تعتبر حضانة الأطفال في الأسر المطلقة من القضايا الأساسية التي تزيد من حدة
الصراع بين الوالدين ،والحضانة إما أن تكون [ حضانة الأم ] أو [حضانة الأب ] أو[ حضانة مشتركة]،علماً بأن الحضانة
المشتركة هي الأكثر شيوعاً ،حيث يتحمل الوالدين معاً مسؤولية رعاية أطفالهما بعد الطلاق ،وبالتالي يمكن للأطفال الإقامة مع
أمهاتهم لفترة من الزمن ،ومع آبائهم لفترة أخرى بالتبادل كي لا تنقطع الصلة بين الأطفال وبين الوالدين .لقد تبين لعلماء التربية
من خلال دراسة لنماذج من تلك الأسر أن أطفالهم يشعرون بنوع أقل من الإحباط، حيث يشترك الوالدان في مناقشة مشكلات
الحضانة المشتركة .
غير أن الكثير من الأسر المطلقة التي لم تستطع التفاهم في الأمور المتعلقة بحضانة وتربية أطفالهم ،وواجهوا صعوبات كبيرة
في فهم العلاقات المعقدة الناجمة عن الطلاق ،وعدم القدرة على التفاعل مع بعضهم البعض في تحقيق الرعاية المشتركة،وهم
غالباً ما يلجئون إلى القضاء لحل الخلافات القائمة بينهم ،وهؤلاء على الغالب يتسمون بالكراهية تجاه الطرف الآخر، واستمرار
الصراع بين الآباء والأمهات ،حيث تمتد تلك المشاعر إلى أطفالهم ،وتؤدي بهم إلى الميل إلى عقاب الطرف الآخر،والتعود منذ
الطفولة على الاعتداء الجسدي على الطرف الآخر ،واعتباره طرفاً سيئاً لا يصلح كأب ،أو كأم .
ومن هنا يتبين لنا أن نزاع الوالدين يستمر في التأثير السلبي على الصحة النفسية للأطفال بعد الطلاق،وقد يسبب لهم بعض
الأعراض النفسية الجسدية ،أي ما يسمى ب [ الجسدنة ] كالصداع ،والاضطرابات المعدية المستمر،كما يتسم بعضهم
بالعدوانية،والبعض الآخر بالانطواء ، وغالباً ما يؤدي ذلك على تفاقم الصراع بين الوالدين حيث يحاول كل منهما لوم الآخر
باعتباره مسؤولاً عن سلوك الأطفال ،ويمكن تلخيص نتائج وانعكاسات الشقاق والصراع والطلاق على الأطفال بما يلي :
1 ـ إن النزاع والخصام والطلاق بين الوالدين يسبب تأثيرات سلبية على تحصيلهم الدراسي ،وقد تستمر تلك التأثيرات عبر
مراحل النمو المختلفة ،من الطفولة إلى المراهقة ،وقد تتجاوز ذلك حتى ما بعد سن الرشد .
2 ـ إن الصراع والخصام والطلاق والكراهية المتبادلة بين الوالدين تعد من أكثر العناصر تدميراً للأطفال .
3 ـ على الرغم من انتهاء الصراع والخصام بين الوالدين بعد الطلاق داخل البيت ،إلا أنه غالبا|ما يستمر بعد الطلاق مما يؤثر
تأثيراً سيئاً على نمو الأطفال .
4 ـ رغم أن الحضانة المشتركة قد تخفف من تأثيراتها السلبية على نمو الأطفال إلا انه لا توجد أدلة قاطعة على أن هذا
الأسلوب يمكن أن يمنع التأثيرات المدمرة لنمو الأطفال .
ومن المؤسف أن الكثير من الآباء والأمهات رغم كونهم يدركون مدى التأثيرات السلبية للطلاق على مستقبل أبنائهم ،إلا أنهم لا
يعيرون أهمية كاملة لمصلحة ومستقبل أبنائهم ،بل ومضحين بها ،ولذلك نجد الطلاق مستمراً في تصاعده يوماً بعد يوم بين
الكثير من الأسر،وإن الوالدين يتحملان المسؤولية الكاملة فيما يتعلق بالصحة النفسية لأطفالهم ،وقدرتهم على مواجهة ضغوط
الحياة مستقبلاً .
وينبغي أن نضع في الحسبان إقدام الأزواج المطلقين ،والزوجات المطلقات على الزواج مرة أخرى يعني أن أطفالهم سوف
يعيشون إما مع زوج الأم ،أو زوجة الأب،وليس هناك أي ضمان في أن يتعامل زوج الأم ،أو زوجة الأب مع الأطفال تعاملاً
حسناً ،وقد يتصف بالقسوة أحياناً مما يؤدي إلى هروب الأطفال من البيت وبالتالي الضياع ،وكثيراً ما تعرض أطفال الزوجة
للاعتداء الجنسي من قبل الزوج الجديد .
إن الحرص على مستقبل الأطفال يتطلب من الوالدين التفكير عميقاً قبل الإقدام على خطوة الطلاق التي قال عنها الخالق [ إن
أبغض الحلال إلى الله الطلاق ] وذلك بسبب الانعكاسات السلبية الخطيرة على أبناءهم ،وعلى الوالدين أن يضحوا قدر
الإمكان من أجل أبنائهم ،ولا شك أن هناك الكثير من الآباء والأمهات يتحمل الكثير من الشريك حرصاً على عدم ضياع أبنائهم
.
إن المحبة والاحترام المتبادل بين الآباء والأمهات ،وتجاوز الخلافات البسيطة التي يمكن أن تحدث في كل بيت ،وحلها بأسلوب
عقلاني هادئ والحرص على عدم النزاع والخصام أمام أطفالهم ينعكس بكل تأكيد إيجابياً على نموهم ،وتفوقهم في دراستهم
،وضمان مستقبلهم .