الأستاذ الشاعر عبد الواحد أخريف
عَرَضَ الرَّوْضُ أَجْمَلَ الأَلْوَانِ * بَاسِمَ الثَّغْرِ عَاطِرَ الأَفْنَانِ
دَافِقَ النُّورِ فِي طَلاَقَةِ وَجْهٍ * نَدِيَّ الْعُشْبِ شَيِّق الأَلْحَانِ
فِي اخْضِرَارِ الجِنَانِ بَلْ أَيْنَ مِنْهُ * جَنَّةٌ مِثْلُ جَنَّةِ الرِّضْوَانِ؟
سَكَنَ الحُسْنُ فِي بَرَاعِمِهِ حَتَّى * عَلَى دَوْحِهِ وَفِي الأغْصَانِ
وَالْجَمَالُ الَّذِي تَفَاوَتَ قَدْراً * كَانَ مِنْهُ الْكَمَالُ فِي الْبُسْتَانِ
نَرْجِسٌ قَدْ رَنَا كَعَيْنِ حَبِيبٍ * لَمْ يَجِدْ غَيْرَةً مِنَ الأُقْحُوَانِ
وَوُرُودٌ فَوَّاحَةٌ مَضْرِبُ الأَمْثَالِ * فِي عَرْفِهَا وَفِي الأَلْوَانِ
وَزُهُورٌ إِذَا تَمَلَّتْ بِهَا عَيْنٌ * فَذَاكَ الهَنَا وَتِلْكَ الأَمَانِي
ورُؤُوسُ النَّبَاتِ رَصَّعَهَا الطَّلُّ * فَلاَحَتْ بَدِيعَةَ التِّيجَانِ
وَجُذُوعٌ مِثْلُ الزَّبَرْجَدِ تَبْدُو * فِي اخْضِرَارٍ تَهْفُو لَهُ العَيْنَانِ
وطُيُورٌ غِنَاؤُهَا صَلَوَاتٌ * فِي الأَعَالِي لِلْوَاحِدِ الدَّيَّانِ
وغُصُونٌ عِنَاقُهَا سُبُحَاتٌ * وَهُيَامٌ بِصَنْعَةِ الرَّحْمَانِ
وَحَفِيفٌ حَدِيثُهُ هَمَسَاتٌ * فَوْقَ قَرْعٍ مُضَمَّخٍ فَيْنَانِ
وَمَجَارِي اللُّجَيْنِ يَرْقُصُ فِيهَا * أَعْذَبُ الْمَاءِ رَقْصَةَ الجَذْلاَنِ
وصَهَارِيجُ قَدْ صَفَتْ فَهْيَ تَبْدُو * كَزُجَاجِ الْبِلَّوْرِ فِي اللَّمَعَانِ
وَبِسَاطٌ مِنْ سُنْدُسٍ عَبْقَرِيٍّ * هَامَ فِي حُسْنِهِ وَفِي الأَلْوَانِ
ونَسِيمُ الصَّبَا يَمُرُّ خَفِيفاً * فَيُحَيِّي طَوَالِعَ الأَغْصَانِ
فََتَرَى الْبَانَ يَنْتَشِي وَهْوَ نَشْوَانُ * بِمَرِّ الصَّبَا عَلَى الْقُضْبَانِ
ثُمَّ تَبْدُو الفُرُوعُ عِنْدَ لِقَاهَا * كَصَبَايَا فِي مَوْسِمِ السُّلْوَانِ
ضَاحِكَاتٍ مُسْتَبْشِرَاتٍ لأَنَّ الْـــحُبَّ * قَدْ ضَمَّهَا عَلَى الغُفْرَانِ
لَيْسَ فِيهَا حِقْدٌ يَشِينُ صَفَاهَا * مِثْلَمَا عِنْدَنَا بَنِي الإِنْسَانِ
إِنَّهُ عَالَمُ الجَمَالِ لَهُ تَصْـبُو * قُلُوبٌ وَتَسْجُدُ الْعَيْنَانِ
رَوْضَةٌ لَيْسَ بَعْدَهَا مِنْ رِيَاضٍ * وَهْيَ فِي الْحَقِّ رَوْضَةُ الْقُرْآنِ
جَاءَنَا هَادِياً بِأَفْصَحِ قَوْلٍ * أَيْنَ مِنْ سِحْرِهِ حُلاَ سَحْبَانِ؟
أَعْجَزَ النَّاسَ مِنْ قَدِيمٍ وَمَا زَالَ * طَرِيّاً تَحْلُو بِهِ الشَّفَتَانِ
