ذاكرة عقلي ام ذاكرة قلبي
أحيانا تمر بنا صور فتنطبع في مخيلتنا عبر العين، و تمضي الأيام و حينما نرى ملامح تلك الصور نبدأ بالبحث عن المكان الذي خزناها فيه و اليوم الذي طبعتها أعيننا، فنحاول تذكر الأماكن التي مرت بها هاته الملامح، و منها ما قد يبدو مألوفا و لكن لا نتذكره و نمضي دون أن نلتفت إليه كما لو كان حلما و ضاع أو مجرد صورة عابرة
و لكن هناك بعض الصور و الأحداث لا تطبعها العين بل يكون القلب مستقرها و لا تنطبع عليه و إنما تحفر عليه ملامحها، فما طبع على الورق يمكن أن تمحوه أو تبدد مداده قطرات الندى و ما حفر على الصخر تبقى ملامحه مهما جارت عليه قوى الطبيعة
و هكذا هو القلب أيضا، إن كانت الصورة مطبوعة عليه فقط، قد تمحوها قطرات دمع تنزل من العيون فتكون الفاصل بين الحاضر والماضي فتتلاشى الملامح إلى أن تنتهي و لكن المحفور على القلب يبقى عالقا بالذاكرة بل أحيانا يكون هو تلك الذاكرة.
الذاكرة التي نعود إليها لكي نبتسم من جديد وسط الأحداث المحزنة، الذاكرة التي تضمنا إليها لكي نكمل المسير، كلما ضاقت الدنيا نعود إلى ذلك المكان من القلب حيث حفرت تلك الملامح التي أصبحت ذاكرته الآن، نعود لنتذكر انه يوما ما كان الطيف أقوى من الخيال فتبدل واقعا نحياه و نعيشه، لنتذكر كلمات تنطقها الملامح دون أن تتكلم و نفهمها قبل أن تترجم إلى أصوات.
ذاكرة القلب لا تموت أبدا ما دامت تلك الملامح محفورة عليها و ليست مطبوعة