وهي بعنوان ...

(دندوشه )

في زمن ناصر باشا السعدون موسس مدينة الناصريه. في وفي العام 1885 تقريبا اشتهرت هناك
قصة حب واقعيه بطلتها (دندوشه) او دنادش كما يود الشاعر محسن السيد نعمه الجابري.. ان يسميها
في الغالب.
تلك الفتاه التي استلهم منها اعذب اغانيه وكتب فيها(999) بيتا من الشعر وعندما سئل لماذا لم تكمل
الرقم الى الالف فقال اني ارى الرقم -999- اكبر باللفظ من الاف...... فمن هذه الفتاة؟
انها فتاة جميله جدا تدعى (دندوشه) جاء بها والدها بعد ان ابعـده الشيخ ناصر الاشقر عندما كان
للاخير الحكم في امارة المنتفق او المنتفج ابعده من منطقه الشطره الى العماره وقد اشار عليه البعض
بالسكن بالقرب من السيد محسن لكون الاخير هو ابن خالة الشيخ ناصر. كما يتمتع بنفوذ ومكانة
اجتماعـيه بين الناس حيث كان مهاب الجانب لدي الخاصه والعامه ليحتمي والد دندوشه بظله وحمايته
فاقاما علاقه وديه بينه و بين الشاعر السيد محسن حيث ان نساء وخدم السيد محسن يقمن بزيارة بيت
والد دندوشه وقد نقلن صفات دندوشه وما تتمتع به من جمال الي مسامع السيد محسن فكان ذالك سببا
في دخول هوى دندوشه الى قلبه.
وكما قال الشاعر العربي بشار بن برد
ياقوم اذني لبعض الحي عاشقة.........والأذن تعشق قبل العين احيانا
هكذا تمكن هوى دندوشه من التحكم بعاطفته حتى جعله هائما لايستقر له حال ومما زاد من عشقه لها
وبحكم العادات والتقاليد كأبناء الريف انه لا يستطيع رويتها, ولكن هذا لا يمنع الشاعرالسيد محسن من
البوح بهذا العشق... فكتب فيها الابيات الشعريه والتي حفظها الرجال وتغنت بها النساء مما ذاع صيته
بين القبائل فنصحه معظم الناس بالكف عن هذا العشق خوفا على مكانته الاجتماعيه. وخصوصا ابناء
عمومته فلم يستمع الى ذالك من الجميع, ثم تمر الايام ثقيله عليه فيتقدم ليخطبها من ابيها. ولكن اباها
رفض الطلب جريا على عادة العرب في السابق حيث لايزوجون البنت عندما تشاع الاخبار عن علاقتها
بشخص اخر و ذلك لاثبات عذريتها.
وقد ادى ذلك الى تمسك السيد محسن بمحبوبته فأصبح هائما لا يهدا له بال ولا يستقر له حال واصفا
ذلك في هذا البيت الشعري....
بيا وادي تنابيني وناوين.................وانا اين
تون دندوشه ابشوكي وناوين.......... و انا كذالك
اهلها شلون رادتهم واناوين...............ماهي نيتهم
حجولي بالكطع و اكطعو بيـــــــه
و قد تزوج في حياته ثمانيه نساء, كانت ثلاث منهن قبل ان تدخل دندوشه حياته وكانت من بينهن زليخه
اخت الشاعر حسين العبادي وهو الرائد في شعر الابوذيه, وقد عاتبته ذات يوم عندما رات منه
الاعراض عن زوجاته و الانشغال بدندوشه, فأجابها..
لهلجن يا حطاري البر لهلجن
وعليجن لااكطع الفيه لهلجن
جغاسي خوذي زليخه ولهلجن
عواد و ما بجن وحده طريه
ثم عاش فتره من الزمن منعزلا عن الناس جاعلا من حب دندوشه سجنه الجميل وعذابه سجانه فكتب يقول.....
حبيبي دك بذرعانه ولجتاف ....الاكتاف
بضلعي كاسر اللبي ولجتاف...اللبي والاكتاف اجزاء فاله الصيد
رضيت بحبس دندوشه و لجتاف......الكتاف
وهي سجانتي و تفتر عليـــــه
وذات يوم خرجت دندوشه من بيت ابيها يحيط بها الخدم قاصده الى بيت رجل صابئي بالقرب من دارها
لشراء قطعه ذهبيه *حجل* فشاهدها السيد محسن لاول مره في حياته فقال لمن حوله مشيرا لها . ان
هذه دندوشه بلا شك, و ما ان سمع الجواب ب *نعم* حتى سقط مغشيا عليه. فشاهدت دندوشه حركة
الرجال حول السيد محسن جاءته مهروله حتى وقفت عليه ودموعها تجري على خديها ففتح عينيه
وكانه احس بوجودها فقال بلوعه و ألم.....
صبي يا دموع العين صبي
وعلى خشف الطلع من بيت صبي
لوني موش مسلم صرت صبي
وصوغ احجول دندوشه بديه
ثم وفي موضوع اخر يقول...
يعين الريم يالمارج من احذاي
سهيت وفلتن اجدامي من احذاي
بجيت انه و بجه جاري من احذاي
وبجت حتى *جغاسي* الصالحــيه(جغاسي زوجته الثانيه)
وفي احدى الليالي التي لم ير فيها طعم النوم قال معاتبا محبوبته دندوشه....
من مثلي يون بالكون ونتام... انين تام
بس انه و جثير الويد ونتام... اصبح بيني و بينه انتماء
علي نومي ايتنغص دوم ونتام... و انتم
سرت بعيونكم نومه هنيـــــه
و اصبح ذات يوم مبكرا فشاهد الابل بالقرب من بيت والد دندوشه و هي تستعد للرحيل وقد قام الرجال
بوضع الواح من الخشب على ضهر الابل تسمى *حيازه* فنادى الشاعر السيد محسن على الرجال
يقوم بخدمته اسمه *شاطي*...
يشاطي الزمل برك حيزوله....وضعوا له الحواجز
كلوب الرحم كلت حيزوله.....يحجزونه
هم يكبل و اكولن حيزوله....*الزول* الشكل
هله يالحاشك الباري عليـــــه
و لما اخبره شاطي بانهم يريدون الرحيل الى البصره التي تسمى انذاك الميناء. نزل هذا الخبر على قلب
و عقل السيد محسن نزول الصاعقه, و في هذا الوقت كان يمسك بابريق فيه ماء ينوي اداء فرض
الصلاة فضل ماسكا بالابريق سائرا خلف الابل ينشد الشعر و هو يخاطب قائد الابل *الحادي*....
يحادي الضعن ريض و انه اسلكم.... اسالكم
اريد ارفج معاكم و انه اسلكم.... سلوة لكم
تره تسلون حيلي و انه اسلكم.... اصيبكم بمرض السل
هوى البيكم تنشه و ماتهيه
**
للميناء اكد غوجي ولاعن.... له اقصد
لحين اينوحن اعليه ولاعن...من اللوعه
بارض المنتفج لا اسكن ولاعن....لااستقر
دندوشه مشت وشبعد ليـــــه *****


