البنتاغون: بغداد عاجزة ماليا عن صيانة معداتها العسكرية.. وقواتها تضم آلاف الجنود الوهميين




أسعار النفط تملي إعادة النظر في المرتبات والتصدي للفساد

بغداد: ارنستو لوندونو*

صرح مسؤولون عسكريون أميركيون بأن الانخفاض الحاد في أسعار النفط سيجبر قوات الأمن العراقية على تخفيض الأجور الكبيرة ولن يمكنها شراء السفن والطائرات التي كان يأمل المسؤولون العراقيون في الحصول عليها لتنمية قدرات الدولة العراقية الأساسية التي تمكنها من الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية بحلول عام 2012 وهو العام الذي من المقرر أن تنسحب فيه القوات الأميركية من العراق.

ويقول مسؤولون أميركيون إن تقلص الميزانية لا يسمح كذلك للحكومة العراقية بصيانة المعدات العسكرية التي توازي قيمتها مليارات الدولارات التي قدمتها الولايات المتحدة وهو ما يعني احتمالية خسارة ضخمة لاستثمار أميركي رئيسي.

وتهدد الأزمة التقدم الذي تشهده قوات الأمن العراقي التي يعيقها بالفعل الإدارة غير الفعالة والفساد والتدخل السياسي في شؤونها. ففي الوقت الذي تبدأ فيه قوات الجيش الأميركي بالانسحاب من بعض المدن خلال الصيف الجاري فإن الضوء سيصبح مسلطا على العراقيين.

ويقول الجنرال فرانك هلميك، الذي يشرف على تدريب وتزويد قوات الأمن العراقي بالمعدات: «ستقلل أزمة الميزانية من قدرة العراقيين على تطوير قدراتهم». مضيفا «نحن في وضع لم يضطر العراقيون من قبل لمواجهته، لا يمكنهم الدفع مقابل ذلك، ولا يوجد لدينا المال للدفع مقابل ذلك. لأول مرة يجب على العراقيين أن يحددوا أولوياتهم وتلك خيارات صعبة».

ويقول المسؤولون إن من التبعات الخطيرة لهذا العجز المالي هو فشل الحكومة العراقية في الإنفاق على صيانة وتوفير قطع غيار للعدد الكبير من مراكب القتال المدرعة والمعدات العسكرية الأخرى التي تبرعت بها الولايات المتحدة في السنوات الماضية. فقد تلقى الجيش العراقي وقوات الشرطة حوالي 5000 مركبة هامفي أميركية في السنوات الأخيرة، ومن المتوقع الحصول على حوالي أربعة آلاف إضافية مع انسحاب القوات الأميركية ويؤكد المسؤولون أن العديد من تلك المركبات بدأت تعطل.

وقال الخبراء العسكريون الأميركيون لوزارة الدفاع العراقية إنها بحاجة إلي تخصيص حوالي 68 مليون دولار أميركي خلال العام الحالي لقطع غيار لتلك العربات التي تبرعت بها الولايات المتحدة. ويقول مسؤولون إن الوزارة وافقت علي تخصيص مليون دولار أميركي لذلك الغرض.

ويقول مسؤولون أميركيون إنه في الوقت الذي بدأت فيه سيارات هامفي التابعة للجيش العراقي تعطب في ميدان القتال، أمر قادة عراقيون بتفكيكها لاستخدامها كقطع غيار. وبعض القادة مترددون في إرسال تلك السيارات للإصلاح لأنهم كانوا خائفين من ألا يستردوها قبل شهور ولأنهم لا يرغبون في التخلي عن الأموال التي يحصلون عليها لتزويدها بالوقود. ويقول هلميك: «ما كانت لهذه الثقافة أن تنتشر لو كان النظام المطلوب مطبقا لصيانة الأشياء.. ما نرغب في تجنبه هو أن يضطروا إلي قيادة تلك المركبات حتى لا تصبح صالحة ثم يستخدمون المركبة المعطوبة كقطع غيار».

