مراحل تمدد الحدود الكويتية بالخرائط
كاظم فنجان الحمامي
هذه مجموعة من الخرائط الموثقة تكشف مراحل تمدد الحدود الكويتية على حساب الرقعة الجغرافية البحرية والبرية للعراق, وتبين كيف انتفخت الكويت, وكيف توسعت وتمددت واستطالت بالطول والعرض, وقفزت فوق حفر الباطن, حتى صارت على بعد بضعة أمتار من أم قصر وصفوان, وكيف التفت حول جبل سنام, واقتربت كثيرا من الفاو بحيث استولت على الممر الملاحي الوحيد المؤدي إلى الموانئ العراقية من دون أن تراعي محرمات خط الثالوك, ومن دون أن تعير أي اهتمام للمسالك الملاحية المخصصة لمرور السفن التجارية القادمة من والى ميناء خور الزبير وميناء أم قصر بشقية القديم والجديد.
سيكتشف القارئ بعد اطلاعه على هذه الخرائط الوثائقية المرفقة كيف زحفت الكويت باتجاه الحدود العراقية حصريا, ولم تزحف شبرا واحدا باتجاه الحدود السعودية, فقد اقتصر زحفها على الحدود البحرية والبرية للعراق وحده, وتوسعت مساحة الكويت كثيرا عن مساحتها في الخمسينات والستينات, بحيث بات باستطاعة أي إنسان أن يكتشف الفارق الكبير في مساحة الكويت للفترة من عام 1950 إلى عام 2010 بمجرد قيامه بمراجعة خرائط الكويت نفسها, ولو عدنا إلى عام 1774 واطلعنا على تفاصيل الخارطة التي رسمها الرحالة الألماني (كارستن نيبور), والتي نشرتها المراجع الجغرافية الدنماركية, لوجدنا ان الكويت, وتعني الكوت الصغير, والكوت هو البيت الطيني المربع باللهجة العراقية, كانت مجرد قرية صغيرة تقع إلى الجنوب من كاظمة, تقطنها بعض التجمعات العربية, التي توارثت حرفة الصيد وجمع اللؤلؤ, وكانت هذه القرية وقتذاك تابعة إداريا لولاية البصرة.
اما الخارطة التالية فهي من الخرائط الهولندية النادرة, رسمها الأخوان (أوتنز) للدولة العثمانية في أوائل القرن الثامن عشر, وتظهر فيها مدينة (كاظمة) فقط, في حين تبين الخارطة ان المنطقة برمتها تابعة إلى مقاطعة AMER RABIA أمير ربيعة آنذاك, وهو من أمراء ولاية البصرة العظمى.
والخارطة وردت في أطلس هارمزورث (Harmsworth's Atlas), وهي غير مؤرخة, ويعتقد انها تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر, وتظهر فيها الكويت كقرية ساحلية على حافة البحر بين الخفجي وكاظمة.
والخارطة الرابعة رسمت عام 1913 تبين الحدود الإدارية للكويت كقضاء تابع لولاية البصرة تم تحديده بمنحنيين كبيرين احدهما يطوق مركز القضاء (الكويت) والمنحني الأكبر يطوق المساحات الصحراوية التابعة له. ويظهر في الخارطة حفر الباطن وهو يمثل الحدود الطبيعية للكويت عام 1913.
بينما تؤكد الخارطة الخامسة على ما بينته الخارطة الرابعة, حيث يظهر المنحنى الدائري الملتف حول الكويت عام 1913 في منطقة ضيقة جدا.
وليس هنالك ابلغ وأوضح من الخارطة التالية التي رسمتها الدولة العثمانية عام 1916 وتبين الحدود الإدارية لولاية البصرة العظمى, وكيف كانت تبسط نفوذها على الرقعة الجغرافية الممتدة من مدينة واسط جنوب بغداد إلى رأس مسندم في مضيق هرمز. ومن بادية نجد الى مدينة الأحواز, بينما بسطت نفوذها البحري على الخليج كله, ويمكن مشاهدة الاسم الرسمي للخليج آنذاك, عندما كان يحمل اسم خليج البصرة, وقد كتب باللغة التركية (بصرة خور فزي) وتعني خليج البصرة الكبير. والخارطة تبين أيضا كيف كانت الكويت والبحرين والقطر والإمارات وسلطنة عمان والساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية تابعة لولاية البصرة العظمى.
والخارطة الأخيرة لا تحتاج إلى الشرح والتوضيح والتفسير والتبرير, لأنها تمثل المرحلة النهائية البائسة, التي وصلت إليها الحدود الكويتية البحرية الزاحفة باتجاه العراق, والتي أصبحت لا تبعد عن الحدود الإيرانية الزاحفة هي الأخرى باتجاه العراق سوى بضعة أميال, ولم يبق للعراق سوى ممر ضيق محصور في منطقة ضحلة, شبه مقفلة, غير صالحة للملاحة, خصوصا بعد أن أصبح خط الثالوك برمته من ضمن المياه الكويتية, وهكذا انكمشت السواحل العراقية, وتراجعت من رأس مسندم في عمان إلى رأس البيشة في الفاو, فتقزمت تقزما مفزعا لا يسر عدو ولا صديق.