+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أقدم موانئ كوكب عطارد

  1. #1
    الحمامي kfinjan is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    الدولة
    البصرة الزاهرة دوما باهلها
    المشاركات
    274

    افتراضي أقدم موانئ كوكب عطارد

    ميناء ميسان


    أقدم موانئ كوكب عطارد


    كاظم فنجان الحمامي

    لا أريد أن أخالف الكاتب الجميل (نعيم عبد مهلهل), حينما رسم إحداثيات موقع مدينة ميسان وقال: إنها تقع في الطرف القصي من جنوب شرق كوكب عطارد, فقد استهوتني الفكرة, وسحرني موقع الكوكب الذهبي المتوهج بلهيب أشعة شمس الحرية والانعتاق, وبحثت بين ينابيعه المتدفقة بجداول النور عن موانئ ميسان وأرصفتها الممتدة على ضفاف عاصمتها (خاراكس), ورجالها الذين ركبوا البحار, وسبروا أغوارها, وغاصوا في أعماقها السحيقة.
    فوجدت إنهم أول من نصب الفنارات الملاحية على متن جزيرة (خارك), وإنهم اشتقوا اسم هذه الجزيرة من اسم عاصمتهم المينائية (خاراكس Charax), وجعلوها منطلقا لسفنهم ورحلاتهم البحرية البعيدة نحو المجهول. وتواصلت علاقات مملكة ميسان البحرية والتجارية مع الأقاليم المجاورة عبر المسالك الملاحية المفتوحة على البحار الواسعة، فتكاثرت المرافئ والمراسي الطبيعية التي ذكرتها العديد من المصادر التاريخية. وظهر ميناء الأُبلّة (أبولوجوس) في البصرة, وميناء (إيكاروس) في جزيرة فيلكا, وميناء (طريدون) في الجزء الأدنى من الفرات, وكان ميناء (خاراكس) أكثرها شهرة وأوسعها نشاطا, وهو الميناء الذي أشارت إليه حوليات العهد المبكر من حكم أسرة (هان) الصينية, في معرض حديثها عن العلاقات التجارية مع دويلات الشرق الأوسط في المدة التي ترجع إلى بعد 140 ق.م , وهي إشارة واضحة تثبت بما لا يقبل الشك بان أبناء ميسان كانوا أول من وصل إلى تخوم الصين وجنوب شرق آسيا.
    تتفق المراجع التاريخية على إنميساندويلة عربيةنشأت في رحم بطائح العراق في القرن الثاني قبل الميلاد, وتوسعت حتى جنوب بابل في وسطالعراق, وبلاد (عيلام) في جزئها الجنوبي, واستفادت من موارد الاهوار الطبيعية في بناء سفنها الحربية والتجارية المزينة بالنقوش والزخارف الميسانية, وتوسعت في نفوذها مستغلة مسطحاتها المائية, لتعزيز دفاعاتها الطبيعية في التصدي لهجمات الفرثيين والساسانيين. ثم تدرجت في سلمالقوة وأصبحت دولة كبيرة حكمها ثلاثة وعشرون ملكاً, ويعد هيسباوسين (Hyspaosines) أول أمير ميساني أعتلى عرش المملكة.
    فقد كانت (خاراكس) عاصمة ميسان السياسية والتجارية, وفيها ميناء كبير على رأس الخليج العربي, وقد زارها الإمبراطور الروماني (تراجان) عام 116م, ورأى السفن التجارية تغادرها نحو السند والهند, واستطاعت مملكة ميسان أنتؤسس لها كيانا مستقلاً ذا علاقات وطيدة مع اليونانيين فكانت تربطهم المصالحالتجارية المشتركة, فهيمنت على الملاحة الداخلية في انهار دلتا جنوب العراق, وسيطرت على الملاحة البحرية في حوض الخليج العربي ومقترباته، وتوطدت علاقاتها البحرية التجارية مع (دلمون) البحرين حالياً, و(مجان) عُمان حالياً, ووادي السند, فكانت سيدة البحار في المحيط الهندي من دون منازع, واستطاعت إن تؤمن لها موردا اقتصاديا من خلال التوسع في تجارتها البحرية والنهرية, حتى صارت موانئ (خاراكس) جسراً مائياً وبريا رئيسياً للتبادل التجاري بين بلاد الإفرنج والشرق الأقصى والهند وأفريقيا. وكان تجار تدمر يبحرون منها لمتابعة طريقهم البحري حتى الهند، ونستدل من النصوص التدمرية على اسمين لتاجرين تدمريين كانت لهما مكاتب بحرية في (خاراكس), وهما: (حنين ابن حدودان وبعلي), وكانت لميسان قوة عسكرية كاسحة ساعدتها على إخضاع بابل, والسيطرة على مناطق كثيرة في العراق.غير إنّ الوقائع التاريخية لا تكشف لنا الكثير بشأن التاريخ القديم لموانئ مملكة ميسان.
    توالى على حكمها ثلاثة وعشرون ملكا عربيا, وهم من عرب الجزيرة العربية, وعندماوصلها الإسكندر الكبير وجدها تابعة إلى حكم أمير عربي, وهذا نص ما ذكره انيسوورث: ((إن كورة (*) ميسانكانت تعود لأمير عربيزمن الإسكندر المقدوني في القرن الرابع ق. م((, وهذا ما أكدت عليه النقود والنقوش والكتابات الميسانية, التي دونتها القوافل التدمرية, والتي أمدتنا بأسماء حكامها وتاريخ حكمهم, وألقابهم, واستقلالهم السياسي, وعلاقاتهم مع الدول المجاورة. وورد في احدث نصين باللغتين الآرامية والإغريقية اسم) مملكةميسان),التي لعبت دورا بارزافي الأحداث السياسية والاقتصادية في العراق خلال الفترة من منتصف القرن الثاني عشرق.م إلى القرن الثالث للميلاد, وعثر على النصين منقوشين على فخذي تمثال هرقلالبرونزي., الذي عثر علية صدفة عام 1984.
    وتحدثت عنها المصادر التاريخيةبمختلف الألفاظ واللهجات, فهي ميسان (Maisan)في السريانية, وميسان (Mesan) في العبرية, وميسون (Meson) في الفارسية, وميسن (Mesun), وميسان (Meesan) بالاغريقية, وميشن (Maishen) بالآرامية,أي بمعنى المدينة المسورة العائمة على وجه الماء, وذلك بسبب السدود العظيمة التي بنيتحولها, اما في البابلية فكلمة ميسان تعني (ماء القمر), ويقصد بذلك المياه التي تتأثر بتغير أوضاع القمر وارتباطها بظاهرة المد والجزر, وكانت ميسان (كورة) واسعه كثيرة القرى والنخل بينالبصرة وواسط, وفيها قبر النبي (العزير), والنبي (دانيال), وتتبعها ادارياً (المذار), وقلعة الكرخة (كرخينا (Characene و(خيابر Hayabir), والبطائح, وكانت الأمثال تضرب بنشاطاتها البحرية والتجارية في العصور القديمة, باعتبارها أكبر المرافئ المتخصصة بتوريد البضائع الهنديةوالصينية إلى دول الهلال الخصيب, ومنها إلى أوربا, ثم أصبحت مركزاً لسك العملة, حيث عثر فيها على عملة سُكت سنة 79 هـ. ختاما نقول أما آن الأوان أن تأخذ دائرة الآثار دورها الميداني في إماطة اللثام عن أسرار هذهالمملكة العربية القديمة, التي لا نعلم عن تاريخها إلا النزر اليسير, والتي ما زالت بانتظار من يعيد إليها مجدها الضائع, ويعيد إليها بريقها الآفل بسبب الجهل والإهمال, وعلى الرغم من إن معظم الدراسات التاريخية تعدها من مفاخر التراث البشري, والمفاخر التي تزخر بها حضارات وادي الرافدين, لكنها ما زالت تخبئ بين طيات تربتها أكثر من 375 موقعا اثريا, ومئات الكنوز المطمورة تحت طبقات الأطيان التي حملتها تراكمات الترسبات الغرينية المنجرفة مع التيارات النهرية, وهي تنتظر من يخرجها إلى النور, ويعيد اليها صورتها الحضارية المفقودة, وتنتظر من يحفظها من التلف والزوال بفعل الظروف الطبيعية والبشرية. أو يشملها برعايته, ويوفر لها الحماية من عبث العابثين, وهجمات اللصوص وسراق الآثار, ومن المؤسف حقا أن نرى هذه المواقع الأثرية, التي لا تقدر بثمن بلا حماية وبلا عناية, ولميكن أغلبها مسيّجا, والقليل منها فقط كان محاطا بأسلاك شائكة ليس من العسير على سارقي الآثار اختراقها. وهؤلاء ليسوا هم الخطر الوحيد على المواقع الأثرية، بل هناك أعمال تعبيد الطرق، ومصانع الطابوق, وأعمال التنقيب عن النفط ومد الأنابيب، ومشاريع الشبكات الكهربائية وغيرها.وكم كنت صائبا يا صديقي عندما كتبت, (إن هذه المدينة أعطت من جسدها ما لم تعطه امرأة من رحمها). فمتى يبادر أصحاب الشأن إلى انتشال ثرواتنا وكنوزنا التاريخية من الضياع قبل فوات الأوان ؟؟.


