الروعة في كل مكان


-8-


الأستاذ هارون يحيى




منتديات الفرات


التصميم المعجز لبلورات الثلج


عندما يتفحص المرء بلورات الثلج يرى أشكالاً متعددة ومختلفة فيما بينها. ويعتقد الباحثون أنّ متراً مكعباً من الثلج يحتوي على 350 مليون بلورة، وهذه البلورات جميعها تتّخذ شكل مضلّع سداسي، بيد أنّ هذه المضلّعات السّداسية تختلف فيما بينها من ناحية الشكل الذي تتّخذه. ولكن كيف ظهرت هذه الأشكال؟ كيف اختلفت فيما بينها؟ كيف حدث هذا التناسق فيما بينها؟ ما زالت الأبحاث جارية من قبل العلماء للتوصل إلى أجوبة عن هذه الأسئلة.
وكل شيء جديد يكتشف يضاف إلى رصيد الإعجاز الموجود في تصميم هذه البلورات الثلجية. إن الشكل المضلع السداسي للبلورة الثلجية، والتي لها أنواع مختلفة من ناحية التناسق والتماثل فيما بينها، يُعَدُّ دليلاً على الإبداع الإلهي في الخلق، ولا شكّ فهو البديع (أي الخالق دون وجود أنموذج سابق لخلقه) جل جلاله، وهو الله الذي يخلق الأشياء في أحسن صورة. وعندما نتفحص البلورة الثلجية سنجد أمامنا جانباً آخر من الإعجاز الإلهي.



إنّ هذه البلورات الثلجية التي تتجمع لتأخذ أشكالاً عديدة مثل الصّحون الصغيرة والكبيرة، أو الشكل النجمي أو حتى الشكل الدقيق جداً الذي يشبه رأس إبرة تحقق هذا الاختلاف في التشكل بوسيلة مثيرة للحيرة في العقول1 . ولا شك في أن هذا التركيب البلوري لحبات الثلج قد جلب انتباه الباحثين منذ سنوات عديدة. فقد أجريت الأبحاث ومازالت مستمرة منذ سنة 1945 لاكتشاف العوامل التي تشكل هذه البلورات بهذه الأشكال المختلفة. فحبّة الثلج تتألف من أكثر من مئتي بلورة ثلجية، والبلورات الثلجية هي عبارة عن مجموعة من جزيئات من الماء مرتبة ومنظمة بتناسق باهر فيما بينها. وتوصف هذه البلورات الثلجية بأنها بناء معماري بارع جداً، وهي تتشكل عندما يمر بخار الماء خلال السّحاب متعرضاً للبرودة، ويحدث هذا الأمر كالآتي:
يحتوي بخار الماء على جزيئات الماء التي تكون منتشرة بصورة عشوائية، وعندما تمر بين السحاب تتعرض للبرودة وبالتالي يقل نشاطها. وهذه الجزيئات التي أصبحت حركتها بطيئة تميل إلى التجمع فيما بينها ثمّ تتحول إلى جسم صلب. ولكن هذا التجمع لا يكون عشوائياً أبداً، بل على العكس إنه دائماً يكون باتحاد جزيئات الماء لتكوين مضلّعات سداسية مجهريّة منتظمة الشكل.
وكل قطعة ثلج تتكون في مرحلة أولى من مضلّع سداسي ويتبلور من جزيئات الماء، ومن ثمّ تأتي باقي المضلعات السداسية المتبلورة لتلتحم بالبلورة الأولى. والعامل الرئيسي في طريقة تشكيل هذه البلورة الثلجية- وكما شرح ذلك العلماء- هو الالتصاق المتسلسل لهذه المضلعات السداسية بعضها ببعض تماماً مثلما تتّحد حلقات السلسلة الواحدة.
والمفترض في هذه البلّورات هو أن تتخذ الشكل نفسه مهما اختلفت الحرارة والرطوبة، ولكنّ الذي يحصل هو أن شكلها يختلف باختلافهما. لماذا توجد هذه البلورات المتناسقة ذات الشكل المضلع السداسي في كل قطعة ثلج؟

ولماذا تأخذ شكلاً مختلفاً إحداها عن الأخرى؟
لماذا تكون حوافّ هذه الأشكال ذات زوايا بدلاً من أن تكون مستقيمة؟ ولا زال العلماء مستمرين في أبحاثهم سعياً وراء العثور عن الأجوبة . 2
ولكن الحقيقة الواضحة أن الله فاطر السموات والأرض هو الذي خلق كل شيء و سَوَّاه. لا شريك له وهو الأحد الصمد.