ليس غريبا علينا أن تفرض دول الجوار نفسها كطرف أساسي في ما يدور في العراق منذ سقوط النظام وصولا إلى الاتفاق الأمني الذي سيئول إلى انسحاب القوات الاميركية نهائيا عام 2011 والغريب في الأمر إن إيران تعلم جيدا قبل غيرها إن ما جرى عام 2003 كان املآ للملايين العراقية وتحقق على أيدي القوات الاميركية وحلفاءها . وبقيت هذه القوات تعمل على الأراضي العراقية حتى تحقق قدر كبيرا من الأمن والاستقرار على أيدي القوات العراقية . المتتبع للإحداث والعراقيون خصوصا يعلمون الفارق الكبير والدور الذي تؤديه القوات العراقية على أراضيها . والاتفاق الأمني واضح وصريح حينما يقرر الاميركان الخروج من العراق علنا في البنود التي سيقرها البرلمان وتوقعها الحكومة العراقية وسيكون الخروج مشروطا بطلب من الحكومة العراقية . المهم جدا إن هذه الاتفاقية سوف تقرر ماللقوات الاميركية من عمل داخل الأراضي العراقية من عام 2009 إلى عام 2011 .
لماذا تضع إيران وحلفائها من الداخل والخارج العراقيل أمام التوقيع إذا ؟.
وزيرة الخارجية الاميركية كوندليزا رايس صرحت ( إن العراق لا يحتاج إلى رأي إيران في الموافقة على بناء مستقبله ) . وبما إن هذا الأمر مفروغ منه منطقيا . لكننا وجدنا إن من يحاول فرض سيطرته والتحكم في المنطقة يخشى أن يكون للعراق دورا مستقبليا كما كان دائما للعب دور اقتصاديا كبيرا ولابقاءه على ماهو عليه لأجل أن تبقى مصالح الارتباط والتبعية للغير هدفا أساسيا تسعى إليه الدول المحيطة به لما يعرفونه من إمكانيات العراق الاقتصادية والبشرية الهائلة . ومع وجود انتقادات إلى رئيس الوزراء العراقي في توجهه الأخير بعرض نص الاتفاقية الأمنية على دول الجوار ومع إننا لم ندخل تفاصيل النوايا من هذا العرض لكنه يجعل العراق في تقدير المنتقدين في وضع لا يحسد عليه من باب تحقيق السيادة واتخاذ القرارات التي تخص بلاده . ومع هذا وذاك فالتبصر بحديث المالكي يجعلنا أكثر تفاءلا باستقلالية القرار العراقي . حين قال :
( إن البرلمان العراقي ينتظر مشروع الاتفاق الأمني بين واشنطن وبغداد . وان حكومتنا تعلن بوضوح إن ما نهدف إليه هو المحافظة على سيادة العراق ومصالح شعبه . وسوف يقبل البرلمانيون أو يرفضون بقرار مستقل . لان القرارات بشأن امن العراق سوف تتخذ من قبة البرلمان وليس بواسطة إيران ) .
وبهدوء وروية يشن القادة الإيرانيون المعارضون لسيادة العراق حملة خفية للتأثير سلبا على اتفاق امني يبرم في العراق وتصويره بالطريقة التي تفهم الآخرين على انه اتفاق يمس سيادة العراق ورغم إن هذه الحملة تجد رواجا لبعض من الساسة لتناسبها مع أهداف وطموحات معروفة لدى الجميع . ذلك ما نلمسه من قول رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني في خطابه أمام وفد من كبار ممثلي وسائل الاعلام العراقية حيث أكد على إن ( الترتيبان الرامية إلى تمكين قوات الأمن العراقية من إقرار السلام داخل حدوده من شانها تقويض سيادة العراق وقال أيضا إن هذا الاتفاق (( اضطهاد لدول المنطقة )) ويسبب انعدام الأمان وعدم الاستقرار؟؟؟ مشيرا بذلك إلى الأحكام التي تتفاوض الحكومة العراقية بشأنها مع قوات التحالف فيما يتعلق بوجود القوات الاميركية في العراق بعد انتهاء صلاحية الولاية الممنوحة من الأمم المتحدة في نهاية هذا العام .
هنا يتبادر إلى الأذهان سؤال لابد من طرحه لنتداول ماهية خلفيات الاتفاق الأمني المزمع توقيعه . وماهي التداعيات التي سيخلفها على دول الجوار على حد قول ( لاريجاني ) ؟ وما الضرر المحدق بدول الجوار في حالة إتمام توقيعه على صيغته الحالية أو بعد تعديل بعض بنوده ؟
يعلم الجميع إن دول الخليج العربي برمتها لديها اتفاقيات أمنية استراتيجية عسكرية موقعة مع الولايات المتحدة الاميركية . فقطر والبحرين تمثلان مقر القيادة العسكرية الاميركية والسعودية والكويت تمتلك فيهما الولايات المتحدة الاميركية قواعد ثابتة في الخبر والأراضي الكويتية . نتسائل ؟ لماذا لم يتخوف الشرق الأوسط وإيران لمثل هذه القواعد الثابتة والاتفاقيات مع دول الخليج . لماذا لم يقوض هذا التعاون الخليجي استقرار دول المنطقة من الخليج إلى تركيا التي توجد فيها قاعدة ( انجر لك ) . لماذا لم تهاجم القوات الاميركية إيران . هل يعتقد السياسيون والعسكريون أن أميركا تريد طريقا اقصر إلى إيران ؟
لابد لنا من إجابة سريعة تردع المشككين من إن إيران ليس لها مصالح في تلك الدول وليس لها طموح إلا في العراق . لذا فأنها فلم تنبس ببنت شفة عندما تم عقد تلك الاتفاقيات الكبيرة والضخمة والدائمية مع دول الخليج وتركيا . وثارت ثائرتها عندما أريد للعراق أن يكون مستقلا ذا سيادة قادر على كبح جماح نزوات إيران التي تعتقد إن العراق ضيعة من ضياعها