عَبَثاً حَاوَلُوا فَجَاءُوا بِسُقْمٍ * هُوَ لِلآنَ مُؤْلِمُ الآذَانِ
أَضْحَكُونَا عَلَيْهِمُ وَمَضَوْا * بِالْخِزْيِ وَالْعَارِ مُدَّةَ الأَزْمَانِ
ذِرْوَةٌ فِي السُّمُوِّ لَفْظاً وَمَعْنىً * سَاطِعُ النُّورِ ثَابِثُ الأَرْكَانِ
حَارَبَ الشِّرْكَ فِي دِيَارٍ لَهَا الشِّرْكُ * سَبِيلٌ لِغَايَةِ الخُسْرَانِ
وَالْهَوَى والضَّلاَلُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ * يَعِيشَانِ عِيشَةَ الإِخْوَانِ
وَضُلُوعُ الأَنَامِ بَاتَتْ عَلَى غَـيْـرِ * هُدىً فِي مَضَاجِعِ الْكُفْرَانِ
وَهَشِيمٌ مِنَ العَقَائِدِ بَالٍ * بَاهِتُ اللَّوْنِ مَيِّتُ الجُثْمَانِ
وَتَقَالِيدُ قَدْ عَفَتْ وَعَلَيْهَا * مِنْ جُمُودٍ وَضِلَّةٍ بُرْدَانِ
فَدَعَا لِلْخَلاَصِ مِنْ وَضْعِ سُوءٍ * وأَبَانَ الصَّحِيحَ فِي الأَدْيَانِ
لَيْسَ غَيْرُ الإٍسْلاَمِ دِيناً وَغَيْرُ * اللهِ رَبّاً فِي شِرْعَةِ الْقُرْآنِ
وَالنَّبِيُّ الأمِّيُّ أَعْلَمُ مَنْ يَمْشِي * عَلَى الأَرْضِ أَحْمَدُ الْعَدْنَانِي
جَاءَ يَتْلُو الْكِتَابَ وَهْوَ شِفَاءٌ * لِنُفُوسٍ مَرِيضَةِ الأَجْفَانِ
صِيغَ مَضْمُونُهُ مِنَ الرُّوحِ حَتَّى * صَارَ رُوحاً وَلَفْظُهُ نُورَانِي
فِيهِ تَسْرِي الحَيَاةُ بَيْنَ تَرَاكِيبَ * سَمَتْ عَنْ بَلاَغَةِ الإِنْسَانِ
شَعَّ مِنْهُ التَّوْحِيدُ وَهْوَ اعْتِقَادٌ * وَأَسَاسٌ لِهَيْكَلِ الإِيمَانِ
وَفُرُوضُ الإِسْلاَمِ تُعْرَفُ مِنْهُ * فَهْوَ لِلدِّينِ وَالدُّنَا خَيْرُ بَانِ
رَبَطَ النَّاسَ بِالعَلاَئِقِ فِي حَبْلِ * اتِّحَادٍ يَقُومُ بِالإِحْسَانِ
قَالَ: اِقْرَأ وَهُوَ يَنْزِلُ ريَّانَ * نَدِيّاً فِي لَيْلَةِ القُرْآنِ
حَسَدَ الصُّبْحُ نُورَهَا وَضِيَاهَا * وَعُلاَهَا وَمَا لَهَا مِنْ مَعَانِي
حَفَّهَا مِنْ مَلاَئِكِ اللهِ جَمْعٌ * رَافِلٌ فِي طَهَارَةِ الْوَجْدَانِ
وَأَمَامَ الْوُفُودِ جِبْرِيلُ يَمْشِي * لِلْبَرَايَا بِتُحْفَةِ الرَّحْمَانِ
وَنَبِيُّ الرَّشَادِ مِنْهُ تَلَقَّى * بِاعتِزَازٍ هَدِيَّةَ الدَّيَّانِ
فَدَعا يَنْشُرُ الْهُدَى بِكِتَابٍ * وَيُبِيدُ الدُّجَى بِكُلِّ مَكَانِ
لَيْسَ يَبْقَى مَعَ الضِّيَاءِ ظَلاَمٌ* وَمَعَ الْحَقِّ بَاطِلٌ فِي الزَّمَانِ
قِصَصُ الأَوَّلِينَ فِيهِ اعْتِبارٌ * وَعِظَاتٌ بَلِيغَةُ البُرْهَانِ
سَاقَهَا كَاشِفاً لِعَاقِبَة الظُّلْمِ * بِعَرْضٍ مُشَوِّقٍ وَبَيَانِ
