دخل الرهط مختالا تتخلل حديث أفراده قهقهات ونظرات مريبة ، اختلط الحابل بالنابل ،،،
ذكور وإناث غشوا بيتا ينطق بالحسن والبهاء بكامل الترتيب والتنظيم كالمتحف المعد للزوار من أعلى طراز.
مزهرية تتوسط الصالة الملكية تزهو بورودها وأزهارها الجميلة كالفسيفساء ، وحدها أحست بالتضايق والتذمر واعتبرت حلول الوفد عليها نذير شؤم وسوء طالع...
نطقت الياسمينة مخاطبة أخواتها قائلة : "الطلعة الخبيثة لأول داخل علينا تنبئ بشر ليلة يمكن أن نقضيها وسط هؤلاء الفسقة". قاطعتها الريحانة مستدركة: "على رسلك يا أختاه ! ألا يمكن أن يكون ذلك منك سوء ظن وتسرعا في الحكم؟ "
ساد في المكان هدوء حذر لم يقطعه إلا سكب الخمور المعتقة عبر الكؤوس الفضية... وانبعاث أدخنة السجائر من مختلف الأشكال والأنواع ،حتى لتخال نفسك وسط معمل للمطاط أو الآجور...
ثم التقمت الأفواه أنابيب الشيشة وتنافس القوم في بناء أعمدة الدخان بغرض قدح شرارة الهوى...
بعد ذلك انطلق الدف والمزمار وتكلمت باقي أنواع الإيقاعات والأوتار، فحمي وطيس السهرة وشرعت في الرقص والتمايل ولعبت الخمور بالرؤوس فاختلى كل قيس بليلاه...وساد العهر وانقلب البيت المتحف إلى ماخور...
لهول الموقف وصدق التوقع ، لم تنبس الياسمينة ببنت شفة حتى ابتدرتها صواحباتها: " لقد كان حدسك صادقا أختنا وأنطقك الله بالحكمة وأطلعك على هوية الوفد المنحوس..."
الريحانة التي استنكرت تسرع الياسمينة عادت لتصب جام غضبها على الفساق قائلة:" قبحكم الله أبهذا يشكر رب العباد ؟ ما أحلمك ربنا الكريم ! رزقك للناس نازل ومعاصيهم إليك صاعدة !!
متعتهم بصنوف النعم والخيرات وقابلوا ذلك بالنكران والموبقات !!
عوض أن يصرفوا قوتهم -هبتك لهم - في عبادتك والإنابة إليك ،
استنفذوها في العصيان والغفلات..."
وفي الأخير رفع طاقم المزهرية أكف الضراعة للمولى عز و جل ليلطف بعباده فيما جرت به المقادير وأن يردهم إلى دينه ردا جميلا ،
وأن يرزقهم الإرادة الصلبة لقهر شهواتهم والتغلب على شياطينهم إنه ولي ذلك والقادر عليه ...
مما راق لي
تحيتي لكم وخالص التقدير