محنه مامحن غيري محنه....المحنه
سبيب اشقر على متونه محنه...الحناء
لون بكلب دندوشه محنه....العاطفه
جامن غربت وصت علـــيه

ثم اراد ان يورخ يوم الرحيل لما له من وقع في نفسه

تحب روحي ترافجهم وتسعه..السعي
غرامك الم بجروحي و تسعه.... الاتساع
سنو الف و ثلث ميه وتسعه
بربيع اول ضعنهم كطع فيـــه
عاش الشاعر السيد محسن بعد رحيل محبوبته دندوشه الى ارض البصره اصعب ايام حياته و كان
شارد الذهن لايسقر له حال. يلاحقه خيال دندوشه وصورتها لاتفارق عينيه و كان اول خبر يصل الى
مسامعه و هو زواج دندوشه وقد رزقت بولد من زوجها فكتب يقول....
تهدي من نسيم الريح يابت
ومن كلبي انكطع بتين يابت
من كالو دنادش ولد يابت
كلت هالحين صارت موش اليـــــــه
ثم عدل عن رايه قائلا في نفسه ليس من الوفاء ترك هوى دندوشه والتخلي عنها,,,,
لفه خطج يدندوشه و تاني.... اتى اليه
ومن حيلي انكطع حبل الوتاني... الوتين
اظل انطر لبت بتج وتاني...انتظر
و بلكت من بزرها يحن عليـــه
وهكذا ختم الشاعر السيد محسن حياته بعد ان ترك تراثا ضخما من شعر الابوذيه مطبوعا في ذاكرة
الزمن و تحتفظ به ذائقة المحبين للادب الشعبي, رحل تاركا بصمات واضحه في سجل المبدعين كاحد
ابناء جيل الرواد الذين انجبهم رحم مدينة سوق الشيوخ.