شوبنهور ومراة الماعز ...................بقلمي



كان شوبنهور المفكر والكاتب الالماني يعتقد انه الحقيقة الاولى وانه المرشح رقم واحد ليكون اقرب الناس شبها بالسيد المسيح عليه السلام ..والتشبة بالمسيح يحمل في مضمونه معنيين اولهما تشاؤمي باعتبار ان المسيح حمل من العذابات والالام من قبل بني البشر مالايحتمل ..وثانيهما تبشيري بالخلاص من الواقع المتردي واخراج الناس من ظلمات التعاسة الى نور السعادة ..
ولانه كان ضحية دائمة لفكرة التصفية من قبل حاسديه ومبغضيه مثلما تعرض المسيح من قبل ..فقد كان لايغمض له جفن الا ومسدسه المحشو ينام تحت وسادته !!
ومثله تماما نجد ان اغلب ساستنا اليوم مصابون بذلك الداء ( الشوبنهري) فهم لاينامون الا وتحت اوسدتهم الاف الاشباح التي تتربص بهم باعتبارهم الفاتحين الاوائل ترافقهم تلك العقدة المستديمة من الشعور بالاضطهاد والمظلومية وانهم ( واخ لو بس ينطوهم فرصة ) سيحيلون ارض السواد الى ارض الخضار والنماء ..وسيمشي الخروف يدا بيد مع الذئب متحابين في ربوع الوطن ومتفيئين ظلال قطافه الداني ..
الفارق الوحيد والاكبر بينهم وبين شوبنهور انهم لم يخلفوا لنا ماخلفه هذا الفيلسوف في حقل الفلسفة بل المعرفة من تراث لسفي وفكري لازال يعتمد عليه الدراسون .. ساستنا..بل فلتات دهرنا ...المبجلون..الذين يظنون ( ظن السوء بانفسهم) بانهم الحقيقة الوحيدة المطلقة ..والصواب الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه او من خلفة لايريدون ان يتخيلوا لوهلة ان هناك من هو افضل منهم او على الاقل من هو بمنزلتهم .. فكل ما سواهم خطاء كبير يستغفرون لذنبه العظيم اناء الليل واطراف النهار ان زلت قدمه وحاد عن جادة الصواب واعتقد انه اهل للمنصب اكثر منهم ..
ولهذا السبب فالخريطة السياسية وان كانت تبدو ثابتة بلغة المكونات .فانها اقرب ما تكون الى التبعثر والتشظي والفوضى ( وضرب الاعناق )ان نظرنا اليها بلغة الافراد ...بل بلغة القادة ...
القادة المتناطحون الذين يريد كل منهم ان يكون قائدا لقطيع الماعز الذي لا يطيب له الا التصفيق مناديا بحياة الماعز الاوحد والقائد الضرورة ..صاحب القرون الاطول والاشد فتكا وقوة...
كان يفترض بقادتنا المتناطحين ان يحترموا الدستور باعتباره مراة الشعب وممثلا لارادة الامة ..لكنهم للاسف حق عليهم قول شوبنهور حينما كان لايزال بعيدا عن الاضواء وحين كان يرى ان كتابه الفلسفي الاول يتحول الى لفافات للبضائع : ( ان كتابي هذا اشبه بالمراة ..اذا نظر اليها الحمار فمن المستحيل ان لايرى فيها سوى نفسه )...
مساكين فهم لايرون في الدستور ارادة الشعب ..
فحين ينظر الماعز في المراة ..فلن يشاهد ..سوى صورته !!