الخط الثاني في أعمال الحج:
** هو خط التمــدّن **
فالحج عملية تدريب على التمدّن الإسلامي ,, وعملية مكافحة للبداوة والجهل ,, فـ كيف يكون ذلك ؟؟!!
إذا اعتبرنا أن معدل احتكاك المسلم اليومي بالأحكام الشرعية مئة مرة مثلاً ,, في الكلام والنظر
والسمع والبيع والشراء وكل ما يفعل أو يترك .. فإن أعلى معدل لاحتكاكه بالأحكام هو في أيام الحج المعدودة ,,
فـ الأحكام الإلهية تحيط بالحاج من كل جانب .. لباس الإحرام فيه كذا شرط وكذا حكم ,, والنية ,, والتلبية ,,
والكلام ,, والنظر ,, والسمع ,, وحك الجسد ,, والنوم ,, وجغرافية الأرض ,, والتعامل مع الحيوان والنبات ,,
والطواف والسعي ... إلى آخره ,,
في كل واحد من هذه الأمور عشرات الأحكام ,, مضافاً إلى الأحكام العادية .. كما ان معدل الأحكام
الجزائية في الحج أعلى معدل في حياة المسلم ,, فهذه المخالفة عليها كفـّارة كذا ,, وهذه عليها كفـّارة أخرى ..
هذه الكثافة في الأحكام الشرعية تجعل الإنسان يستنفر عقله وحسه ,, ويحسب سلوكه باللفظة والنظرة ,,
وحركة القدم ,, وحركة اليد .. وتعلـّمه من إرهاف الحس والدقـّة والمدنية الكثير الكثير ..
حتى أصبح المُحرم مَضرَب المثل للإنسان الدقيق في تصرفه وتعامله ,, والذي يحسب في كل
صغيرة وكبيرة حساب إحرامه لله تعالى ومثوله بين يديه ..
مَضرَب المثل في حالة التقوى السلوكية العالية ,, وهي حالة الإرهاف الشاعرية
في تعاطي الحياة أو المدنيّة ..
يقول أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) ما معناه قُلتُ له:
يا ابن رسول الله ,, مضى عليّ أربعون سنة وأنا أسألك عن أحكام الحج ومانفدت ..
فأجابني: يافلان ,, بيتٌ تعبّد الله به خلقـَه منذ أوجدهم ,, تريد أن تنفد أحكامه في أربعين سنة ؟!!
ولنا عوده مع تكملة الخطوط العضيمة في أعمال فريضة الحج
ودمتم سالمين