منذ أربعين سنة وأنا أغوص في بحرك..ألتقط الكنوز واللآلئ..كلما وجدت لؤلؤة..أبهرني حسنها..أطمع بها...أجمعها لأملأ بها سلتي...وإذا امتلأت أخرجتها..لأملأ بها خزانتي..وأعود لأملأ من جديد..المزيد و المزيد...
هوى النفس وطمعها...فيك وفي لآلئك...ألتقطها بجشع النفس وجوعها...
لأملأ نقصها وفقرها..بغناك..ومما أودع الله فيك..
أتعبني البحث والجمع ...ياللذة هذا التعب...أخرج من مائك لألتقط أنفاسي
وأريح النفس بعد عجزها عن الغوص...ذلك يفقر النفس وينقصها..
يجذبني موج الكمال إليك..فأغوص ثانية لأجد نفسي فيك..أغوص في بحرك الزاخر بالعلم والحكمة والإيمان..أغوص فيك لأعرفك..يقينا قد عرفتك....
بل أظن أني عرفتك...أبحث في نفسي عن مدى معرفتي بك...
فأجدني بعد كل هذا ...أني لم أغص فيك بعد..وإنما قدماي تقف على رمال شاطئك
المتندي برذاذ موجك الزاخر...
فكيف بي أذا سبرت غور أعماقك......
من أنت ياعلي؟
أنت سيف ساجد لله على هام الكافرين في جهادك الأصغر..
أنت الوجه الضاحك عند قرقعة السيوف
أنت الحصن المنيع إذ سيل الكتائب على النبي انحدرت.
أنت الوتد الثابت إذ الأعواد تناثرت.
وأنت ذو فقارها إذ السيوف من الأيادي تساقطت.
أنت الضرغام الزائر إذ الكلاب عوت.
أنت العضيد إذ العشيرة رفضت.
أنت قطب الرحى إذ الدوائر دارت.
أنت الهداية إذ الغواية حامت.
أنت الأمان إذ القلوب للحناجر بلغت.
أنت النفس المطمئنة إذ النفوس بالله ضنت.
أنت نجم الهداية في بحر الظلمات.
أنت أمان الله في يوم الطوفان.
أنت سحاب الله إذ الرحمة أو العذاب.
وأنت عذاب الله إذ طلبوا العقاب.
أنت ظل الله الذي لاظل غيره في يوم الحساب.
أنت ريح الله أما السموم وأما النسيم.
وأنت الفارق بين الجنة والحميم.
وأنت الباب لمدينة علم الرسول ...وأني لم أبلغ منه حتى الحلقة.....
أنت في صلاتي...
نويت الصلاة تقربا الله...والنفس تجاذبني الهوى للدنيا فأنا بين متقربا ومتباعد.
أتذكر نيتك في التقرب إلى الله مخلصا له دينك في كل أعمالك..
تبيع النفس لتشتري مرضاة الله...
أتوجه إلى القبلة...فأراك وليدا قد تشرفت قبلتي بك...
أكبر للإحرام...فأسمع صوتك تكبر الله وأنت تطهر القبلة من رجز الأوثان...
ترتقي الروح بمعراج الصلاة ....فأراك ترتقي السماء وأنت ترتقي على كتف سيد الكون والأنام..
أقرأ ما أوجب الله علي قراءته في الصلاة فأنطق ببسم الله الرحمن الرحيم.
وما بدأت النطق ألا بك ...لأنك النقطة من الباء..
أركع لله...فأراك راكعا ومزكيا ..قد جمعت الأمرين معا في الله..
أسجد لله....وقد تبتل الأجفان من دمع العين..
وأراك ساجدا لله ...مخضب الوجه واللحى من دم الشهادة ..
أذا قنت تلقلق لساني بكلمات قد قرأتها وحفظتها...
وأسمعك تقنت ..فأسمع قنوت الطير والجبال..تقنت بقنوتك.
أتشهد لأدخل في حصن الله الأمن...
وتتشهد...لتشهد لله مع الملائكة بالقيام بالقسط والوحدانية...
أسلم.. مؤذننا للخروج من محطة روحية..ولأبدأ الخوض مع الخائضين في هذه الدنيا..
وتسلم...لتستلم مقود سفينتك المنجية التي جعلك الله ورسوله ربانا وأميرا لها.
ركبناها مطمأنين ..
من قبل الله أنت الأمير .رضينا بأمر الله...ولم يرضوه...
جاءوا لهم بأمير...ولن نرضاه..
عجبا لهم .كأنهم يأمرون عليهم ببغاء تقلد صوت معلمها..وهي لا تفقه شيئا مما تقول...
نعم أعجبهم زخرف ألوانها وزينة ريشها....زخرف الدنيا وزينتها..
أراد الله أمرا فيك..فكرهوك.. وأرادوه لهم وفيهم..
فأجمعوا أمرهم ..واستفزهم معبودهم ..فناهزوك وتقمصوها...لمتاع الدنيا..
رأوا في أمر الله ظاهره المبهج للنفس ..ورأيت في أمر الله باطنه المبهج للروح.
فطويت عن ما أخذوه منك كشحا..وأسدلت دونه ثوبا..لتبقى في سموك وشاهق ارتفاعك لن يصلوا لقمتك بل حتى لسفحك .مهما طارت حباريهم وزرازيرهم.
ولو شأت أن تحدر عليهم السيل العرم لفعلت .ولكن شأنك العظيم عند الله ومنزلتك الرفيعة عنده تجلك عن الإسفاف إليهم ..إلا لتحيي ما أرادوا أن يميتوه من حكم أو سنه ..ولتميت ما زرعوه من بدع مضله .. ترى أفعالهم وهي القذى في العين والشجى في الحلق.. فشقشقتها لنا مجليه لكل ذي لب وبصيرة ....
يا علي قد نفد مداد الفكر فيك ...
وتكسرت أقلام الأنامل فيك ...
ولم نكتب بعد في صفحات أعمالنا عنك ... ألا حروف اسمك فقط
"منقول"