اليك عنّي يادنيا ، فحبلك على غاربك ، لقد انسللت من مخالبك ، وأفلتّ من حبائلك ، وأحببت الذهاب من مداحضك .
أين القرون الذين غررتهم بمداعبتك ؟ أين الامم الذين فتنتهم بزخارفك ؟.
ها هم رهائن القبور ، ومضامين اللحود . والله لو كنتي شخصا" مرئيا" ، وقالبا" حسيّا" لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالاماني ، وأمم ألقيتهم في المهاوي ، وملوك أسلمتهم الى التلف ، وأوردتهم موارد البلاء ، اغربي عنّي ، فوالله لا أذلّ لك فتذلّيني ، ولاأسلس لك فتقوديني ،
وأيم الله يمينا" لاأستثني فيها لأروّضنّ نفسي رياضة تهشّ معها الى القرص اذا قدرت عليه مطعوما" ، وتقنع بالملح مأدوما" ، ولأدعنّ مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها ، أتمتلىء السائمة من رعيها فتبرك ، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض ، ويأكل علي ّ من زاده فيهجع ، قرّت اذا" عينه اذا اقتدى بعد السنين المتطاوله بالبهيمة الهاملة ، والسائمة المرعيّة ،
طوبى لنفس أدّت الى ربّها فرضه وعركت بجنبها بؤسها ، وهجرت في الليل غمضها ، حتى اذا الكرى غلبها افترشت أرضها وتوسّدت كفّها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم ، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم ، وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم وتقشّعت لطول استغفارهم ذنوبهم .