من انا ؟
قادم من ارض الملح والبارود..مدينتي التي لاتشبه اي مدينة ..مدينة الشمس والرماد وهياكل الفوضى ...
السماء فوقها لاتمطر العافية بل تتواعد مع الرمال ليحتفل القحط وتشرأب اعناق الدم من رحم الجاهلية...شياطين الدهور التي يتسلق عاقولها على اضلاع البيوت تنبت اشواكا في اسرة العذارى ورصاصات في رؤوس الرجال ..
كلهم مروا من هنا ...
العابرون صوب المغيب ..ذهبوا الى حيث اللاعودة ..الى خلف الافق الغارب المدجج بالحزن ورائحة الخطيئة واثام الكراسي ..
كلهم مروا من هنا
دعسوا بكعوب أحذيتهم دفاتر الصبية الملطخة بسخام القدور ..وأراحو حوافر جيادهم فوق أضلاع المدينة لترحل معهم اعيادنا كلها ..
الشفاه في مدينتي تحلم بالخبز والعافية ..وتتكسر بينها ألوف الحكايات .. والوف الاساطير التي سقطت من متاع انكيدو وهو يغيب في قصب سومر وظلمات اوروك ..اساطير الحلوى وبابا نؤيل والضحك بصوت مسموع لازالت تمسح اكتاف المأذن ..وتقرع اجارسنا الصدئة بصمت عتيق..
في مدينتي التي لاتنتي الى اية مدينة تختلط الالوان الهابطة من غموض السماء على جباه الباحثين عن الخلود والموت والميلاد وعواء الانسانية الطويل...اقدامنا التي تتحفى وجلا في حضرة القديسين ورحاب الاطهار تدوس فوق الطين والتراب المشبع بملح الارض وعظام الموتى وقشور الشوارع ..الشوارع التي تتوالد بكثرة ..تولد جائعة وتموت جائعة ..
وبين رحلة الموت والميلاد جوع لاينتهي ...
مرتحلة هذه المدينة في جنازة تحمل نعشها خرائب بابل وتنعق فوقها غربان الخطيئة ..
لم ينتحر قايبل في ازقة المدينة وهو يحمل دماغا تنهشه الالم الجريمة وطهارة العقاب ..العهر في ميادين المدينة لازال ينهش جلود الفقراء ويذوب بين فكيه حديد الحرب وطعم الانوثة ..
الانوثة في مدينتي لاتعني ان يكون لك فاخر يعطره الياسمين ..
فالرجال ليس لديهم وقت للحب ..
رجالنا هنا لايعبأون بعطر النساء وابتسامة الاطفال ..
أن تكون رجلا يعني أن تستولي على كل شيء ..الليل والنهار ..سيقان الشجر ..ودروبنا المتسخة ..
وحشية الشمس وانانية المطر لازالت تغازل خنازيرنا التي لاتستدير نحو ضحاياها ..الذين يسقطون وهم يحلمون ان يسكن مدينتي السلام ..
لكن السلام ومدينتي عدوان لدودان ..