في العقد الأخير من الألفية المنصرمة اختلفت الرؤيا الدولية في حل النزاعات والخلافات السياسية والعسكرية بعدما أصبحت الولايات المتحدة القطب الواحد الذي يستطيع بالتعاون مع حلف الشمال أن يقود العالم الجديد وفق الرؤيا التي تنطبق مع تسابق الزمن للتغير في العالم . التغيير وان كانت بعض نتائجه الآنية لاتنطبق مع رغبات الشعوب بسبب تعود الإنسان في تلك الدول على نمط معين استمر عليه لعقود كثيرة كما حدث في العراق أو يوغسلافيا السابقة . احد الكتاب قال إن الرئيس اليوغسلافي جوزيف بروز تيتو ( كان يجلس على بئر العقارب . حتى إذا مات . انكشف البئر . وخرجت العقارب . توزع سمومها يمينا وشمالا ) . وأصبحت جمهورية يوغسلافيا الاتحادية في مهب الريح والرغبات الحزبية والقومية والدينية وجرت المذابح تلو المذابح وتمزقت البلاد وتفرقت العباد . وكانت ( البوسنة المسلمة ) هدفا سهلا لكل متعطشي الدماء في العالم الموحش وعندما وصلت صرخات الاستغاثة من شعب البوسنة وتدخلت الأمم المتحدة بقواتها الدولية لمنع مجرمي الحرب من الإيغال في جرائمهم الحربية ضد شعب البوسنة المدني . لم يستقر الحال لصالح احد ممن جاءت له القوات الدولية نصيرا وعونا . بل وأصبحت هذه القوات هدفا سهلا لطيران كراديتش .تدخلت هنا قوات حلف الشمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة ونزلت قواتها تطارد مجرمي الحرب واستقرت الأمور نسبيا هنا طالبت حكومة البوسنة وبرلمانها من القوات البقاء وعقد اتفاقية شراكة لتضمن سلامة أراضيها ومواطنيها من حسابات الاستضعاف والتدخل الصربي وبذلك حافظت البوسنة على استقلالها ومضت في مشاريع التنمية الاقتصادية وهي ألان مستقرة ومزدهرة وستكون ضمن المجتمع الأوربي . لقد أيقنت البوسنة من إن الشراكة الدولية ليست عيبا أو عقدا يخل بالسيادة إذا كانت تلك الشراكة مبنية على الأسس السليمة في تبادل المنفعة . لذا فإننا نضع هذا الدرس أمام منصة البرلمان العراقي ليدلوا بدلوهم في الموافقة على مسودة الاتفاقية بعدما وصل الرد بالتصحيحات والتعديلات الخمسة التي أوردناه في مقال سابق وليحمل البرلمانيون الأمانة بكل مااوتوا من دعم أصوات ناخبيهم . وليضعوا مصلحة العراق وشعبه أمام أعينهم . متناسين الخلافات الجانبية فيما بينهم كأعضاء برلمان . لقد تعودنا المساجلات الكلامية والمزايدات الوطنية على مرور الزمن . نريد اليوم منكم أيها السادة ان تجمعوا كل قواكم لتضعوا العراق في مقدمة البلدان التي تؤمن بالديمقراطية التي أوصلتكم إلى مقاعد البرلمان ولنتخذ من البوسنة أسوة حسنة لبلادنا . لقد أعلن مجلس الرئاسة العراقية في تصريح للدباغ ان البرلمان سيكون له القول الفصل في الإقرار النهائي لهذه القضية التاريخية المهمة وفي هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها عراقنا الحبيب .
نحن لانريد صومال أخر ولامحاكم إسلامية ولا متمردين يعيثون بالأرض فسادا . إن قضية الصومال ماتزال معلقة بعدما انسحب الجيش الأميركي منها وهاهي تتخبط بدماء أبناءها بعدما رفضت حصانة البلاد ورفضت الشراكة والاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة وبقيت صيدا سهلا لعصابات فرح عيديد وتنظيمات القاعدة والتنظيمات العرقية .
أن الاتفاقية في صيغتها الحالية تسمح للقوات الأمريكية بالبقاء في العراق لمدة ثلاثة أعوام أخرى. وبعد ان اقر مجلس الوزراء العراقي الاتفاقية فسوف ترفع الى مجلسكم ايها البرلمانيون . لان الاتفاقية انتهت مفاوضاتها . واقرها الطرفين
وللتنويه فقط . فقد حظيت الاتفاقية بموافقة 27 من أعضاء الحكومة ، وأنها وضعت تاريخا محددا ونهائيا في الثلاثين من يونيو/حزيران 2009 لانسحاب القوات الأمريكية من المدن واكتمال الانسحاب للقوات في 31 ديسمبر/كانون الأول 2011. ان تصويتكم ايها السادة في 24 من الشهر الجاري سيكون نقطة تحول الى عراق ينشد فيه الجميع السلام ورعاية حقوق المواطن . بعد ان انتهينا من الحرب الطائفية في كانون المقبل سيعود المجال الجوي العراقي إلى السيطرة العراقية الى العراق كما سيستعيد العراق سيطرته على الترددات الجوية