فَرَأَيْنَا مَصَارِعَ الْبَغْيِ تَنْجَابُ * عَلَى قَوْمِهِ ذَوِي الْعُدْوَانِ
وَعَلِمْنَا بِفَضْلِهِ مَا دَهَى * كُلَّ عَنِيدٍ مُكَذِّبٍ خوَّانِ
فَاقْرَأُوا آيَهُ فَهِيَ دُرُوسٌ * تَسْلَمُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْخِذْلاَنِ
وَهُنَاكَ الأَخْلاَقُ وَهْيَ جَمَالٌ * لِوُجُودٍ بِدُونِهَا عُرْيَانِ
إِنَّهَا حِلْيَةُ الْحَيَاةِ وَلَوْلاَهَا * لَمَا لَذَّتِ الْحَيَاةُ ثَوَانِي
فَهْيَ جَرْدَاءُ مِثْلُ رَوْضٍ تَعَرَّى * وَهْي بالخُلْق رَوْضَةُ الأَلْوَانِ
وَلِهَذَا دَعَا الكِتَابُ إِلَيْهَا * لِنَرَى الْحُسْنَ مَاثِلاً لِلْعِيَانِ
وَهُنَاكَ الْقِصَاصُ يَضْمَنُ عَدْلاً * زَاجِراً كُلَّ ظَالِمٍ أَوْ جَانِ
فِيهِ لِلنَّاسِ رَاحَةٌ وَحَيَاةٌ * وَسَلاَمٌ وَعِزَّةُ الأَوْطَانِ
وَعْظُهُ تَارَةً بِلِينٍ وَطَوْراً * بِوَعِيدٍ لِصَالِحِ الأَبْدَانِ
بِهِ عَاشَ الأجْدَادُ فِي سَالِفِ الْعَصْرِ * عَلَى عِزَّةٍ وَفِي سُلْطَانِ
وَبِهِ الْيَوْمَ إِنْ أَرَدْنَا نَجَاحاً * يَشْمَخُ الْمَجْدُ عَالِيَ الْبُنْيَانِ
هُوَ بَحْرُ العُلُومِ مَا زَالَ زَخَّـاراً * ويبقَى على مَدَى الأَزمَانِ
حِكْمَةٌ كُلُّهُ وَعِلْمٌ وَدِينٌ * وَصَلاَحُ الْوُجُودِ وَالْعُمْرَانِ
كَيْفَ أَرْجُو وَصْفَ الكِتَابِ بِشِعْرٍ * أَوْ بِنَثْرٍ وَهُوَ فِي ذَا الشَّانِ!؟
كَلِمَاتٌ حُرُوفُهَا مِنْ خُيُوطِ النُّـورِ * صِيغَتْ بَدِيعَةَ الأَوْزَانِ
مَا لَهَا فِي الْكَلاَمِ نِدٌّ وَهَيْهَاتَ * تُجَارَى بَرَاعَةُ الْقُرْآنِ
يَنْفَدُ الْبَحْرُ والمُحِيطُ وَتَبْقَى * لَيْسَ تُحْصَى بِالْعَدِّ وَالتَّبْيَانِ
يَا بَنِي أُمَّتِي تَعَالَوْا فَهَذَا الذِّكْرُ * نَبْعُ الْعُلُومِ والعِرْفَانِ
اشْرَبُوا تَرْتَوُوا بِفَيْضٍ نَمِيرٍ * هُوَ رِيٌّ لِلظَّامِئِ العَطْشَانِ
ومَنَارُ الهُدَى لِمَنْ سَارَ فِي * مَهْـمَهِ عَيْشٍ كَتَائِهٍ حَيْرَانِ
وَعِلاَجُ النُّفُوسِ مِنْ قَلَقِ الهَــــــــمِّ * عَنِيفاً وصِحةُ الأبْدَانِ
فاعْمَلُوا بِالْكِتَابِ فَهْوَ أسَاسُ الْفَــــــوْزِ * دُنْيَا وَفِي الوُجُودِ الثَّانِي
واشْكُرُوا رَبّكُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ * يَجْزِي عَنْ خَالِصِ الشُّكْرَانِ
قرأتها في موقع الوراق وأحببت نقلها لكم