لحظة الموت
سبحان الذي جعل لكل شئ انتهاء وللعمر انقضاء وللوجود فناء
تبارك رب العالمين كل شئ هالك إلا وجهه الكريم له الحكم واليه ترجعون .
يقول الله في كتابه العزيز {قل إنّ الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالمِ الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} . .
عباد الله تذكروا دائماً في كل يوم نودع إلى القبور الأحباب والأصدقاء، وفي كل وقت نبكي الشيوخ والشباب فهل لنا أن نتذكر يوماً يُهال فيه علينا التراب كما أهلناه عليهم في الأمس، وتنقطع صلتنا بالدنيا وكأنها طيف خيال أو أوهام سراب .
فهل لنا يا عباد الملك القدوس أن نتذكر ساعة الاحتضار وخروج الروح من البدن والأولاد من حولنا يبكون والنساء تنوح ويكثر العويل، ويشتد الأنين .
وأنت يا مسكين ويا ضعيف على فراش الموت ممدود، ترى زوجتك وأولادك إلى وجهك ينظرون، يناديك ولدك بصوتٍ يقطع شرايين القلوب !
أبتي إني بعدك مسكين ! أبتي إني بعدك ذليل ! وتصرخ الزوجة: يا زوجي إلى أين الرحيل وهل من عودة ؟ أو سفرك طويل ؟! . . فتغرغر عينك بالدموع، وللموت رهبة وذلة وخشوع، ويلزم منك اللسان وتحاول النطق فيتعذر منك الكلام، وتطلب الخلاص ولكن جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد .
تذكر أيها المسكين ساعة توارى بالتراب ويفارقك الأولاد والأهل والأحباب . . تدور عيناك في قبر مظلم حالك الظلام، ولا ترى فيه أنيساً ولا جليساً، بل تبقى وحيداً فريداً ليس معك إلا ما قدمت يداك . . إلا تفكر يا صاحبي في المصير، وتحاسب نفسك قبل أن يحاسبك القوي القدير . . تصور الصراط ممدوداً أرفع من الشعرة وأحد من الحسام ولا يجوزه بأمان إلا صاحب العمل المحمود المشكور ومن حيرة العبد في مواقف الحساب يظن أن الكذب في هذه الأحوال جائز فإذا عرضت عليه أعماله السيئة أنكرها وقال: ما عملت هذا ولا فعلت هذا ولا تكلمت المنكر والقبح ولا قلته . . فيؤتى بالأشهاد وهم الملائكة المقربون فيشهدون بما شهدوا، فيقول العبد: ما شأنكم بي !! ولا أعرفكم ولم أركم فكيف عليَّ تشهدون، هنالك تخفت الأصوات وتنطق الجوارح بما عملت فتقول العين أنا نظرت ورأيت، والرجل تقول وأنا إلى الحرام سعيت . . وكذلك الفرج يقول أنا زنيت فيقول العبد لجوارحه كيف تشهدون عليّ ؟ فتجيبه قائله أنطقنا الله الذي انطق كل شئ . . فاللهم نجنا من هذه الأهوال والمحن .
خذ مصحفك – أخي – وضعه على قلبك الرقيق كي يحيى مواته . . كي يجعله قلباً طاهراً لا يتحرك إلا لله، ولا ينبض إلا بالإيمان العميق بالقرآن، ليسري فيه نور محمد – صلى الله عليه وسلم – ثم انطلق بعد ذلك في أجواء الحياة فخذ بيد الحائرين حتى تقودهم إلى رياض الإسلام، والى رياض القرآن إلى دعوة محمد – صلى الله عليه وسلم –