ويقول المفتش العام بوزارة الدفاع المختص بشؤون إعادة إعمار العراق في تقرير صدر الشهر الماضي إن الولايات المتحدة أنفقت حوالي 628 مليون دولار علي تطوير قدرة الجيش العراقي علي صيانة المعدات ولكن لم يسجل نجاحا كبير. وهذا الرقم أكبر بحوالي 420 مليون دولار عن التكلفة المخطط لها لأن الحكومة العراقية لم تحمل مسؤولية الصيانة ما أجبر دافعي الضرائب الأميركيين علي الاستمرار في تمويلها، حسب ما أشار إليه التقرير.

وبضغط من مسؤولين بالجيش الأميركي، وافقت وزارتا الدفاع والداخلية العراقيتان على مراجعة رواتب الموظفين وتخفيضها وهو ما يتجاوز إلي حد بعيد الصلاحيات المخولة لهم.

ومن المتوقع أن تسفر المراجعات عن التخلص من آلاف الجنود ورجال الشرطة الوهميين من جداول المرتبات الذين يعملون صوريا فقط. كما سيترتب علي تلك المراجعات فصل الضباط والجنود الذين تم تعيينهم رغم افتقارهم لمؤهلات العمل المطلوبة مثل ألا يكون أميا وأن يكون سنه ملائما وألا يكون عاجزا طبيا. وهناك 262 ألف جندي علي قائمة رواتب الجند العراقيين أي ما يزيد بنحو 12000 جندي على القوة المسموح بها. ولأن قوات الأمن العراقية تتلقي رواتبها نقدا ويتم نقل ذلك من خلل تسلسل قيادي يلجأ العديد من القادة إلى الكذب بشأن عدد الجنود الذين يشرفون عليهم، حسب ما يقوله مسؤولون أميركيون.

ووفقا لتقرير ملخص أصدره الجيش الأميركي حول تدقيق رواتب الموظفين في وزارة الدفاع فإن بعض الموظفين برتبة رائد يحصلون علي 70 ألف دولار أميركي شهريا عن طريق الاختلاس. ويقول مسؤول أميركي قام بعمل تقديرات لعدد العاملين الوهميين إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن حوالي نسبة 25% من ميزانية الوزارة السنوية للرواتب تسرق. ويؤكد التقييم الأميركي أن تلك المراجعات ستكشف الموظفين الفاسدين ولذلك فإن قادة الجيش العراقي يتوقعون «اندلاع العنف». ووافق مسؤول عراقي بارز علي المشاركة في المراجعة شريطة أن يتم تأمين المبني الذي ستتم عمليات المراجعة الحسابية به لأنه يعتقد «أنه سيتم تفجيره»، وفقا للوثيقة الأميركية.

وقد أوقف وزير الداخلية التعيينات الجديدة علي الرغم من خطته لتعيين حوالي 67 ألف ضابط شرطة خلال العام الجاري. وكان أحد الأهداف من زيادة أفراد الشرطة هو تكوين لواء قوات شرطة وطني مدرب على مواجهة التمرد في كل المحافظات الـ 18 بنهاية العام الجاري ولكن تلك الخطة تم تأجيلها لأجل غير مسمي. ويقول الجنرال جيمس ميلانو، الذي يشرف علي تدريب أفراد الشرطة، إن الوزارة يعمل بها حوالي 480 ألف شخص وحوالي 80 ألف متعهد وهو ما يفوق قوتها المتفق عليها البالغة 476 ألفا.

وتلقي مشكلة الميزانية الضوء علي المخاوف المتعلقة بقدرة الحكومة التي يقودها الشيعة علي الاستمرار في دفع رواتب المجموعات شبه العسكرية التابعة للسنة التي كانت قد شكلتها الولايات المتحدة وكانت تمولها سابقا والتي تقع الآن تحت إشراف الحكومة العراقية. وقد وعدت الحكومة بدمج نحو 20 في المائة من أصل 94 ألفا من عناصر هذه المجموعات بقوات الأمن ولكن بسبب توقف حركة التعيينات فإنه تم دمج حوالي خمسة آلاف فقط.


* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»