السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهي قصة واقعية حدثت في بغداد ... لبيت جيراننا
وأنا انقلها لكن بكل أمانة علنا نتعظ ونستفيد .
في إحدى أزقة بغداد الحبيبة ، وفي يوم شديد البرودة
من أيام الشتاء، كانت تسكن عائلة مكونة من أب يعمل مدير
لمدرسة إبتدائية للأولاد ... والأمتعمل مُدرِسة في مدرسة ابتدائية للبنات
وكان عندهم طفلة رائعة الجمال عندماتنظر
الى احد منا تأخذه بجمالها .. فسبحان الله الذي صورها وابدعها
شعرهاكأنه الشمس الساطعة يتدلى على كتفيها بخصله الذهبية الملتوية .
وعيناهاالزرقاوان كأنها لون السماء الصافية .. ماشاء الله الرحمن
الذي صورها فأحسنتصويرها .
كانت امها عندما تذهب إلى المدرسة تتركها مع الخادمة
التي تحبهاجدا جدا وتعتني بها .. وهذه الخادمة معهم من مدة طويلة جدا
فهي اصبحت كأنها فردمن العائلة .. الجميع يحبها ويعتني بها
وهي كذلك تحبهم وتلبي جميع طلباتهموتسهر على راحتهم .
في كل صباح يودع الأبوين الحنونين ابنتهم بالقبلات بأملاللقاء
بها في المساء بعد إنتهاء الدوام الرسمي
وعند العودة إلى البيت تتجهالبنت راكضة لتفتح الباب وترتمي بين
احضان والديها الحنونين وهكذا مرت الأياموكان عمرتهاني
في ذلك الوقت أربع سنوات .
وفي إحدى الأيام عاد الأبوينالحنونين من عملهما ولكن ...
البيت كان هادئا .. ليس فيه لعب ولا ضحكات تهانيالتي
اعتادا عليها ... !
غريب قالت الأم ! أين تهاني
ذهبت إلى الخادمةفي المطبخ وسألتها :
أين تهاني !
قالت : هي في الحديقة .. تركتها تلعب
خرجت الأم إلى الحديقة تبحث عن تهاني
فتشت في كل مكان ، لم تترك بقعة منالحديقة الا وفتشت فيها
ولم تجدها
دخلت مسرعة وأخبرت الأب المسكين الذي عادلتوه من عمله
قالت : ياأبا تهاني أسرع تهاني غير موجودة !!
قال : عجيب ! كيف غير موجودة ؟ !!
اسألي الخادمة عنها
قالت : سألتها وقالت لي هي فيالحديقة وقد بحثت عنها
ولم أجدها ... أسرع اخرج وابحث عنها في الخارج !
فخرج الأب يبحث عنها ... سأل الجيران جميعهم بيتا بيتا
ومن ضمن البيوت التيسألها كان بيتنا
فخرجنا معه نبحث عنها .. وخرج الجيران ايضا للبحث عنها
فلميبقى بيت في الحي إلا وخرج يبحث عنها .. فالكل يعرفها
ويحبها ... انها تهانيالطفلة المحبوبة ... كانت دموع الأم تتساقط
بغزارة وهي تدعوا الله .. يارب سلم ... يارب سلم
مضى من الوقت الكثير وإرتفع أذان المغرب من المسجد القريب منبيتنا
فذهب الجميع للصلاة ... وذهب أبا تهاني أيضا لصلاة المغرب في المسجد
وهناك وبعد أن انتهى من الصلاة رفع يديه الى السماء داعيا الله عز وجل بأن
يجد إبنته الصغيرة ....
خرج من المسجد عائدا إلى البيت ... واتصل فورابالشرطة
وفعلا حضرت الشرطة وأخذت تحقق مع الجميع ، حتى مع الجيران
لم يبقىاحد إلا وحققت معه ، ولكن لم تتوصل الشرطة إلى
شيء .. ولم تعثر على البنت .
