لقد ظلت مسالة الاختيار و الجبر من المسائل العويصة في الجانب العقائدي من الشريعة الاسلامية والتي شغلت حيزا كبيرا من الدراسة والتجاذب بين المفكرين وعلماء الكلام في الفكر الإسلامي .ورغم كل ذلك فان الغموض وعدم وضوح الرؤية لا زال يكتنف مصنفات هؤلاء المفكرين و مؤلفاتهم . فمنهم من قال إن الانسان مجبر على فعله وتركه كعلماء الاشعرية ومنهم من قال إن الانسان حر مختار في كل ما يفعل كالمعتزلة اما ائمة الشيعة فقد صرحوا بان الانسان في( امر بين الامرين) كما صرح بذلك صادق اهل البيت في قوله (لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين الامرين).
وهنا لا نريد إن نعيد ما سطره علماء الكلام من الفريقين واعادوه كلما حانت لهم الفرصة ولكن نريد إن نلفت انظار الامة الا قضايا ليس من المعتاد الاشارة اليها في هذا الجانب بل صار الخوض فيها من اكبر الكبائر ,زمن هذه القضايا:
1- القانون الالهي والقوانين الاخرى
اذ كلنا نعرف إن المطلق لا يصدر الا مطلقا فهو الحق المطلق ولذا فالقانون الصادر منه هو الحق و كل ما دونه باطل (إن الحكم الا لله ) وعليه فكل القوانين والدساتير والمبادء التي وضعها الانسان هي الباطل بعينه مهما كان هذا الانسان الا إن يكون منصبا ومعينا من قبل الحق تعالى (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا إن يكون لهم الخيرة من امرهم ) و( اني جاعل في الارض خليفة) فهذا الذي يجلس او يتبوء مقاما ليس له انما يقول بمقالة ابليس (انا خير منه ) وعليه فلا يلتفت الى قول القائل مهما كانت صفته لانه ليس ممن نصبهم الله وهو يحكم بالظن (والظن لا يغني من الحق شيئا ), وكيف نبحث عن قوانين تحكمنا يصوغها الانسان وعندنا قانون الله ورسوله (صلى الله عليه واله).
2- خلافة الارض وموقف ابليس
فحيث إن ابليس خرج من ساحة الرضا والرحمة الالهية لرفضه السجود لخليفة الله في ارضه وهو ادم ( عليه السلام ) فلا يمكن إن يرضى الله عن من يسجد لغير من اختاره الله خليفة له مهما كان هذا الغير وباي لقب تلقب فالحرية إن تختار ما اختاره الله و العبودية إن تعرض عن خليفة الله و تتشبث بغيره من الاوثان فتكون كالذين ( اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله ) و اعلم إن هؤلاء ما دعوهم لعبادتهم و لو دعوهم لعبادتهم ما اطاعوهم ولكنهم حللوا حرام الله وحرموا حلاله فاطاعوهم , وسنة الله في الارض ان ما جرى على الامم السالفة يجري على هذه الامة كما في قوله (صلى الله عليه واله) : ( لتسلكن سنن من قبلكم حذو النعل بالنعل و حذو القذة بالقذه) فعلينا إن نحذر و لا نقع فيما وقع فيه اغلب المسلمين ( الم ياتكم نبا الذين كفروا من قبل ... ذلك بانهم كانت تاتيهم رسلهم بالبينات فقالوا ابشر يهدوننا فكفروا وتولوا..)
3- اهلية الانسان لان يختار الافضل
ومما لا شك فيه إن النوع الانساني غير قادر على ادراك مصالحه لو خلي ونفسه بل إن الشعوب دائما تختار ما يضرها و تعرض عما يصلحها ولطالما اختار الناس فرعونهم وطاغوتهم ويزيدهم و انصرفوا عن ادمهم و محمدهم وعليهم ولسوف ينصرفون عن مهديهم كيف لا و ( اكثرهم للحق كارهون ) واذا كان الامر كذلك فماذا تنتظر الشعوب من الانتخابات التي اعتقدت انها تجعلها تعيش الحرية و تتذوق الرفاهية وتنجوا من الديكتاتورية والفرعونية فطالما اكتشفت الجماهير بعد حين خطا اختيارها بل إن التجربة التاريخية اثبتت إن الناس دائما لا تصيب الحق في الاختيار مهما كان هؤلاء الناس فهذا موسى (عليه السلام) قد اختار من قومه صفوتهم كما يظن للقاء ربهم فقالوا له (ارنا الله جهرة) ولم يستطع إن يدرك حكمة افعال الخضر فاعترض عليه فكان إن حرم من مصاحبته.
و ختاما نذكر بقوله تعالى :( يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم) .
وقول رسول الله (صلى الله عليه واله ) : ( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ) وقوله ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) وورد في الدعاء (اللهم عرفني نفسك فانك إن لم تعرفني نفسك ......اللهم عرفني حجتك فانك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن(صلواتك عليه وعلى ابائه) في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا.
اللهم مكن له دينه الذي ارتضيته له وابدله من بعد خوفه امنا يعبدك لا يشرك بك شيئا ,اللهم اعزه واعزز به وانصره وانتصر به وانصره نصرا عزيزا و افتح له فتحاً يسيرا واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا وصلي اللهم على محمد واله الطاهرين .
نقلا عن منتديات مهدي ال محمد