أخاف أن ينبذني المجتمع إذا حدث طلقت من زوجي، فالمجتمع لن يرحمني لاني نزيلة دار رعاية، وليس لدي أهل» هكذا بادرتنا الشابة مهرة المقيمة بدار الرعاية الاجتماعية بجدة. فتيات لم يخترن واقعهن، ورمت بهن الأقدار وحيدات يجابهن قسوة الحياة ونظرة المجتمع الذي يضع الكثير من التساؤلات عند تعاطيه مع قضاياهن.
تواصل مهرة بقولها «نحن نقيم في دار الرعاية الاجتماعية، ولكننا نحتاج إلى بيت ومأوى يختلف عن سكن الدار، نحلم بالزواج لأنه السكن الهادئ والأمان لكل فتاة، فوجئت بأني إنسانة ضعيفة جدا، وعلي أن أتحمل كل ما يصدر من زوجي خوفا من أن أكون منبوذة من المجتمع وخاصة إذا حدث انفصالي عن زوجي، وزارة الشؤون الاجتماعية مشكورة تصرف لنا مبلغ 500 ريال شهريا، لكن هذا المبلغ لا يكفينا ويجعلنا في حاجة دائمة إلى الزوج ليصرف علينا، ولا يترك مجالا للاستقلال المادي.
رسمية سعيد كانت نزيلة الدار وتزوجت لكنها لم تهنأ كما تقول، وسردت حكايتها بقولها «كنت مقيمة في إحدى دور الرعاية الاجتماعية، حين تقدم للزواج مني شاب بواسطة الدار، تزوجت وأنجبت طفلين وبعد فترة قصيرة لم أوفق في زواجي فانفصلت، ولكني رفضت الإقامة في دار الرعاية خوفا على أطفالي من تربيتهم هناك، فأنا أريد تربيتهم بشكل أفضل من ظروفي الأولى، كما أن تعليمات الدار تحجب المتزوجات عن الفتيات الشابات، لهذا قمت بالسكن في احد الأحياء لتربية أطفالي تربية طبيعية».
محمود باقيس مدير جمعية رعاية البر بجدة، أوضح دور الجمعية في هذا الصدد بقوله «تقوم الجمعية بدور الأهل للبنات القصر، وتضع شروط زواج الشباب من اليتيمات القصر اللاتي ترعاهن وزارة الشؤون الاجتماعية، ويطلب من راغب الزواج شهادة تعريف بالراتب وشهادة صحية، تفيد أن الشاب خال من الأمراض بالإضافة إلى معلومات أخرى كحسن سير وسلوك الشاب، وتهتم الجمعية بموافقة الفتاة وتقبلها للشاب، وأكثر من ذلك تقدم الوزارة منحة مالية تقدر بنحو 30 ألف ريال للفتاة عند الاقتران بزوج سعودي، أما المهر فهو ميسر جدا في حالة وجود نية صادقة لدى الشاب المتقدم، ويتولى القسم النسائي في الوزارة ترشيح الزوجة المناسبة للزوج الكفء، كما يعمل القسم النسائي على متابعة الفتاة أثناء حياتها الزوجية وذلك بصرف إعانة تقدر بـ 500 ريال شهريا، ويشير محمود باقيس الى أنه في حالة حدوث انفصال الفتاة عن زوجها تقوم الجمعية بدور التصالح بين الطرفين حتى ترجع الزوجة إلى زوجها وذلك عن طريق الأخصائية الاجتماعية التي تعمل على إذابة الخلافات الأسرية، وفي حالة عدم موافقة الطرفين علي الصلح، تلجأ الفتاة إلي السكن المنفرد، إذا كانت لديها قدرة مادية أو توفر سكن خاص بها من قبل الزوج، أما في حالة عدم توفر سكن فتوفر الجمعية سكنا خاصا للمطلقة لأن من تعليمات الجمعية وضع السيدة المطلقة في الجمعية كوضع مؤقت، كما يمنع احتكاك الفتاة غير المتزوجة بالسيدات المتزوجات.
من وزارة الرعاية الاجتماعية تقول ليلى جميل مديرة متابعة الفتيات اليتيمات بمكتب الوزارة عن هذه القضية في حالة طلاق الفتاة التي كانت تتبع الدار، تلجأ المطلقة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لتبحث حالتها، وتقدم الوزارة بعض التسهيلات التي تساعد الفتاة على مواصلة حياتها العملية، وقد قامت الوزارة بالفعل بتوظيف بعض الفتيات في دور الرعاية التابعات لها، كما أن هناك خطة مستقبلية لتوفير سكن خاص بالمطلقات والأرامل ليعشن بكرامة. وعن فصل المتزوجات عن الفتيات قالت ليلى «السيدة المتزوجة لها خصوصية في طريقة حياتها، وخاصة أن سبق لها الحياة بمفردها، لهذا ترعى الوزارة صعوبة تعايش الفتاة غير المتزوجة مع اللاتي لم يسبق لهن الزواج».