سلمت العائلة المسكينة امرها إلى الله ورضيت بما قسمه الله تعالى وكانت
صابرة محتسبة ... ولكن دموع الأبوين لم تتوقفا صباح مساء
كانا يتذكرانطفلتهما المحبوبة ...
هنا كانت تعلب ! ... آه
وهنا كنت تقفز وتمرح !! .. وهناك ... هناك كانت تنام
وكنت احملها لكي اضعها في غرفتها !!
وكان الأبيقول لأم تهاني ... هوني عليك ياأم تهاني
واصبري فإن الله لن يضيع اجرك وصبرك
اصبري ... وسأصبر معك .
وفعلا .. أراد الله سبحانه وتعالى
أن يفضح الأمر ليأخذ المجرم
قصاصه العادل
ففي إحدى الأيام الشتوية الباردة مطرتالسماء مطرا شديدا ..
بحيث خفنا من أن يحصل فيضانا لشدة وغزارة المطر .
وفيبيت أم تهاني .. كانت الأم تنظر من النافذة ورأت إن المياة تخرج
من البالوعةالتي في الحديقة بغزارة .. ( أو مايسمى البئر الذي يذهب إلى الماء المستعمل منالحمامات والمطابخ ) و قد ارتفعت المياه فيه بسبب المطر كثيرا وأخذت المياة تنجرفبشدة إلى خارج البالوعة .... ... خرج ابا تهاني
ليرى الأمر خوفا من الفيضان ... فتح البالوعة !!
وإذا بالمفاجأة التي صعقته !! صاح بأعلى صوته
آه أم تهانياسرعي ... تعالى ؟!!!!!!!!
إنها تهاني طائفة ميتة فوق الماء داخل البالوعة ...
صرخت الأم وأخذت تبكي ... وإتصلت العائلة بالشرطة
من جديد ... حضرتالشرطة اخذت تحقق مع الجميع
ولكن هذه المرة شددت التحقيق مع الخادمة
بالرغممن إن العائلة لم ترضى ذلك
وكانت تحاول اقناع الشرطة بإن الخادمة تحب ابنتهمجدا
ولا يمكن أن تؤذيها ....
بعد جولة من التحقيق خافت الخادمة وأقرتبالحقيقة كاملة
قالت : أبي أمرني أن افعل هذا وقد ضربني وهددني
وفعلت هذابناء على طلب ابي .
ذهبوا إلى أبي الخادمة وأحضروه
وقد كان في حينها حارساللمدرسة التي
يعمل فيها أبا تهاني .
قالت له الشرطة ... إبنتك إتهمتك بإنك
أمرتها بقتل الطفلة ؟
أقر الأب ايضا بعد إنفضاح الأمر وقال : نعم .. أحدأولياء الأمور اعطاني مئة
دينار لقتل الطفلة ، وقد أغراني هذا المبلغ
فطلبتمن إبنتي بأن تقتلها لكي أفوز بالمبلغ .
فقالت الشرطة : ولماذا طلب منك هذاالطلب وأعطاك
هذا المبلغ ؟
قال : لأن إبنه رسب في المدرسة وبقي في صفه ولميصعد
إلى الصف الأعلى ، فغضب الأب وجاء يشتكي للمدير
الذي كان هو أبا تهاني .. ولكن أبا تهاني لم يهتم بشكوته
وقال له إبنك كسلان ويستحق الرسوب ولا أستطيع
أن أفعل له شيئا .
حينها قرر أن يقتل إبنته ليوجع قلبه عليها كما وجع
قلبه على رسوب إبنه .
وهكذا بانت الحقيقة وظهرت .. وشاءت ارادةالله أن يأخذ الجاني
عقابه العادل في الدنيا ... ثم يأتي في الآخرة ليأخذه غيرمنقوص
نعم ... إنها عدالة الله ورحمته بعباده
لقد تم عقاب الخادمة وأبوهاوأبو الولد ... وإسدل الستار على هذه
القضية ... التي كانت وفي وقتها حكايةالناس أبناء حينا
فلم تكن لهم حكاية وقصة إلا هذه