وقت .