ان مرحلة الغيبة الصغرى هي أحدى مراحل إمامة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) .
فأن هذا الإمام وان غاب عن الأنظار فأنهُ موجود في جميع الأحداث التي تمر على الأمة الإسلامية ويعيش ألآمها ويفرح لأفراحها ويحزن لأحزانها.
ونلاحظ ان احتجاب الإمام المهدي في الغيبة الصغرى هو تمهيد للظهور المقدس وكما قال السيـد محمد باقـر الصدر (قدس سره) (( أن هــذه الغيبة إذ جاءت مفاجأة حققت صدمة كبيرة للأمة الإسلامية بعد ما كانت معتادة على الاتصال بإمامهم والرجوع اليه في مسائلهم وقضاياهم )) .
فإذا غاب الإمام عن شيعتهُ فجأة وشعروا بالانقطاع عن قيادتهم الروحية والفكرية سببت هذه الغيبة المفاجأة والإحساس بالفراغ الهائل وقد يضعف بالكيان كُله ويشتت شملهُ .
فكان لابد من وجود تمهيد لهذه الغيبة الصغرى والتي يختفي فيها الإمام عن الأنظار ويتصل بشيعته ومواليه عن طريق نوابه وهم الثقاة من أصحابه الموالين .
الذين يشكلون حلقة الوصل بينه وبين الناس , ومن المعلوم بحق جميع المسلمين ان الإمام المهدي (u) في فترة الغيبة الصغرى اتصل بشيعته ومواليه عن طريق نوابه .
وهم أربعة ممن أجمعت الشيعة على تقواهم وورعهم ونزاهتهم في الفترة التي عاشوا فيها .
فأخذوا ينقلون الأخبار إلى الإمام (u) وأخبار الإمام (u) إلى شيعته ومحبيه وأخذت الناس تسرع للاتصال بهم وقبول قولهم والانتهاء بنهيهم والدعوة إلى إمامهم .
وان النواب الذين شغلوا مركز النيابة عن الإمام (u) في عصر الغيبة الصغرى أربعـة وهـم :-

النائب الأول :-

هو الشيخ الموثوق عثمان بن سعيد العمري أبو عمر الاسدي وسمي بالعمري نسبة إلى جده .
لهُ من الأولاد محمد وهو السفير الثاني , وforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? .
لم يرد في المصادر التاريخية عام ولادته ولا عام وفاته وانما يرد اسمهُ أول ما يرد كوكيل خاص للإمام الهادي (u) وكان بتوثقهُ ويمدحه بمثل قوله :- (( هذا أبو عمر الثقة الأمين ما قاله لكم فعـني يقولهُ وما أداهُ اليكم فعـني يؤديه )) .
كما ان الإمام العسكري (u) قد نص في مجلس حافل بالخاصة من الرجال ويعدون بأربعين رجلا ً , عَرفَ فيهِ ولده المهدي (u) ونص فيه على إمامته وغيبته ونص فيه على وكالة عثمان بن سعيد عن الإمام المهدي (u) وسفاراته قائلا ً :-
(( فأقبلوا من عثمان ما يقوله وانتهوا إلى أمره أو اقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم والأمر اليه )) .
وبقى أبو عمرو مضطلعاً بمهام السفارة وقائماً بها خير قيام إلى ان يوافيه الأجل .
فيقوم ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان بتغسيله وتجهيزه وبدفنه .
وله الآن قبر مشيد ومعروف في بغداد يزار ويتبرك به الناس .





النائب الثاني :-

هو الشيخ الجليل محمد بن عثمان بن سعيد العمري .
تولى السفارة بعد أبيه , بنص الإمام العسكري (u) حيث قال (u) لوفد من اليمن :-
(( اشهدوا عليّ ان عثمان بن سعيد وكيلي وان أبنه محمد وكيل أبني المهدي )) .
وكذلك ينص أبيه على سفارته بأمر من المهدي (u) وكانت قواعده الشعبية مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته لا يختلف في ذلك اثنان من الإمامية , وكيف لا! وفيه وفي أبيه قال الإمام العسكري (u) لبعض أصحابه :-
(( العمري وأبنه ثقتان فما أديا فعني يؤديان , وما قالا فعني يقولان , فأسمع لهما وأطعهما .
فأنهما الثقتان المأمونان )) .
كانت التوقيعات تخرج على يد محمد بن عثمان من الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في المهمات طول حياته , وبالخط الذي كانت تخرج به في حياة أبيه عثمان .
لا يعرف الشيعة في ذلك الأمر غيره ولا ترجعإلى أحدٍ سواه .
وقد نقلت عنه دلائل كثيرة , ومعجزات الإمام (u) ظهرت على يده , وأمور أخبرهم بها عنه , فزادتهم في هذا الأمر بصيرة .
وبقي النائب الثاني مضطلعاً بمسؤولية السفارة حتى لقي ربه العظيم في جمادي الأولى سنة خمس وثلاثمائة أو أربع وثلاثمائة .
دُفن (رضوان الله عليه) عند والدته ُ في شارع باب الكـوفة في الموقع الذي كانت دوره ومنازله ُ فيه , وقبرهُ الآن مشيد معروف بالخلاني يزار للتبرك وللذكرى قدس الله روحه ُ الجنة .

النائب الثالث :-

هو الشيخ الجليل أبو القاسم الحسين بن روح أبن أبي بحر النوبختي من بني نوبخت .
وهو كغيره من السفراء لم يذكر عام ولادته ولا تأريخ مبدأ حياته , أنما يلمع نجمه كوكيل مفضل لأبي جعفر محمد بن عثمان العمري , ينظر في أملاكه ويلقي بأسراره لرؤساء الشيعة فكانت له المنزلة الرفيعة في قلوب الشيعة .
فلم يشك في أمره ولم يشك أحد في ادعائه النيابة عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) .
ان الشيخ أبا القاسم بن روح وصل إلى مرتبة عالية جداً من مراتب الإخلاص بحيث أنه لو كان الإمام تحت ذيله لما أخبر عنه .
وعلى أي حال فقد تولى الحسين بن روح السفارة عن الإمام (سلام الله عليه) بموت أبي جعفر العمري عام (305) إلى ان لحق بالرفيق الأعلى في شعبان عام ستة وعشرين وثلاثمائة. فتكون مدة النيابة له حوالي أحدى وعشرين سنة وقبره معروف في بغداد .

النائب الرابع :-

هو الشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري كذلك لم يذكر التاريخ عام ميلاده ولا تاريخ فجر حياته وانما ذكر أولا ً كواحد من أصحاب الإمام العسكري (u) .
ثم ذكر قائماً بمهام السفارة والنيابة المهدوية ببغداد , بعد الشيخ بن روح بإيعاز منه عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) .
تولى النيابة من حين وفاة أبو القاسم بن روح عام (326) إلى ان لحق بالرفيق الأعلى عام (329) في النصف من شعبان .
فتكون مـدة سفارته عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ثلاثة أعوام كاملة , فقد مارس فيها القيادة العامة للملايين بالنيابة عن إمامهم في ظروف معاكسة خطرة ودولة مراقبة ومطاردة لهذا الخط وللسائرين عليه .
أي في دولة مليئة في الظلم والجور وسفك الدماء .
بعد وفاته (رضوان الله عليه) أودع الأرض في قبره الذي هو في الشارع المعروف بشارع الخلنجي قريب من شاطئ نهر أبي عقاب وله الآن مزار معروف في بغداد يزوره الناس للتبرك .