ماذا تعبر لكم قصيدة الشاعر نزار قباني ومدى ارتباطها بواقع الانسان العراقي
مواطنون..... دونما وطن
مطاردون كالعصافير على خارطة الزمن
مسافرون دون اوراق
وموتى دون كفن
نبحث عن قبيلة تقبلنا
نبحث عن عائلة تعيلنا
نبحث عن ستارة تسترنا
وعن سكن
وحولنا اولادنا
احدودبت ظهورهم .وشاخوا
وهم يبحثون في المعجم القديمة
عن جنة نظيرة عن كذبة كبيرة
اسمها الوطن
موطنون نحن في مدن البكاء
لا احد يعرفنا في هذه الصحراء
لانخلة.لاناقة
لا وتد .لا خنجر
لاهند.لاعفراء
اوراقنا مريبة
افكارنا غريبة
فلا اللذين يشربون النفط يعرفوننا
ولا اللذين يشربون الدمع والشقاء
معتقلون....
داخل النص اللذي يكتبه حكامنا
معتقلون....
داخل الحزن.واحلى ما بنا احزاننا
مراقبون نحن في المقهى وفي البيت
وفي ارحام امهاتنا
حيث تلفتنا.وجدنا المخبر السري في انتظارنا
يشرب من قهوتنا
ينام في فراشنا
يعبث في بريدنا
ينكش في اوراقنا
يدخل في انوفنا
يخرج من سعالنا
لساننا مقطوع
وراسنا مقطوع
وخبزنا مبلل في الخوف والدموع
اذا ..تظلمنا الى حامي الحمى
قيل لنا ممنوع
واذا تضرعنا الى رب السما
قيل لنا ممنوع
وان هتفنا:
يارسول الله كن في عوننا
يعطوننا تاشيرة من غير ما رجوع
وان طلبنا قلما
لنتكتب القصيدة الاخيرة
او نكتب الوصية الاخيرة
قبيل مانموت شنقا
غيروا الموضوع
يا وطني المصلوب فوق حائط الكراهية
يا كرة النار تسير نحو الهاوية
لا احد من بني مضر.او من بني ثقيف
اعطى لهذا الوطن الغارق بالنزيف
زجاجة من دمه
لا احد. على امتداد العباءة المرقعة
اهداك احد معطفا او قبعة
يا وطني المكسور مثل عشبة الخريف
مقتلعون نحن كالاشجار من مكاننا
مهجرون من امانينا, وذكرياتنا
عيوننا تخاف من اهدابنا
شفاهنا تخاف من اصواتنا
حكامنا الهة يجري الدم الازرق في عروقهم
ونحن نسل الجارية
لا سادة الحجاز يعرفوننا
ولا رعاع البادية
ولا ابو الطيب يستضيفنا
ولا ابو العتاهية
مهاجرون نحن في مرافئ التعب
لا احد يريدنا
من بحر بيروت الى بحر العرب
لا الفاطميون ولا القرامطة
ولا المماليك ولا البرامكة
لا الشياطين ولا الملائكة
ولا احد يريدنا...
في المدن اللتي تقايض البترول بالنساء
والتاريخ بالقروش.والانسان بالذهب
وشعبها ياكل من نشارة الخشب
لا احد يريدنا
في مدن المقاولين,والمضاربين,والمستوردين
والمصدرين,والملمعين جزمة السلطة
والمثقفين حسب المنهج الرسمي
والمستاجرين كي يقولوا الشعر
والمقشرين اللوز ,والتفاح للمملوك
والمهرجين
والمخوضين في دمائنا حتى الركب
في مدن الملح اللتي تذبح في العام
ملايين الكتب
لا احد يقرؤنا
في مدن
اصبحت مباحث الدولة
عراب الادب
مسافرون نحن في سفينة الاحزان
قائدنا مرتزق
وشيخنا قرصان
مكومون في الاقفاص كالجرذان
لا مرفا يقبلنا
كل الجوازات اللتي نحملها
اصدرها الشيطان
كل الكتابات اللتي نكتبها
لا تعجب السلطان
مسافرون خارج الزمان والمكان
مسافرون ضيعوا نقودهم
وضيعوا متاعهم.وضيعوا ابنائهم
وضيعوا الاحساس بالامان
فلا بنو هاشم يعروفوننا ولا بنو قحطان
ولا بنو ربيعة ولا بنو شيبان
ولا بنو (لينين)ولا بنو (ريغان)
ياموطني كل العصافير لها منازل
الا العصافير اللتي تحترف الحرية
تموت خارج الاوطان
نزار قباني