    (*) الكورة هي المدينة, فمفردة (كار(Kar باللغة السومرية, أو(Karu) باللغة الاكدية تعني مركز النشاط التجارى المرتبط بالنشاطات الخارجية. وهكذافان (الكارو) أو (الكورة) لا تطابق موانئ القرون الوسطى المبكرة من حيث الوظيفة فحسب، بل من حيث التسمية أيضا. ووردت الكلمة بصيغة (كريات) في العبرية, وكانت الـ (الكارو أو الكورة) في ما مضى من الزمان مقر إقامة التجار الغرباء.

  2. #2
    رجل فوق القانون جــبروت رجــل is on a distinguished road الصورة الرمزية جــبروت رجــل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    3,269

    افتراضي رد: أقدم موانئ كوكب عطارد

    يسلمووووو اخي موضوع رائع ومميز
    يستحق الوقوف عندة
    تحياتي وتقبل مروري

  3. #3
    فراتي مهم جدا امير الاحزان: is on a distinguished road الصورة الرمزية امير الاحزان:
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الرمادي
    المشاركات
    7,473

    افتراضي رد: أقدم موانئ كوكب عطارد

    احسنت اخي لهذا الانتقاء والبوح المفيد

    موضع استحق الوقوف عند مفرداته

    لك خالص مودتي

+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك